< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

38/06/03

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: الحاجة إلى علم الرجال.

     ملخص الحاجة إلى علم الرجال.

     تاريخ علم الرجال في القرن الاول والثاني.

ونلخص ما مرّ في الحاجة إلى علم الرجال في نقاط:

الاولى: إن لفظ الصحيح من الأخبار والآثار استعمل غالبا في معنى المعتبر والحجة، وإن للصحيح ثلاثة استعمالات: الاول: بمعنى الصادر عن أهل بيت العصمة (ع)، والثاني: بمعنى المعتبر والحجة، والثالث: بمعنى ما كان سنده عدل عن عدل، كما هو في التقسيم الرباعي المعروف عن العلامة من أن الخبر أربعة أقسام: صحيح وحسن وموثق وضعيف.

الثاني: إن الكتب الأربعة: الكافي للكليني ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق والتهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي ليست قطعية الصدور، وذلك لأن شهادة أصحابها بصحتها ظاهرة في المعنى الثاني للصحة، أي معتبرة عندهم، وهذا اجتهاد وحدس منهم لسنا ملزمين بالأخذ به، لأننا ملزمون بالأخذ بنقلهم لثقتنا بهم دون لزوم الأخذ باجتهادهم. كذلك فإن أصحاب الكتب الأربعة قد أسقط بعضهم بعض أخبار الآخر، كما اسقط الشيخ الطوسي بعض روايات الكافي. كذلك بعض الفقهاء القريبين من عصرهم كالشيخ المفيد (ره)، كذلك وجود الاخبار المتعارضة. وقد بيّنا اسباب عدم القطع بصدورها مفصلا.

الثالثة: الكتب الأخرى التي أخذ صاحب الوسائل رواياته منها أيضا غير قطعية الصدور.

الرابعة: أن الجو العام للروايات المنقولة في هذه الكتب هي الوثاقة، كذلك في كتب الرجال، ثم في عالم الاستنباط تؤخذ كل رواية على حدة في البحث عن اعتبارها، وهذا الجو التوثيقي العام ينفعنا في حصول الاطمئنان عند عدم الموانع.

وسنتمم ابحاثنا إن شاء الله على المنهاج التالي:

    1. نظرة في تاريخ علم الرجال ومن ألّفوا فيه والكتب المؤلفة فيه.

    2. القواعد العامة للتوثيق، مثلا كيف نوثق الراوي وقلنا ان التوثيق ثلاثة: إما نص من المعصوم أو اطمئنان شخصي بقرائن متعددة (تراكم الاحتمالات) أو القواعد العامة.

نظرة في تاريخ علم الرجال:

ذكر الشيخ محمد ابو زهرة وهو من كبار الكتاب المصريين المعاصرين في كتابه " الامام الصادق " أن اوّل من كتب من الشيعة في علم الرجال هو الشيخ الطوسي (ره) في كتابه " الفهرست " وقد اعتبر أن الشيخ الطوسي (ره) فتح أفقا جديدا للثقافة الشيعية.

ومع شكرنا له في بحثه عن رجال الشيعة، لكنه بحث ناقص، فقد ذكر الشيخ الطوسي (ره) نفسه بعض الكتب الرجالية السابقة عليه.

ثم إننا إذا وسعنا مفهوم علم الرجال [1] لما يشمل الفهارس والتراجم، يمكن القول بأن اوّل من كتب فيه هو عبد الله بن أبي رافع من علماء القرن الأول الهجري، صاحب أمير المؤمنين علي (ع) وصاحب بيت المال والامين عليه، وهو ثقة عين عند جميع المسلمين حتى عند أبناء العامة، فقد وثقه الخطيب البغدادي وابن سعد وابن حجر العسقلاني وابن حِبّان. وقد ذكر الشيخ الطوسي (ره) في الفهرست هذا الكتاب تحت عنوان " تسمية من شهد مع أمير المؤمنين (ع) الجمل وصفين والنهروان من الصحابة (رض ) كما ذكر سنده إليه فيه أيضا. [2]

وأعتقد أن الدافع الذي دفع ابن ابي رافع لكتابة هذا الكتاب هو الوضع السياسي، في زمن كان الصراع محتدما بين علي (ع) ومعاوية، وبين أهل الحق والاسلام الحقيقي وبني اميّة والفكر الاموي، لان بني امية حاربوا الاسلام واحد وعشرين عاما إلى فتح مكّة. حيث كان صحابة رسول الله (ص) لهم احترام بالغ بين المسلمين، وخصوصا من حضر بدرا والبيعتين، فاراد عبيد الله بن ابي رافع أن يذَّكر الناس بأن هؤلاء كانوا إجمالا في صف علي (ع) وفي ذلك دحض لجهود معاوية بن أبي سفيان الذي كان يحاول جاهدا اكتساب شرعية له ولو بأوهام ككونه كاتب الوحي أو بأمور لا تصلح دليلا ككونه خال المؤمنين، حيث إن أخته أم حبيبة هي من زوجات الرسول (ص) من دون البحث في خلفية هذا الزواج.

وفي الكتاب إشارة ايضا إلى أن الذين نصروا رسول الله (ص) هم الآن ينصرون عليا، وفي المقابل الذين حاربوا رسول الله (ص) هم يحاربون الآن عليا (ع).

وقد ذكر العلامة الكبير اغا بزرك الطهراني في كتابه " الذريعة " أن الكتاب حدث سنة 40 هجرية تقريبا، وهذا الكلام معقول لأن الكتاب كتب بعد حرب صفين والنهروان بلا شك لأنه يذكر أسماء من شارك فيها من الصحابة. وهذا لا ينافي كون ابن أبي رافع بقي حيا إلى نهاية القرن الاول الهجري كما ذكر في الفهرست.

القرن الثاني:

عن علماء الرجال في هذا القرن: يحي بن عبد الله بن معاوية الكندي الأجلح ابو حجية المتوفي سنة 145 ه . ذكره

 

الطوسي في رجاله [3] ، وقد ذكر الطهراني أغا بزرك له كتاب " تسمية من شهد مع علي بن ابي طالب (ع) من أصحاب الرسول (ص)"، مصفى المقال في علم الرجال ص 40 و279.

ومنهم ابو مخنف الازدي، المتوفي سنة 157 ه أو 158ه ، ابو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد الازدي الغامدي.

قال النجاشي في رجاله: ابو مخنف، شيخ اصحاب الاخبار بالكوفة ووجههم، وكان يُسكن إلى ما يرويه. روى عن جعفر بن محمد (ع)، وقيل إنه روى عن ابي جعفر (ع) ولم يصح. وهذا الكلام من النجاشي ينفي صحبته لمن قبل الباقر (ع) من الأئمة المعصومين. [4]

فقد نقل الطوسي انه: من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين، والصحيح أن اباه كان من أصحابه وهو لم يلقه. [5]

وله كتب كثيرة ذكرها النجاشي في تراجم آحاد الرجال، ذكرها النجاشي في رجاله برقم 875، والطوسي في الفهرست برقم 586.

    3. مؤمن الطاق:

ابو جعفر محمد بن علي بن النعمان بن ابي طريفة البجلي الاحول. يقول عنه الحر العاملي في الوسائل تحت رقم 1088: محمد بن علي بن النعمان الاحول مؤمن الطاق، ثقة كثير العلم، حسن الخاطر، قال العلامة، ووثقه الشيخ، وأثنى عليه النجاشي. [6]

    4. أحمد الأهوازي: أحمد بن الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران مولى علي بن الحسين. قال النجاشي: روى عن جميع شيوخ أبيه إلا حماد بن عيسى فيما زعم أصحابنا القمييون، وضعفوه، وقالوا: هو غال وحديثه يعرف وينكر. [7]

إلى هنا ننتهي من القرن الثاني وان شاء الله غدا الدرسي نشرع بالقرن الثالث والرابع وما بعده، ثم نشرع في كتب الرجال، ثم نشرع في القواعد.

 


[1] قلنا في التوسعة في العلوم ان هناك سيرة وتاريخ وهناك ترجمة وهناك علم رجال وهناك فهرست وهناك مشيخة، وذكرنا الفرق بينه. الفهرست عبارة عن سرد لأسماء اشخاص من علم ما، وعلم الرجال بحث عن رجال الحديث في خصوص ما ينفعنا في اعتبار رواياتهم. والسيرة هي الشخصية الحياتية الذاتية. والتاريخ هو ما يؤدي إلى مفاصل عامة وليس الامور الشخصية. والمشيخة يعني السند الذي اتكل عليه حتى يصل إلى الكتب او الاصل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo