< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/08/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     تلخيص كلام الكفاية.

     إشكال الشيخ النائيني (ره) لا تمييز بين الفعل والترك.

     تعدد المتعلق على نحو طولي لا عرضي.

ملخص ما مرّ: الكلام في العبادات المكروهة والمنهي عنها، صاحب الكفاية (ره) عرّج على العبادات المنهي عنها ردا على جعل بعضهم لها دليلا على جواز اجتماع الامر والنهي. فقال المستدل: صوم عاشوراء مأمور به لانه صوم ومنهي عنه لانه صوم عاشوراء. لان هذا دليل على امكان اجتماع الامر والنهي في واحد بالوقوع، والوقوع تارة شرعي كصوم عاشوراء والصلاة في الحمام فهذا شيء منهي عنه وفي نفس الوقت هو مأمور به، فإذن كما وقع اجتماع الامر والنهي في واحد إذن يدل على امكانه، لان خير دليل على الامكان هو الوقوع. واستدل أيضا بالوقوع العرفي وسيأتي.

إذن هو دخل في مسألة العبادات المنهي عنها بتفصيل في مقام الجواب على الاستدلال على ان اجتماع الامر والنهي في واحد امر قد وقع شرعا إذن يمكن عقلا، وخير دليل على الامكان هو الوقوع، هذا الاستدلال هو الذي دفع صاحب الكفاية (ره) إلى التعريج على بحث العبادات المنهي عنها في هذا الموقع رغم ان موقعها في مسألة النهي عن العبادة لكنه عجل الموضوع وبحثها هنا.

صاحب الكفاية قال ان هذه الامور لا تدل على جواز اجتماع الامر والنهي في واحد لانها ليست من باب اجتماع الامر والنهي في واحد، وذلك لان اجتماع الامر والنهي في واحد يعني في متعلّق واحد، وهذه الامور ليست في متعلّق واحد بل في متعلقين، ولذلك قسم العبادات إلى ثلاثة اقسام: قسم ليس له بدل مثل صوم عاشوراء، وقسم له بدل كالصلاة في الحمام، وقسم منهي عنه بعنوان آخر وهو الصلاة في موضع التهمة.

وكان جواب صاحب الكفاية انه في الاقسام الثلاثة لا يوجد اجتماع الامر والنهي في واحد، وحتى لا تبقى المسألة متشابكة فلنفصل بينها. اما ما ليس له بدل فيوجد في الحقيقة امران: الامر الاول الصوم والثاني الامر بترك الصوم، ومع وجود الامرين يصبح من باب التزاحم، فإذن اين اجماع الامر والنهي مع وجود حكمين متعلقين بامرين، هذا القسم الاول. اما القسم الثاني وهو الصلاة في الحمام لا يوجد نهي حقيقة بل هناك اقلية ثواب، الصلاة قد تتشخص في المسجد فيكون لها مزيّة، وإذا تشخصت في الدار تكون بثواب اقل، وإذا تشخصت في الحمام حيث انه مكان غير ملائم فصار الثواب اقل. فنفس المتعلّق في الافراد الثلاثة، وهو كلي الصلاة وليس هناك نهي اصلا بل هو بيان لاقليّة الثواب، ويكون النهي عن الصلاة في الحمام نهيا ارشاديا يبين اقلية الثواب. وأما القسم الثالث وهو ما كان بعنوانين، الصلاة مأمور بها والكون في مواضع التهمة ايضا منهي عنه، فهذان عنوانا مختلفان، فهذان متعلقان كل واحد يختلف عن الآخر فآين اجتماع الامر والنهي؟ اين ما ادعيتموه انه اجتماع امر ونهي وأن هذا دليل على الجواز؟!

يقول صاحب الكفاية: وقد انقدح بما ذكرناه، انه لا مجال أصلا لتفسير الكراهة في العبادة باقلية الثواب في القسم الاول مطلقا [1] ، وفي هذا القسم على القول بالجواز، كما انقدح حال اجتماع الوجوب والاستحباب فيها [2] ، وان الامر الاستحبابي يكون على نحو الارشاد إلى افضل الافراد مطلقا على نحو الحقيقة، ومولويا اقتضائيا كذلك وفعليا بالعرض والمجاز فيما كان ملاكه ملازمتها لما هو مستحب، أو متحدا معه على القول بالجواز. [3]

ولا يخفى أنه لا يكاد يأتي القسم الأول هاهنا، فإن انطباق عنوان راجح على الفعل الواجب الذي لا بدل له إنما يؤكد إيجابه، لا أنه يوجب استحبابه أصلا [4] ، ولو بالعرض والمجاز، إلا على القول بالجواز، وكذا فيما إذا لازم مثل هذا العنوان، فإنه لو لم يؤكد الايجاب لما يصحح الاستحباب إلا اقتضائيا بالعرض والمجاز، فتفطن. انتهى كلامه رفع مقامه.

النائيني (ره) لم يخالف كثيرا صاحب الكفاية لكنه يقول ان هناك مصلحتين ومتعلقين موجودين ، كل ما في الامر ان التعلق طولي لا عرضي، بمعنى ان العرضي يكون هناك مصلحتين متوازيتين فيتزاحما. يقول اصلا لا يوجد تزاحم هنا في كل الاقسام، بل هو عبادة تعلق بها نهي كما هي.

إشكال الشيخ النائيني (ره) على صاحب الكفاية: علّق النائيني على رأي صاحب الكفاية من أن العبادات المكروهة تشتمل على مصلحة وان الترك يشتمل على مصلحة أخرى إما بنفسه أو بعنوان يلزمه فيدور الامر في المسألة بين مصلحتين: مصلحة الفعل ومصلحة الترك، كان ذلك من باب التعارض لا من باب التزاحم. وذلك لان الحكمين المجعولين وكانا من الضدين او النقيضين إما ان يحعلا تعيينا – بمعنى أن كليهما مطلوب فعلي – فهذا تكليف بالمحال،

النائيني (ره) قال: هل يمكن ان نتعقل التخيير بين الفعل والترك؟ قال ان الفعل والترك لا يتصوران عقلا.

لا تخيير بين الفعل والترك: وإما ان يجعلا على نحو التخيير فهذا طلب الحاصل لان المكلف هو في إحدى حالتين لا ثالث لهما: إما الفعل أو الترك، وهذا حاصل منه على كل حال لأن المكلف فعلا إما فاعل أو تارك فهو طلب تحصيل الحاصل وهو محال.

تخريج النائيني للعبادات المكروهة: ولذا يذهب الشيخ النائيني (ره) إلى كون العبادات المكروهة هي من باب تعدد المتعلق ولكن على نحو طولي لا عرضي كاستيجار العبادات. غدا ان شاء الله نوضح كلام النائيني ونوضح المختار.

 


[1] لان القسم الاول عبارة عن متعلقين. وأما اقلية الثواب، وما معنى اقلية الثواب فتكون في المتعلّق الواحد والشيء الواحد. يعني نفس الامر بحسب تشخصه يختلف ثوابا، يزيد ثوابه او ينقص، لكن نفسه وليس شيئين بل هو شيء واحد.
[2] الوجوب والاستحباب حكمان ضدان متضادان، فكما ان الامر والنهي لا يجتمعان كذلك الوجوب والاستحباب لا يجتمعان لان الاحكام الخمسة متضادة.
[3] قلنا في القسم الاول اما ان يكون هناك عنوان متحد معه او عنوان ملازم له. والنتيجة ان هناك عنوانا آخر له مصلحة.
[4] قلنا انه هناك اندكاك، وعند الاندكاك يأخذ هذا من ذاك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo