< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

38/12/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: البحث في التوثيقات الخاصة والعامة ورجال الاجماع.

     التوثيقات خاصة وعامة.

     سرد الخاص.

     سرد العامة.

     معنى القاعدة.

     قاعدة اصحاب الاجماع.

     منشؤها.

نحن في علم الرجال نبحث في الامور المفصلية التي تحتاج إلى رأي، نعم في الامور التاريخية نشير إليها ونلقي الاضواء على بعض البحوث كما فعلنا في البحث في الكتب ذكرنا أولا مقدمة وهي الحاجة إلى علم الرجال، ثم الكتب المعتمدة قديما وهي الأصول الرجالية، ثم نبدأ بالقواعد، المهم هو القواعد لكن لا بد من الاطلالة على الأصول الرجالية، أعطينا نبذة عن كتاب الاختيار للكشي وكتاب النجاشي وكتاب الطوسي. وذكرنا ان كتاب رجال الغضائري كتاب موضوع كذب على لسان الحسين بن عبد الله الغضائري (ره)، هذا الكتاب اختفى من بين ايدينا، الشيخ الطوسي يقول بان له نسخة واحدة هلكت واختفت حوالي اكثر من ثلاث مائة سنة، وبعدها وجدت هذه النسخة عند ابن طاووس ويقول انها لابن الغضائري. ما الدليل على ان هذا المفقود هو هذا الكتاب؟ لم يذكر. وتبع ابن طاووس تلميذاه العلاّمة الحلي وابن داوود (ره).

لذلك نقول أن كتاب ابن الغضائري كتاب موضوع وضعه اعداء أهل البيت (ع) حتى ينالوا من كل رموز الحديث عن أهل البيت، ذلك أنك إذا أردت أن تدمر فكرا فعليك برموزه، الناس بطبيعتها عندما يحطم الرمز في نظرهم حينئذ يتحطم كل الفكر، وبطبيعة الناس لا تلحق الفكر كفكر بل تلحق الرموز وقد يكون الفكر فارغا جدا.

بعد ذكر الكتب نبدأ بالقواعد العامة للتوثيق، مثلا: ذكرنا زيد الزراد وهو رجل مجهول لكن له روايات مهمّة في مسألة طفل الانبوب، من هو الأب ومن هي الأم؟ اتكلنا على روايات من جملتها رواية زيد الزراد في ان الأم هي صاحبة البويضة وليست الحامل. زيد الزراد رجل مجهول لكن مجرد ان روى عنه ابن ابي عمير كتابا، وبالاستعانة بقاعدة ان ابن ابي عمير لا يروي إلا عن ثقة، إذا تمّت هذه القاعدة تكون هذه الرواية صحيحة وزيد الزراد صار ثقة. أما إذا كانت هذه القاعدة باطلة سقطت القاعدة وسقط الزراد وسقطت الرواية، ولهذا الاثر الكبير.

التوثيقات:

التوثيقات ويقصد منها رجوع التوثيق إلى شخص معين أو رجوع التوثيق إلى جماعة ما ضمن ضابطة. من قبيل آل ابي شعبة في الكوفة بمجرد ان يكون الرجل من آل ابي شعبة صار ثقة.

والتوثيقات على قسمين: خاصة وعامة:

الخاصة: وهي رجوع التوثيق إلى شخص معين، وهنا يختلف البحث في أن يكون الموثِق معصوما أو من المتقدمين أو من المتأخرين، وفي كيفية التوثيق بالنص أو بالوكالة أو بالإجازة أو بالمصاحبة أو بالترحم أو بالترضي أو بالدعاء ...

ومثالها: أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني أو فلان عدل ممدوح ....

العامة: وهي رجوع التوثيق إلى جماعة ما ضمن ضابطة، [1] [2] وهي غير منحصرة مثالها:

أ – ما ورد في اسانيد تفسير علي بن إبراهيم الذي يقول في مقدمة التفسير: " ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهي الينا من مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم ..."

" ونحن ذاكرون ومخبرون " هذه العبارة هي التي جعلت علماء يقفون عندها. هل كل من روى عنه علي بن إبراهيم ثقة؟ في عبارته كانه يشهد بالوثاقة.

ب – ما ورد في كامل الزيارات لجعفر بن قولويه الذي يقول في أول كتابه: " لكن ما وقع من جهة الثقات من اصحابنا رحمهم الله برحمته ولا اخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال ...". هل هذه العبارات تعني التوثيق؟

ج – قاعدة مراسيل ابن ابي عمير وصفوان بن يحيى واحمد بن ابي نصر وامثالهم مراسيلهم كأسانيدهم إذ أنهم لا يروون ولا يرسلون الا عن ثقة.

د – ما ذكره الكشي في أصحاب الاجماع في تصحيح ما صح عنهم وهم ثمانية عشر وسنذكر النص لاحقا.

ه – اصحاب الصادق (ع) حيث يقول الشيخ المفيد " فان أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عنه (ع)، من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل ..."

و– آل ابي شعبة حيث يقول النجاشي في ترجمة عبدالله بن ابي شعبة الحلبي بيت بالكوفة وهم ثقات جميعا.

ز- بنو فضال: استند من قال بوثاقتهم الى كلام منسوب للإمام العسكري (ع) وقد سئل عن كتب بني فضال فقال (ع) " خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا ". قلنا ان الرواية ضعيفة لكن استندوا في التوثيق عليها.

ح – كل من روى عنه احمد بن محمد بن عيسى الذي اخرج احمد بن محمد بن خالد من قم لروايته عن الضعاف.

ط – كل من روى عنه جعفر بن بشير البجلي الذي قال النجاشي في ترجمته: " روى عن الثقات ورووا عنه ".

ي – كل من روى عنه محمد بن اسماعيل بن ميمون الزعفراني قال النجاشي في ترجمته: " روى عن الثقات ورووا عنه ".

ك – كل من روى عنه علي بن الحسن الطاطري حيث يقول الشيخ في ترجمته: " وله كتب في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم ".

ل – رواية الثقة عن شخص دليل على وثاقته.

س- رجال النجاشي، بعضهم يقول ان كل رجال النجاشي ثقات. [3]

وفي الجميع بحث، سعة وضيقا وفي أصل الثبوت.

اصحاب الاجماع:

نبدأ بموضوع البحث الاول وهو اصحاب الاجماع، وسينفعنا هذا البحث في بحث صفوان. سيكون البحث على النحو التالي: بيان نفس الموضوع في ما ينفعنا، ثم نعمل على المختار بشكل اساسي هل القاعدة تامة او لا؟

سنبحث معنى اصحاب الاجماع، من هم، تاريخ هذه العبارة هل هي متأخرة أم متقدّمة، ثم نذكر أن اصحاب الاجماع الذين وردوا هم ثقات؟ بلا شك انهم ثقات بل اجمعت العصابة على تصحيح ما صح عنهم. هل هذا يدل على توثيق الرواة؟ هل تدل على انه لا يرون إلا عن ثقة؟ نتكل على صحة الرواية؟

بعضهم يقول ان هؤلاء الثمانية عشر على المعروف بمجرد ان تصل الرواية اليهم اصبحت صحيحة، من قبيل انها إذا وصلت الرواية إلى الحسن بن محبوب لا داعي ان انظر إلى بقية السند وتكون الرواية صحيحة. هذا معنى تصحيح ما صح عنهم. وبعضهم يقول ان هذه العبارة ليست إلا سوى تعظيم لمكانة هؤلاء من حيث الرواية. إذن الكلام سيكون في نقاط:

    1. معنى أصحاب الاجماع.

    2. هل هم ثقات؟

    3. هل هم لا يروون إلا عن ثقة؟

    4. هل كل رواية صحّ سندها إليهم اعتبرت صحيحة بغض النظر عمن رووا عنه؟

اصحاب الاجماع ثقات ولا غبار عليهم لكن هل كل من روى عنه أحد اصحاب الاجماع مثلا عبد الله بن بكير والذي كان فطحيا، هل كل من روى عنه ابن بكير اصبح ثقة؟ هل نستطيع ان نقول انها قاعدة أو لا؟

اولا ما منعى اصحاب الاجماع:

الأصل في ذلك ما نقله الكشي في رجاله " كتاب الاختيار " [4] في مواضع ثلاثة نأتي بعبارته في تلك المواضع .

1 " تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام :اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر عليه السلام وأصحاب أبي عبد الله عليه السلام وانقادوا لهم بالفقه فقالوا: أفقه الأولين ستة: زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي، قالوا: أفقه الستة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي، أبو بصير المرادي وهو ليث بن البختري ".

وردت عبارة " على تصديق هؤلاء الأولين "، هل تصديق هؤلاء يعني ان كل من يرووا عنهم يكون ثقة؟. سنرى انها لا تدل على ذلك. كذلك سنلتفت إلى تعبير " اجتمعت " و " انقادوا لهم بالفقه" .

2 " تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه من دون أولئك الستة الذين عددناهم وسميناهم وهم ستة نفر: جميل بن دراج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد بن عيسى، وأبان بن عثمان. قالوا: وزعم أبو إسحاق الفقيه وهو ثعلبة بن ميمون أن أفقه هؤلاء جميل بن دراج، وهم أحداث أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ".

هنا اختلفت العبارة بين " التصديق " وبين التصحيح "، " واقروا لهم بالفقه " هذه التعبيرات يجب ان يلتفت لها.

3 " تسمية الفقهاء من أصحاب " أبي إبراهيم (الكاظم) وأبي الحسن (الرضا) عليهما السلام :أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح عن هؤلاء وتصديقهم وأقروا لهم بالفقه والعلم، وهم ستة نفر آخر دون ستة نفر الذين ذكرناهم في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام منهم: يونس بن عبد الرحمان، وصفوان بن يحيى بياع السابري، ومحمد بن أبي عمير، وعبد الله بن مغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب، الحسن بن علي بن فضال، وفضالة بن أيوب وقال بعضهم مكان فضالة بن أيوب، عثمان بن عيسى، وأفقه هؤلاء يونس بن عبد الرحمان وصفوان بن يحيى ". [5]

وهنا ايضا قال: " اجمع " بدل " اجتمعت العصابة " ووردت عبارات سنستفيد منها.

البحث منشؤه كلام الكشي انه اجمعت العصابة على تصحيح ما صح عنهم، لكن كاصطلاح اصحاب الاجماع هو اصطلاح جديد منشؤه هذه العبائر وليس اصطلاحا قديما. ان شاء الله غدا الدراسي نذكر التفصيل في هذه المسائل ونذكر رأينا في المسألة وسنذهب إلى ان اصحاب الاجماع هم ثقات فقط اما انهم يروون عن ثقة فلا، قد يروون ثقة وغير ثقة.

 


[1] هذه الجماعة قد تكون عائلة كآل ابي شعبة جماعة.
[2] معنى القاعدة والمراد منها: فإذا شككنا بشخص انه ثقة أو لا نتمسك بالتوثيق العام، وإلا إذا علمنا ان فلان غير ثقة بدل آخر على عدم التوثيق يسقط عن التوثيق. ابن ابي عمير لا يروي إلا عن ثقة هذا ليس معناه انه إذا علمنا ان وهب بن وهب الكذاب، حتى الشيخ الطوسي يقول عنه انه كذاب، هذا لا يعنى انه بمجرد انطباق هذه القاعدة ان يصبح وهب بن وهب ثقة. معنى القواعد انها احكام كليّة ممكن خروج بعض الافراد عنها لخصوصية في نفس الفرد وبدليل. استطراد: ذكرنا مسألة في الاصول مهمّة جدا وهي ان خروج الافراد ليس خروجا من الموضوع بل هو خروج عن حكم الموضوع. وهذه المسألة لها ثمرة كبيرة في عملية الاستنباط. مثلا: إذا قلت لك أكرم العلماء ثم قلت لك لا تكرم الفساق. هذا تخصيص، ومعنى التخصيص خروج الفساق عن حكم العلماء وهو وجوب الاكرام ولا دخالة له في موضوع الاكرام. يبقى موضوع العلماء فقط لكن خرج بعض الافراد لامر مزاحم مثلا. سنبحث هذه المسألة في مسألة التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، فرق شاسع بين اكرم العلماء إلا الفساق وبين اكرم العلماء العدول. مزلة اقدام بعض الاصوليين انهم جعلوهما شيئا واحدا، جعلوا الوصف مثل التخصيص. ولذا قلنا بجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية مطلقا. فالتخصيص اخراج من الحكم وليس تصرفا في الموضوع، بينما الوصف " العدول " تصرف في موضوع الاكرام، اختلف موضوع الاكرام، بينما في " إلا الفساق " لم يتغير الموضوع لانه في التخصيص يخرج بعض افراد العام عن حكمه وليس عنه. اخرجته عن حكم العلماء. هذا معنى القاعدة انه عند الشك في الحكم العام الكلي اتمسك به لكن إذا وجد هناك دليل واضح يدل على ان هذا ليس له حكم العلماء لا معنى بان اتمسك به، فأخرجه. وقصدنا من التوثيقات العامة انها قواعد عامة قد يخرج بعض الافراد منها لدليل، وخروج بعض الافراد ليس معناه انخرام القاعدة وسقوطها، نعم إذا خرج فرد واحد بدون دليل ولا مبرر تسقط القاعدة حينئذ كما سنرى.
[3] سؤال احد الطلبة: هل الكافي من القواعد. الجواب: ما وقع في الكافي ليس توثيقا للروات، هو توثيق للروايات، وكلامنا في توثيق الراوي وليس الرواية.
[4] " كتاب الاختيار " هو تلخيص الشيخ الطوسي (ره) لكتاب الكشي " اختيار معرفة الرجال " هو ليس بين ايدينا. ابن حجر العسقلاني من ابناء العامة كان عنده هذا الكتاب الاساسي الموسع للكشي، وكان يستشهد به.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo