< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

34/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 {خبر الواحد/إثبات الصدور/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول}
 الطائفة الثَّانِيَة
 الطائفة الثَّانِيَة من الروايات الَّتِي قد يستدل بها عَلَىٰ عدم حُجِّيَّة خبر الواحد عبارة عن الروايات الَّتِي تعرض..
  بالإمكان تقسيم العناوين الواردة فيها إِلَىٰ عنوانين رئيسيين:
 الأول: عنوان موافقة الكتاب وعدم موافقة الكتاب.
 الثَّانِي: عنوان مخالفة الكتاب وعدم مخالفة الكتاب.
 فلا بد من دراسة هذين العنوانين.
 
 العنوان الأول: موافقة الكتاب وعدم موافقة الكتاب
 أَمَّا العنوان الأول فنجده في روايات عديدة:
 1- ما رواه العاملي عن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: وحدثني الحسين بن أبي العلاء أَنَّهُ حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله × عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به، ومنهم من لا نثق به، قال: >إِذَا وَرَدَ عَلَيْكُمْ حَدِيثٌ فَوَجَدْتُمْ لَهُ شَاهِداً مِّنْ كِتَابِ اللَهِ أَوْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَهِ صلى الله عليه وآله، وَإِلاَّ فَالَّذِي جَاءَكُمْ بِهِ أَوْلَى بِهِ<( [1] ).
 2- ..: >كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زُخرف< [أي: باطل].
 3- رواية أيوب ابن راشد عن الإمام الصادق ×: >ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف< [كلمة >من< فيها بيانية، أي: الحديث الَّذِي لا يوافق القرآن فهو زخرف].
 وهذه نماذج من الروايات الموجودة في الوسائل 27-ص111، آل البيت.
 فتدل هذه الروايات عَلَىٰ أن كل خبر لا يوافق القرآن يسقط عن الْحُجِّيَّة. أي: لا يوجد بمضمون هذا الحديث لا نص ولا عموم ولا إطلاق قرآني يكون ساقطاً عن الْحُجِّيَّة، ومنه خبر الثقة إذا لم يوافق القرآن. هذا بالنسبة للخبر الَّذِي لا يوافق القرآن.
 أَمَّا الخبر الَّذِي يوافق مضمون القرآن فيوجد احتمالان ذكرهما سَيِّدُنَا الأُسْتَاذُ الشَّهِيدُ & في بحث التعارض وليس هنا.
 الاحتمال الأول: أن لا يكون مشمولاً لهذه الروايات، فإن هذه الروايات تدل عَلَىٰ الخبر الَّذِي لا يوافق القرآن، أَمَّا الخبر الموافق لهذه الروايات فهو خارج موضوعا.. وَإِنَّمَا هذه الروايات تدل عَلَىٰ أن هذا الخبر حجة؛ لأَنَّهُ موافق للقرآن. فهو حجة بملاك موافقته للقرآن، وبملاك أَنَّهُ يوجد بمضمونه نص قرآني أو إطلاق أو عموم.. فهذه الروايات بِنَاءً عَلَىٰ هذا الاحتتمال الأول بصدد تأسيس حُجِّيَّة جديدة غير حُجِّيَّة خبر الثقة، .. مجرد موافقته للكتاب كاف في حجيته حَتَّىٰ لو كان روايه كذاباً لأَنَّهُ موافق للقرآن.
 فإن قلت: ما هو أثر جعل الْحُجِّيَّة مِنْ قِبَلِ الشَّارِع لهذا الخبر الموافق للقرآن؟
 قلت: يظهر أثر حُجِّيَّة هذا الخبر في بعض الموارد مثل ما إذا كان هذا الخبر أخص من القرآن، فهو خبر موافق للعام القرآني، وَحِينَئِذٍ يستفاد منه بعض الخصائص الَّتِي يستفاد من الْخَاصّ ولا يستفاد من الْخَاصّ وذلك من قبيل ال.. كما لو فرضنا أن الْعَامّ القرآني كان مخصصَّاً بخبر الثقة الَّذِي كان بدوره مخصَّص بخبر غير ثقة، فَبِالتَّالِي .. جعل الْحُجِّيَّة له يوجب الأخذ بمفاد القرآن في هذا المورد وتخصيص ذاك المخصِّص الأول، وإلا لو لم تُجعل الْحُجِّيَّة له فنحن مجبورون .. مَثَلاً الْعَامّ القرآني دل عَلَىٰ حلية كل بيع {وأحل الله البيع} وهذا يشمل بيع البالغ وبيع الصبي، والصبي يشمل كل صبي كالصبي المراهق وغير المراهق. ثم جاء مخصص أخرج بيع الصبي من هذا الْعَامّ القرآني. وجاء خبر غير ثقة يخصص هذا المخصص، أي: يَدُلُّ عَلَىٰ أن الصبي المراهق بيعه نافذ.
 فهناك عام قرآني يَدُلُّ عَلَىٰ حلية ونفوذ كل بيع يشمل بيع الصبي بأقسامه، وهناك مخصص أخرج كل أنواع بيع الصبي، وهناك خبر آخر غير ثقة أدخل بيع الصبي المراهق إِلَىٰ الْعَامّ، فيكون هذا الخبر غير الثقة موافقا للقرآن. فلو قلنا بأن الشَّارِع جعل الْحُجِّيَّة للخبر الموافق للقرآن بملاك الموافقة للقرآن فيكون بيع الصبي المراهق صحيحاً؛ وإن كان .. فإذا كان حجة فيخصص المخصِّص الأولَّ.
 فلو جعلت الْحُجِّيَّة لهذا الخبر الأخير الَّذِي نفرض أَنَّهُ غير ثقة، فيترتب عَلَىٰ هذه الْحُجِّيَّة أثر وهو الأخذ بهذا الخبر وتخصيص الخبر الأول به، أَمَّا لو لم تجعل الْحُجِّيَّة له نبقى نحن والعام القرآني والخبر المخصص الأول.
 إذن، فليس جعل الْحُجِّيَّة لهذا الخبر لغواً ما له أثر؛ لأَنَّنَا نستفيد منه ما لا يمكن أن نستفيده من الْعَامّ القرآني.
 
 الاحتمال الثَّانِي: أن الخبر الموافق للقرآن أَيْضاً مشمول لهذه الروايات الَّتِي تدل عَلَىٰ أن الخبر الَّذِي لا يوافق القرآن ليس حجةً، وذلك بأن يقال إن هذه الروايات الَّتِي تردع عن الأخبار الَّتِي لا توافق القرآن العرف يفهم منها ويستفيد أن هذه الروايات تريد أن تردع عن خَبَر الْوَاحِدِ؛ لأن خَبَر الْوَاحِدِ إما هو.. وهذا الأثر الَّذِي ذكرناه قبل قليل أثر نادر لا يترتب عليه أثر (والنادر بحكم المعدوم).. والظاهر من هذه الروايات .. بعد فرض تمامية دلالة .. وهو أن هذه الروايات تريد أن تردع عن مطلق خبر الواحد لو سلمنا بأصل المطلب الَّذِي لنا فيه كلام و..
 عَلَىٰ كل حال نرجع إِلَىٰ أصل البحث وهو الاستدلال بهذه الروايات عَلَىٰ عدم حُجِّيَّة الخبر الَّذِي لم يرد بمضمونه نص قرآني، هل يمكن أن نستدل بهذه الروايات الَّتِي جعلت المعيار في قبول الخبر ورفض الخبر موافقة القرآن وعدم موافقة القرآن، عَلَىٰ الردع عن الخبر الَّذِي لا يوجد مضمونه في القرآن الكريم؟ إذا تم هذا الاستدلال فسوف يسقط معظم أخبار الآحاد عن الْحُجِّيَّة؛ لأَن معظم أخبار الآحاد لم يرد لمضمونه أي أثر في القرآن الكريم.
 هذا طَبْعاً إذا لم نستظهر الاحتمال الثَّانِي، وإلا فلو استظهرنا الاحتمال الثَّانِي تبعاً لسَيِّدِنَا الأُسْتَاذِ الشَّهِيدِ & يسقط جميع أخبار الآحاد .. فهل هذا الاستدلال صحيح؟ هذا ما نبحثه في يوم السبت إن شاء الله تعالى


[1] - العاملي، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: ج27، ص111، ط آل البيت ^.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo