< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

39/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مشايخ الثقات.

     تذكير بمسقطات المنقولات.

     التعارض بين تضعيف ابن فضال وتوثيق الطوسي.

     لا مانع من عدم التصحيف في رواية: علي بن ابي حمزة كذاب متهم.

لا يزال الكلام في قاعدة مشايخ الثقات في ان صفوان وابن ابي عمير والبزنطي لا يروون إلا عن ثقة، من اهم الاشكالات على هذه القاعدة ان الشيخ الطوسي (ره) بنفسه رواها وروى في التهذيب والاستبصار ايضا ان ابن ابي عمير يروي عن غير ثقة وكأنه ينقض القاعدة بنفسه. وذكر السيد الخوئي (ره) وغيره اسماء متعددة من الضعاف كعلي بن ابي حمزة البطائني ويونس بن ظبيان وعلي بن حديد، وفيهم العامي والفطحي والامامي والبتري كعمر بن جميع وفيهم الكذاب كوهب بن وهب، فكيف تتم القاعدة.

وقلنا ان هذا الاشكال انما يتمّ في حالة وهي ان القاعدة لا تنخرم ككل المنقولات ومنها نقل العمومات والقواعد لا تنخرم الا باحد ثلاثة حالات وهي:

تسقط المنقولات او العمومات: إما بمعارض آخر نقلي حسي، ثانيا: واما بانخرام القاعدة من دون مبرر عقلائي أو احتمال مبرر عقلائي، ثالثا: عدم احتمال التوثيق. وذكرنا سابقا مثالا: لو اخبرك أحد الثقات ان فلانا لا يدخل إلى مكان يباع فيه الخمر، ثم رأينا هذا الفلان قد دخل إلى أحد أمكنة بيع الخمر، فانك تحكم حينئذ بعدم صحة الخبر، فانك تقول في نفسك مستغربا كيف قال هذا الثقة أن فلانا لا يدخل أمكنة بيع الخمر، وها أنا قد رأيته بخلاف ما ذكر ؟! هذا الاستغراب يجعلك تحكم بعدم صدق هذا الإخبار ولو كان صاحبه ثقة. ثم بعد ذلك جاءك شخص آخر وقال لك إنما دخل فلان محل بيع الخمر لانقاذ طفل أو مال مثلا، فحينئذ تعذره وتبرر له دخوله ، وتبقي على صدق الخبر والعموم ووثاقته. والخلاصة أن اختراق القاعدة ولو بفرد واحد من دون مبرر يسقطها ومع المبرر أو احتمال المبرر لا تسقط. ولذلك قلنا ان الرد على القاعدة بالقول المشهور" ما من عام الا وقد خص "، فانه من أصل عشرات الثقات الذين أخبر عنهم ابن عمير، فإذا أخبر عن واحد أو اثنين من غير الثقات فلا مانع في ذلك ولا تخرم القاعدة نقول: " ما من عام الا وقد خص " يجب ان يكون الملاك في التخصيص اقوى من ملاك المخصص، يعني ان في المستثنى ملاكا اقوى من ملاك حكم المستثنى منه، فيخرج من حكمه.

فإذ اردنا ان نطبق هذه المسالة على القاعدة يجب ان لا يكون هناك مبرر للإخبار عن غير ثقة، فإذا اخبر ابن ابي عمير عن شخص واحد ولو مرّة واحدة من دون احتمال مبرر عقلائي تسقط القاعدة وإلا لا تسقط مع وجود المبررات.

ثانيا: ان غاية مشايخ الثقات في عالم النقل ان لا يروي إلا عن ثقة ماذا يعني؟ هل يهني انه مجرد انهم لا يروون إلا عن ثقة من دون غاية؟ من الواضح ان غايتهم نقل وتأكيد الواقع، هذا ايضا يجب ان نبقى على ذكر لها. لذلك إذا نقله عن ثقة فلا مانع من ان ينقل الحكم مرّة اخرى عن ضعيف ويكون ذلك مؤيدا للاول، كما لا مانع من جعل الضعيف في سند واحد وفي عرض واحد مع الثقة، كما سـيأتي عن يونس بن ظبيان وهناك كلام قد ورد بنفسه في علي بن حديد بل صرّ به الشيخ حيث يقول: وأما خبر زرارة فالطريق إليه علي بن حديد وهو ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله ...

اما إذا نقله مع شخص آخر مثلا: بريد وعلي بن حديد فلا اشكال ويصبح علي بن حديد مؤيدا، ويونس بن ظبيان ايضا مؤيد، وهذا لا يؤدي إلى اسقاط القاعدة. والقاعدة هي عموم يرجع إليه عند الشك، ولذا يمكن الاستثناء منه، لكن هذا الاستثناء يحتاج إلى مبرر، يحتاج إلى ملاك آخر يخالف ملاك المستثنى منه.

نعود الى علي بن ابي حمزة البطائني الذي ورد فيه نص من ابن فضال: " كذاب متهم " وورد بنص آخر عن ابنه الحسن بن علي بن ابي حمزة انه " كذاب ملعون " وروي ايضا عن ابن ابي حمزة، اصبح هناك ثلاثة روي عنهم. كثير من الفقهاء وعلماء الرجال حملوا الثلاثة على الحسن بن علي بن ابي حمزة، أي على انه هو المقصود باللعن. وأما ما ورد في الكشي عندما قال على بن ابي حمزة " كذاب متهم " فهو تصحيف، وذكروا هذا التصحيف وكتبوا الرسائل على ذلك بقرائن، والقرائن فيها مؤيدات في توثيق على بن ابي حمزة.

النصوص وحملها على الولد لا على الوالد: النصوص في توثيق ابن البطائني ثلاثة اقسام:

     علي بن ابي حمزة كذاب متهم، وهي رواية ابن فضال.

     ابن ابي حمزة كذاب ملعون لا استحل ان اروي ..... وهي رواية الكشي.

     الحسن بن علي بن ابي حمزة كذاب ملعون لا استحل ...ز

وقد حمل بعض العلماء رواية تضعيف علي بن ابي حمزة على التصحيف وخطأ النقلة أو النساخ، وذلك لقرائن ذكروها.

إلا أن الانصاف أن الحمل على التصحيف خلاف الظاهر وخلاف أصالة عدمه، وخلاف سيرة العقلاء وعرف الناس على الاخذ بالكتابة كما هي.

ولا مانع من ذلك أبدا، بل هو الظاهر والمعمول به عند الناس، وعليه، لا مانع من الأخذ بروايتي أبن فضال حتى لو حملنا روايته " ابن ابي حمزة " على الحسن ابنه، وكأن الروايات بمجموعها تقول: الوالد كاذب والولد كاذب. ولا مانع من ذلك.

فإذن: للوهلة الاولى لا داعي للقول بالتصحيف لعدم المانع من العمل بالروايتين، والتصحيف يحتاج إلى دليل وقرائن. ومع عدم التصحيف يقع التعارض بين تضعيف ابن فضال وتوثيق الشيخ الطوسي، ويقدم تضعيف ابن فضال لقربه من ابن ابي عمير زمنا وبعد الشيخ الطوسي عنه كذلك.

وبعبارة اخرى: وكأنما قال ابن فضال ان الاب وابنه كذابان، إذا جمعنا الروايتين يظهر ان الاب كذاب وابنه كذاب. لذلك ابن فضال روى روايتين ورواية علي بن ابي حمزة " كذاب متهم " رواية صحيحة، فإذا تمّت الرواية فللوهلة الاولى هناك تسمية لعلي بن ابي حمزة، فالاصل عدم التصحيف والاصل عدم تضعيف " علي " هذا الاصل لا نستطيع ان نجريه هنا بداية لذلك يصبح هناك معارضة بين تضعيف ابن فضال وتوثيق الشيخ الطوسي ماذا افعل؟

لا شك ان تضعيف ابن فضال مقدم على توثيق الشيخ الطوسي لان ابن فضال اقرب من الشيخ الطوسي إذن يقدم كلامه على كلام الشيخ في التضعيف، حينئذ يكون هناك معارضة بين كلام ابن فضال وتوثيق الشيخ الطوسي والتضعيف مقدم على التوثيق لاقربيته. فإذا اقتضى الكلام التضعيف تكون الادلة التي ساقوها على توثيق علي بن ابي حمزة معارضة بين تضعيف ابن فضال والتوثيقات الاخرى التي ذكروها.

الفات: الآن عندما يكون هناك روايتان متعارضتان إذا قدمت احداهما على الاخرى لا يعني ان الاخرى ساقطة واقعا بل هي ساقطة بالتعارض والتقديم، وقد تكون صحيحة في الواقع بل اكثر من هذا في التعارض قد يكون الروايتان صادرتان مثل الحمل على التقيّة لكن ايهما الحجة بالنسبة الي؟

الخلاصة: مجرد تضعيف علي ابن ابي حمزة وتوثيق غيره كالطوسي وغيره لعلي بن ابي حمزة هذا يكفي لعدم اسقاط القاعدة وهذا ما يهمنا. توثيق الاخرين وبكثرة والكبار كالعلامة في التحرير الذين وثقوا عليا واخذوا برواياته رغم انه واقفي مع ملاحظة ذلك تكون القاعدة تامة لان اختراقها برواية ابن ابي عمير عن البطائني له احتمال المبرر وهو احتمال وثاقة عليّ وهذا يكفي في عدم الاسقاط كما ذكرنا غير مرّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo