< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

32/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النَّكِرَة الواقعة فِي سياق النَّهي أو النفي/ألفاظ العموم /العامّ /دلالة الدليل/الدليل الشرعي اللفظي/الدليل الشرعي/الأدلة المحرزة/علم الأصول

الملاحظة الثَّانية عَلَىٰ التَّفْسِير الَّذي ذكره الخُراسانيّ لِلشُّمُولِيَّةِ هي أن هذه الشُّمُولِيَّةَ المستفادةَ من القرينة الْعَقْلِيَّة (القائلة بأن النَّهْي حيث أَنَّهُ نهي عن الطَّبِيعِيّ، أي يُطلب إعدامُ الطَّبِيعَة، وَالطَّبِيعَة لا تَنعدم إلاَّ بانعدام جميع أفرادها)، لا تكون شموليةً للحكم فِي مرحلة الجعل، وإنَّما شمولية فِي مرحلة الامتثال؛ فإن شمولية الحكم تارةً (وهذا بحث أيضاً تقدّم تفصيله فِي المرَّة والتَّكرار) تكون شمولية فِي مرحلة الجعل، أي: انحلال الحكم إلى أحكام عديدة بعدد الأفراد. مثلاً لو قال: «لا تكذب» سوف يَنْحَلُّ هذا النَّهْي إلى نواهٍ عديدة بعدد الكذبات الْمُتَصَوَّرَة، بحيث تكون كل كذبة محكومةً بحرمةٍ.

 والنوع الآخر من الشُّمُولِيَّة ليست بمعنى انحلال الحكم إلى أحكام عديدة بعدد الأفراد، بل بمعنى أن لا يتحقّق الامتثال الخارجيّ للحكم إلاَّ بامتثال جميع الأفراد، لكن لَيْسَ بالضرورة معناه أن يكون الحكم مُنْحَلاًّ إلى أحكام عديدة، فإن هذا ينسجم مَعَ أَنْ يكون الحكم واحداً. فإن افترضنا أن الشُّمُولِيَّة شمولية فِي مرحلة الامتثال فِي مثال: «لا تكذب» المتقدّم، لا فِي مرحلة الجعل. يعني أن الحكم المجعول مِن قِبَلِ المولى واحد ولا توجد حرمات عديدة بعدد الكذبات، لكن هذه الْحُرْمَة الواحدة الْمُتَعَلَّقَة بطبيعي الكذب لا تُمتَثَل خارجاً إلاَّ بترك كل الكذبات.

 وتتمخض عن هذه القرينة الْعَقْلِيَّة الشُّمُولِيَّةُ من النَّوْع الثَّانِي (شمولية الحكم فِي مرحلة الامتثال)، ولا نصل إلى الشُّمُولِيَّة المتوخاة (وهي الشُّمُولِيَّة فِي مرحلة الجعل). وتنسجم مقولة الآخوند هذه مع افتراض أَنْ تَكُونَ لدينا حرمة واحدة مجعولة مِن قِبَلِ المولى لطبيعي الكذب، لا حرمات عديدة بعدد أفراد الكذب. ولكن لا يَتُِمّ امتثال هذه الْحُرْمَة الواحدة إلاَّ بترك جميع الكذبات. وهذا غير ما يُراد من النَّكِرَة الواقعة فِي سياق النَّهْي، وهو الوصول إلى الشُّمُولِيَّة فِي مرحلة الجعل (= انحلال الحكم إلى أحكام عديدة بعدد الأفراد)، بحيث تكون هذه الكذبة محكومةً بالحرمة وتلك الكذبة محكومةً بالحرمة وهكذا باقي الكذبات. بحيث لو كذب كذبتين يكون قد ارتكب حرامين. هذا ما نريده وهذا لا يمكن الوصول إليه من خلال القرينة الَّتي ذكرها الآخوند؛ إذ أنَّها تنسجم مع افتراض أن يكون الحكم واحداً وليس متعدّداً، ولكن امتثالها لا يتحقّق إلاَّ بترك جميع الكذبات. فلو لم يترك جميع الكذبات لا يكون ممتثلاً لهذا الحكم. وَالَّذِي نريده أكثر من هذا، فَإِنَّنَا نريد أن نستفيد الشُّمُولِيَّة بالمعنى الأوّل (= فِي مرحلة الجعل) من وقوع النَّكِرَة فِي سياق النَّهْي، بحيث يكون مثل قوله: «لا تكذب» (أو «لا كذب فِي الإسلام») مُنْحَلاًّ إلى نواهٍ عديدة بعدد الأفراد، بينما هذه القرينة الْعَقْلِيَّة الَّتي ذكرها الآخوند لا تثبت هذا المعنى.

 لكن هناك قرينة أخرى ذكرناها عندما كُنَّا نبحث عن اِنْحِلاَلِيَّة النَّهْي، فقد قلنا هناك: إن لدينا قرينة عُرْفِيَّة وهي غير هذه القرينة الْعَقْلِيَّة الَّتي ذكرها الآخوند، بها تَتُِمّ الشُّمُولِيَّة الَّتي نريدها (وهي الشُّمُولِيَّة بمعنى انحلال الحكم إلى أحكام عديدة)، وحاصلها أَنَّ هناك مطلبين:

المطلب الأوّل: أن النَّهْي عرفاً ينشأ غالباً من المفسدة، أي: أن فهم العرف من النَّهْي هو نشوء النَّهْي من وجود مفسدة أو خطر أو ورطة.

والمطلب الثَّانِي: هو أَنَّهُ غالباً المفسدة اِنْحِلاَلِيَّة. أي: فِي كُلّ فرد ومصداق من مصاديق الكلّي الطَّبِيعِيّ توجد مفسدة.

 فعلى سبيل المثال يرى العرف أن النَّهْي فِي «لا تكذب» ناشئ من وجود مفسدة فِي الكذب، هذا هو المطلب الأوّل. والمطلب الثَّانِي هو أن هذه المفسدة الموجودة فِي الكذب اِنْحِلاَلِيَّة، أي: توجد المفسدة فِي كُلّ مصداق من مصاديق الْمَنْهِيّ عَنْهُ (الكذب).

 إذن، إِنَّمَا نصل إلى الشُّمُولِيَّة الَّتي نريدها من خلال هذه القرينة الْعُرْفِيَّة، دون القرينة الَّتي ذكرها الخُراسانيّ.

الملاحظة الثَّالثة عَلَىٰ كلام الآخوند هي أن هذه الشُّمُولِيَّة الَّتي أفادها المُحَقِّق الخُراسانيّ لا يمكن أن نعتبرها «عموماً» فِي المصطلح الأُصُولِيّ، وهي أجنبية عن محلّ الكلام؛ فَإِنَّنَا نتكلّم عن ألفاظ العموم وصيغه، ومن الطَّبِيعِيّ أن هذه الشُّمُولِيَّة بموجب هذه القرينة الْعَقْلِيَّة أجنبية عن محلّ الكلام؛ إِذْ أَنَّ معنى العموم كما تقدّم مراراً هو أن يكون الحكم شاملاً للأفراد بما هي أفراد، وبهذا ميّزنا العموم عن الإِطْلاَق. الإِطْلاَق: ثبوت الحكم لِلطَّبِيعِيِّ ومن الطَّبِيعِيّ يسري إلى الأفراد. أمّا العموم فهو أقوى من الإِطْلاَق: أَنْ يَكُونَ الحكم شاملاً للأفراد بما هي أفراد. أي: أَنْ تَكُونَ هناك رؤية للأفراد فِي مرحلة الكلام واللَّفظ والدِّلالة الوضعيَّة، لكن نظرة إجمالية، وليست نظرة تفصيلية إلى كل فرد فردٍ. ولعلّ الآخوند أيضاً لا يريد أكثر من ذلك.

الملاحظة الرَّابعة: هي أن هذه الشُّمُولِيَّة متوقّفة عَلَىٰ جريان مُقَدَِّمَات الْحِكْمَةِ، بمعنى أن هذه القرينة الْعَقْلِيَّة الَّتي ذكرها الخُراسانيّ، لا تغني عن قرينة الحِكْمَة، كما أفاد هذا المطلب وإليك نص كلامه:

 «ربما عد من الألفاظ الدالة على العموم النكرةُ في سياق النفي أو النهي، ودلالتها عليه لا ينبغي أن تُنكر عقلاً [أي: هذه القرينة العقلية المتقدمة]؛ لضرورة أنّه لا يكاد يكون الطبيعة معدومةً إلاّ إذا لم يكن فرد منها بموجود وإلاّ لكانت موجودة. لكن لا يخفى أنّها [أي: النكرة الواقعة في سياق النفي أو النهي] تفيده [أي: الشمولَ] إذا أُخذت [النكرة] مرسلة [أي: مطلقة، اللابشرط القسمي] لا مبهمة [أي: ذات الطَّبِيعَة، واللابشرط المقسمي] وقابلة للتقييد، وإلاّ فسلبها [لأن النهي يسلب هذه الطَّبِيعَة] لا يقتضي إلاّ استيعاب السلب لما أُريد منها يقيناً، لا استيعاب ما يصلح انطباقها عليه من أفرادها، وهذا لا ينافي كون دلالتها عليه عقلية، فإنّها بالإضافة إلى أفراد ما يراد منها، لا الأفراد التي يصلح لانطباقها عليها، كما لا ينافي دلالة مثل لفظ «كل» على العموم وضعاً كون عمومه بحسب ما يراد من مدخوله، ولذا لا ينافيه تقييد المدخول بقيود كثيرة».

 فحاصل ما يريد أن يقوله الآخوند هو أن في النكرة الواقعة في سياق النهي، تكون تلك القرينة العقلية المتقدمة قرينةً على الشمولية بالمعنى المتقدّم فيما إذا كانت مطلقة فحسب، مثل: «لا تكرم فاسقاً»، فإن أجرينا الإطلاق في كلمة «فاسقاً» وقلنا إن المراد الجدي من «فاسقاً» هو مطلق الفاسق، سواء صاحب المعصية الكبيرة أو صاحب الصغيرة، حينئذٍ إذا وقعت هذه الطَّبِيعَة المطلقة في سياق النهي «لا تكرم فاسقاً»، فيكون هذا الوقوع دالاًّ على الشمولية وعلى أنه كل من يصلح أن ينطبق عليه أنه فاسق مشمول للنهي.

 أَمَّا إذا لم نجر الإِطْلاَق فِي «فَاسِقاً» فمعنى ذلك أن من المحتمل أَنَّهُ أراد بـ«فَاسِقاً» خصوص صاحب الكبيرة، وحينئِذٍ إذا لم نثبت أن المقصود به كل أصحاب المعاصي صغائر وكبائر، إذن إنَّ وقوع كلمة «فاسقاً» فِي سياق النَّهْي سوف لا يدلنا عَلَىٰ الشُّمُول لكل أفراد الفاسق وإنَّما يَدُلّ عَلَىٰ الشُّمُول لخصوص مرتكبي الكبائر.

 وبعبارة أخرى: غاية ما تقتضيه القرينة الْعَقْلِيَّة المتقدّمة هي أن الطَّبِيعَة الواقعة فِي سياق النَّهْي شاملة لكل أفرادها، أَمَّا ما هي هذه الطَّبِيعَة الواقعة فِي سياق النهي؟ مرسلة (مطلقة) أو مبهمة؟! فهذا مطلب خارج عن وقوع الطَّبِيعِيّ (النَّكِرَة) فِي سياق النَّهْي؛ فَإِنَّ وقوع النَّكِرَة فِي سياق النَّهْي يَدُلّ (بموجب القرينة الْعَقْلِيَّة الَّتي ذكرناها) عَلَىٰ أن هذه الطَّبِيعَة الواقعة فِي سياق النَّهْي شاملة لكل أفرادها، أَمَّا هل هذه الطَّبِيعَة هي طبيعة الفاسق (المطلقة)، أو هي طبيعة الفاسق المرتكب للكبيرة (المقيّدة)؟! هذا مطلب لا يفيده وقوعُ النَّكِرَة فِي سياق النَّهْي. فلا بُدَّ من إجراء مُقَدَِّمَات الْحِكْمَةِ أوَّلاً فِي هذه الطَّبِيعَة وإثبات أن هذه الطَّبِيعَة الواقعة فِي سياق النَّهْي هي الطَّبِيعَة المطلقة والمرسلة (بتعبير الآخوند) ثم بعد ذلك نقول: وقوع هذه النَّكِرَة فِي سياق النَّهْي يَدُلّ بموجب القرينة الْعَقْلِيَّة المتقدّمة عَلَىٰ أن الشُّمُول لكل أفرادها.

 إذن، بموجب مُقَدَِّمَات الْحِكْمَةِ تثبت الشُّمُولِيَّة ويتنقّح مَوْضُوع هذه الدِّلاَلَة الْعَقْلِيَّة.

 هذه هي الملاحظة الرَّابعة. والأمر كما قال الخراساني، أي: مِنْ دُونِ إجراء مُقَدَِّمَات الْحِكْمَةِ فِي هذه النَّكِرَة لا يمكن أن نثبت الشُّمُولِيَّة.

 طبعاً نحن أنكرنا فِي الملاحظة الثَّانية أو الثَّالثة أصل دلالة هذه القرينة الْعَقْلِيَّة عَلَىٰ الشُّمُولِيَّة، لكن هذه الملاحظة صحيحة أيضاً، بأَنَّهُ حتّى لو فرضنا أن هذه الشُّمُولِيَّة ناشئة من هذه القرينة الْعَقْلِيَّة، لٰكِنَّهَٰا لا تثبت كل ما نريده، بل تثبت نصف ما نريده من أن ما وقع فِي سياق النَّفْي أو النَّهْي شامل لكل أفراده. أَمَّا أَنَّهُ ما الَّذي وقع فِي سياق النَّهْي؟ الطَّبِيعِيّ المطلق أو الطَّبِيعِيّ المقيِّد؟ فهذا خارج عن قوّة وقوع الطَّبِيعِيّ فِي سياق النَّهْي وبحاجة إلى أن نستعين بِمُقَدَِّمَاتِ الْحِكْمَةِ لإِثْبَاتِ أن الواقع فِي سياق النَّهْي هو الطَّبِيعَة المطلقة.

الملاحظة الخامسة والأخيرة هي أنَّ هناك نقاشاً فِي هذه القرينة الْعَقْلِيَّة الَّتي ذكرها الآخوند وقد تقدّم ذكر هذا النقاش والجواب عنه فِي بحث دلالة الأمر عَلَىٰ المرَّة والتَّكرار وكذلك فِي بحث دلالة النَّهْي عندما كُنَّا نبحث عن أن النَّهْي نهي عن الطَّبِيعَة وشمولي.

 والنقاش والإشكال هو أن هذا الكلام الَّذي ذكره الآخوند هنا هو فِي الواقع كلام يقال عادة فِي مقام الفرق بين الأمر وَالنَّهْي حيث يقولون عادةً: امتثال الأمر يَتَعَلَّقُ بالإتيان بفرد واحد، بينما امتثال النَّهْي لا يتحقّق إلاَّ بترك جميع الأفراد. فلو قال المولى: «صلِّ» وأتى المُكَلَّف بصلاة واحدة يكون ممتثلاً وليس بحاجة إلى الإتيان بكل الصَّلَوَات الْمُتَصَوَّرَة. لكن فِي النَّهْي حينما يقال: «لا تكذب»، فلا يتحقّق الامتثال إلاَّ بترك جميع الكذبات. فيقال فِي مقام الفرق بين الأمر والنهي: إن وقوع الطَّبِيعَة فِي سياق النَّهْي يختلف عن وقوعها فِي سياق الأمر؛ إِذْ أَنَّ معنى الثَّانِي هو أن المولى أمر بإيجاد الطَّبِيعَة، وإيجاد الطَّبِيعَة إِنَّمَا يكون بإيجاد فرد واحد عَلَىٰ أقل تقدير، أَمَّا إذا نَهَىٰ المولى عن الطَّبِيعَة فيجب عَلَىٰ المُكَلَّف أن يقوم بإعدام الطَّبِيعَة، والإعدام لا يكون إلاَّ بإعدام جميع الأفراد.

 صاحب الإشكال يأتي هنا ويقول: إن هذا الكلام (القائل بأن الطَّبِيعِيّ يوجد بوجود فرد واحد ولكن لا ينعدم بانعدام جميع الأفراد) غلط من أساسه، وإنَّما يَتُِمّ ويصح هذا الكلام عَلَىٰ مقولة الرَّجُل الْهَمِدَانِيّ (كليّ الْهَمِدَانِيّ)، حيث ادعى وأصرّ (حسب نقل الشَّيْخ الرئيس نفسه) أن نسبة الكلّي الطَّبِيعِيّ إلى الأفراد نسبة الأب الواحد إلى الأبناء. ومن الطَّبِيعِيّ أن الرَّجُل الْهَمِدَانِيّ لا يريد أن يقول بأن هذا الوجود الواحد مستقلّ عن الأفراد خارجاً؛ إذ مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّه لا وجود مستقلّ لِلْكُلِّيِّ الطَّبِيعِيّ خارجاً فِي غير أفراده، وإنَّما هو وجود واحد سِعيّ ومنتشر للأفراد.

 لكن فِي مقابل هذا الكلام يأتي كلام شيخ الرئيس والمشهور والصحيح أيضاً من أنَّ نسبة الكلّي الطَّبِيعِيّ إلى الأفراد لَيْسَت نسبة الأب إلى الأبناء، بل نسبة الآباء العديدين إلى الأبناء العديدين:

 لَيْسَ الطَّبِيعِيّ مع الأفراد كالأببل آباء مع الأولادفَكَمَا أَنَّ الآباء بِالنِّسْبَةِ إلى الأفراد لهم وجودات عديدة خارجاً، كذلك كلي الطَّبِيعِيّ (مثل كلي الإنسان) له وجودات عديدة فِي الخارج بعدد الأفراد وليس كما يقول الْهَمِدَانِيّ.

 صاحب الإشكال يقول: هذا الكلام الَّذي قلتموه وقاله الآخوند هنا وقاله غيره فِي أماكن أخرى وهو أن الطَّبِيعِيّ يوجد بوجود فرد واحد، لٰكِنَّهُ لا ينعدم إلاَّ بانعدام جميع الأفراد، هذا الكلام إِنَّمَا يصحّ عَلَىٰ بناء عَلَىٰ الكلّي الْهَمِدَانِيّ، وحيث أن الكلّي الْهَمِدَانِيّ باطل، والصحيح هو خلافه، إذن فهذا الكلام باطل أيضاً. وتوضيح هذا مع جوابه يأتي غداً إن شاء اللٰه تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo