< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

39/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مشايخ الثقات.

 

-التذكير بالجواب على السيد الخوئي(ره) بأنه قاعدة مشايخ الثقات ليس لها عين ولا أثر عند القدماء.

-إشكال السيد الخوئي الثاني: أن الشيخ الطوسي اخترق قاعدته وتلخيصه بثلاث نقاط.

-الجواب على النقطتين الأخيرتين.

 

الاشكال الاول للسيد الخوئي (ره) على قاعدة مشايخ الثقات " ان صفوان واضرابه لا يروون إلا عن ثقة " قال ان ليس له عين ولا اثر في كلام القدماء.

واجبنا على ذلك اولا: ان كثيرا من الكتب الرجالية قد اختفى من بين ايدينا كما صرّح هو بذلك، ولعلّها موجودة في الكتب التي اختفت ولم تصلنا.

ثانيا: تطور العلوم بحسب السنين ثابتة تاريخيا، هناك قواعد عامة في كل العلوم حتى العلوم التجريبية، والفقهية، والفلسفية، والانسانية. العلم عندما يتطوّر يحتاج إلى ابداعات، بلحظة معيّنة اضاءة معيّنة وانقداح ما تجعل من البشرية تنطلق والامثلة على ذلك كثيرة جدا [1] ، محاولة تقعيد او قوننة الافراد ابداع كبير وليس كل من لاحظ الخارج يستطيع ان يقوم به او يلتفت اليه. القواعد هي عبارة عن استنباط انتقال من الأفراد إلى الكليات وهذا ابداع، وهذا يظهر الفرق بين المبدع وغيره.

وهنا الشيخ (ره) مع الملاحظات اخرج بهذه القاعدة وهذا لا يعني انها إذا لم تكن موجودة سابقا او لم يقلها احد ليست موجودة، الشيخ الطوسي وجد ان ابن ابي عمير معروف عند الناس انه لا يروي إلا عن ثقة، وهو نقل ما عند الناس عن ابن ابي عمير وعن صفوان وعن البزنطي من أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، ووجد مجموعات قال واضرابهم، وجد ان هناك مجموعة من الاشخاص لا يروون إلا عن ثقة، فجعل مما عن الناس قاعدة.

بالنتيجة ابداع قاعدة ليس معناه انه من فراغ، بل هي موجودة بأفرادها، فإن عدم ذكر غيره لها قبله لا يعني ان القاعدة ليست موجودة، هي نوع من الاكتشافات. الرد الاول ان عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود باعتبار اختفاء بعض الكتب من بين ايدينا.

 

الجواب الثاني: هذا هو الحال الطبيعي للاكتشافات وتطور العلوم.

الاشكال الثاني للسيد الخوئي على الشيخ الطوسي: الشيخ الطوسي نفسه خالف هذه القاعدة عندما روى عن ابن ابي عمير أو غيره وقال بما مضمونه " انه أول ما فيه انه مرسل..." وبالتالي الشيخ خدش القاعدة التي تبناها.

 

كلام السيد الخوئي (ره) في المعجم: إن الشيخ بنفسه ذكر رواية محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام. ثم قال في كلا الكتابين: ( فأول ما فيه أنه مرسل، وما هذا سبيله لا يعارض به الاخبار المسندة). وأيضا ذكر رواية محمد بن علي بن محبوب، عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام، وقال في التهذيب: ( وهذا خبر مرسل )، وقال في الاستبصار: (فأول ما في هذا الخبر أنه مرسل ) وغير ذلك من الموارد التي ناقش الشيخ فيها بالإرسال، وإن كان المرسل ابن أبي عمير أو غيره من أصحاب الاجماع. وتقدم عند البحث عن قطعية روايات الكتب الاربعة مناقشته في رواية ابن بكير وابن فضال، وأنهما مرسلان لا يعارض بهما الاخبار المسندة.

وثانيا: فرضنا أن التسوية المزبورة ثابتة، وأن الاصحاب عملوا بمراسيل ابن أبي عمير، وصفوان، والبزنطي وأضرابهم. ولكنها لا تكشف عن أن منشأها هو أن هؤلاء لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، بل من المظنون قويا أن منشأ ذلك هو بناء العامل على حجية خبر كل إمامي لم يظهر منه فسق، وعدم اعتبار الوثاقة فيه، كما نسب هذا إلى القدماء، واختاره جمع من المتأخرين: منهم العلامة - قدس سره – [2]

 

ملخص الإشكال الثاني: إن الطوسي (ره) نفسه اخترق قاعدته وذلك بثلاث نقاط:

الف-في مرسل ابن ابي عمير حيث يقول: فأول ما فيه أنه مرسل، مع أنه يعلم أن مرسله ابن ابي عمير، ولسان "أول ما فيه" لسان تضعيف.

ب-إشكال الطوسي نفسه على بعض روايات ابن بكير وابن فضال بأنها مرسلة مع كونهما من أصحاب الإجماع.

ج-إن التسوية بين مراسيل هؤلاء ومسانيدهم يحتمل أن يكون مستندها هو العمل بمراسيل الإمامي غير المذموم لا أن يكون مستندها أنه لا يروون إلا عن ثقة ومع الإحتمال يبطل الإستدلال.

 

رد الإشكالين الأخيرين:

نقول: أخطأ السيد الخوئي(ره) في ثلاث نقاط:

الأولى: عندما اعتبر قضية "لا يروون إلا عن ثقة" أنها حدسية وليست حسية. وقد أجبنا على ذلك فلا نعيد.

والثانية: إن التسوية بين المراسيل والمسانيد مستندة إلى قاعدة "لا يرسلون إلا عن ثقة" وقد أجبنا أيضاً على ذلك وإن التسوية أمر حدسي ناشئ من قاعدة عدم الرواية إلا عن ثقة، وذلك لظهور قول الطوسي(ره) "ولذلك سوت الطائفة بين مراسيل هؤلاء ومسانيدهم".

والثالثة: إن قاعدة مشايخ الثقات مستندة إلى قاعدة أصحاب الإجماع، مؤيداً ذلك بكلمة "وأضرابهم"، ولذلك صار يشكل بروايات ابن المغيرة وابن بكير وابن فضال. وقد أجبنا على ذلك وأن أصحاب الإجماع ليسوا المقصودين بقول الطوسي(ره) "وأضرابهم".

ونشير إلى ما أجبنا إليه باقتضاب وهو أن السيد الخوئي(ره) فسر تعبير "تصحيح ما يصح عنهم" بأنه تعبير عن جلالتهم لا يعني أنهم لا يروون إلا عن ثقة ، ولأن الثقة الجليل قد يروي عن ثقة وغير ثقة، فإن روايته عن غير الثقة لها دواعٍ كثيرة خارجية، والأمور الخارجية لا تحصى، فيكون الملاك في "أضرابهم" "أنهم لا يروون إلا عن ثقة" وهذا يحتاج إلى دليل.

ثم هؤلاء "أضرابهم" لا ينحصرون بالثمانية عشر، بل هناك غيرهم مثل: كل من روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى أو رجال النجاشي أو غيرهم ممن جرى البحث عنهم في التوثيقات العامة.

ولذا قلنا: إن قاعدة مشايخ الثقات لا تستند إلى قاعدة أصحاب الإجماع، وإن أصحاب الإجماع منهم لا يروون إلا عن ثقة، كيونس بن عبد الرحمن، ومنهم من يروي ولو عن غير ثقة.

 

والجواب ملخصاً على السيد الخوئي(ره):

لقد ادعى السيد الخوئي(ره) دعوى ألبسها للشيخ الطوسي(ره) ثم أشكل عليه، ولذا فلا وقع للإشكال بروايات عبد الله بن بكير وأنها مرسلة.

 


[1] مثلا: في علم الاصول حين انقدح في بال سلطان العلماء الذي فصّل بين المراد والمستعمل فيه، كانوا سابقا لا يميّزون بين المستعمل فيه اللفظ وبين المراد. هذا التفصيل حل اشكالات كثيرة، لانهم سابقا كانوا يعتبرون ان ارادة غير العام من العام من المجاز مثلاً " اكرم العلماء إلا الفساق " كانوا يعتبرون كلمة علماء مجازاً لان المراد من العلماء خصوص العدول. ومثلا في علم النحو هناك قواعد، وتقعيد الامور الفردية ليس بالامر السهل بل يحتاج إلى الإلتفاتات من قبيل القاعدة المتصيدة: " كل اسم يجب ان ينون تنوين الامكنيّة إلا لربعة موانع هي: منع الصرف، ودخول اللام، والاضافة، والبناء " . هذه القاعدة إذا لم يذكرها احد لا يعني انها ليست موجودة، هي تحتاج إلى انقداح وإلى روية، من خلال التجربة تصيدنا هذه القاعدة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo