< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

35/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: آية النبأ/الكتاب/أدلة الحجية/خبر الواحد/وسائل الإثبات التَّعَبُّدِيّ/إثبات الصدور/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول

ذكرنا في القسم الثالث تقريبين ونريد الآن أَن ننفي إمكانية انطباقهما عَلَىٰ القسم الثالث وَبِالتَّالِي لا يَصِحّ أَن نُلحق القسم الثالث بالقسم الأول، فلا يَصِحّ أَن نقول بِأَنَّهُ قضية شرطية مصوغة لبيان الموضوع ولا مفهوم لها؛ وذلك كالآتي:
أما التقريب الأول فلأَنَّنا فرضنا فيه أَن الشَّرط ليس عين الموضوع وليس أَيْضاً مبايناً للموضوع، فهو أحد طرق تحقق الموضوع. إذن، طالما أَن الشَّرط في القسم الثالث ليس هو الأسلوب الوحيد لتحقق الموضوع فنختار الشق الأول من الشقين المذكورين في التقريب الأول وهو أَن هذه القضية الشرطية الَّتِي يكون الشَّرط فيها من قبيل القسم الثالث لها مفهوم، ونريد بالمفهوم انتفاء مفاد الجزاء عند انتفاء الشَّرط، ولا يلزم منه المحذور المذكور في التقريب الأول من تحصيل الحاصل؛ لأَنَّ مفاد الجزاء وإن كان متقوماً بموضوعه وموضوعُه متقوم بالشرط، إِلَّا أَن الشَّرط ليس الأسلوب الوحيد لتحقق الموضوع، وهذا يعني أَن الموضوع قد يتحقق ويتقوم بغير الشَّرط. إذن، وجوب التَّبَيُّن (وهو الجزاء) في الآية الشريفة وإن كان متقوماً بالنبأ (وهو الموضوع) والنبأ أَيْضاً متقوم بالشرط (أَيْ: مجيء الفاسق) لكن النبأ كما قد يتقوم بمجيء الفاسق به، كذلك قد يتقوم بمجيء العادل به، فليس الشَّرط وهو مجيء الفاسق هو الأسلوب الوحيد لتحقق الموضوع (أَيْ: النبأ)، فليس تحصيلاً للحاصل ولا السالبة بانتفاء الموضوع. فلا ينطبق التقريب الأول عَلَىٰ القسم الثالث.
وأما التقريب الثَّانِي: فلا ينطبق أَيْضاً عَلَىٰ القسم الثالث؛ وذلك لأَنَّ الحكم (أَيْ: وجوب التَّبَيُّن) هنا وإن كان ذاتاً متقوّماً بموضوعه (أَيْ: وجود النبأ)، لكن وجود هذا الموضوع وتحقّقه قد يحصل من غير الشَّرط (أَيْ: عن غير طريق مجيء الفاسق به) بأن ينبأ العادل بالنبأ مثلاً، فلو لم يكن المتكلم قد أناط الحكم بالشرط لكنا بقلم الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه نقول بوجوب التَّبَيُّن كُلَّمَا تحقق الموضوعُ مُطْلَقاً (أَيْ: بأي نحو وعن أي طريق)، لكن المفروض أَن المتكلم ذكر الشَّرطَ ومعنى ذلك أَنَّهُ قيَّد دائرة الحكم بما إذا تحقق الموضوع عن طريق الشَّرط (إنباء الفاسق). إذن، يوجد هنا تقييد زائد وراء التقييد الثابت في كُلّ حكم مع موضوعه.
والحاصل أَن التقييد الحقيقي الَّذِي نبتغيه في القسم الثالث معقول وليس مستحيلاً كما كان في القسم الأول.
وتمخض عن كُلّ ذلك عدم تمامية شيء من تقريبي عدم المفهوم للقضية الشرطية المصوغة لبيان الموضوع في القسم الثالث من الشَّرط وهو الشَّرط الَّذِي يكون أحد أساليب تحقق الموضوع، فالقسم الثالث أَيْضاً له مفهوم.
إِلَىٰ هنا اتضح أَن الشَّرط في الآية الشريفة إِن افترضناه كالقسم الأول فالنتيجة أَن الآية لا مفهوم لها (أَيْ: تكون القضية الشرطية في الآية مصوغة لبيان الموضوع) ويكون الحق مع الشَّيْخ الأنصاري &.
أما إذا افترضنا أَن الشَّرط في الآية الشريفة من القسم الثَّانِي فيكون من الواضح أَن الآية الشريفة لها مفهوم بناء عَلَىٰ أصل الإيمان بمفهوم الشَّرط، فيكون الحق مع الآخوند الخراساني.
وأما إذا افترضنا بأن الشَّرط في الآية من القسم الثالث فيكون الصحيح والمختار لدينا ثبوتُ المفهوم للآية الشريفة؛ وذلك من منطلق إيماننا بالمفهوم في القسم الثالث.
إذن، يبقى علينا أَن نحدد أَن القضية الشرطية المذكورة في الآية الشريفة من أي قسم هي؟
الجواب: هو أَنَّهُ لا بد من نلحظ وجه عدم ثبوت المفهوم في القسم الأول كي يتضح حال هذا القسم ونعرف أَنَّهُ هل يلحق به في عدم ثبوت المفهوم له أم لا؟
وهناك تقريبان لإثبات عدم المفهوم في القسم الأول:
التقريب الأول: أَن المفهوم كما قلنا عبارة عن انتفاء الحكم المذكور في الجزاء عن الموضوع عند انتفاء الشَّرط، وَحِينَئِذٍ ففي القسم الأول (أَيْ: مثل قولك: >إِن رزقت ولداً فاختنه<) إِن أريد بالمفهوم نفيُ نفس مفاد الجزاء (وهو وجوب ختان الولد) عند انتفاء الشَّرط، فهذا تحصيل للحاصل؛ لأَنَّ وجوب ختان الولد ينتفي قهرا عند انتفاء الشَّرط الَّذِي هو عبارة عن وجود الولد من باب انتفاء موضوعه. ومن الواضح أَن انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه أمر ثابت إعداد وتقرير الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه حَتَّىٰ في الجملة الحملية؛ فوجوب الختان حَتَّىٰ لو كان قد بُيّن بنحو القضية غير الشرطية (كقولك: >اختن ولد<) لكان أَيْضاً ينتفي عند انتفاء وجود الولد؛ فليس للتركيب الشرطي هنا دخلٌ في انتفاء مفاد الجزاء عند انتفاء الشَّرط (أَيْ: ليس للقضية الشرطية بما هي قضية شرطية مفهوم)؛ إذ ليس هناك تقييد آخر للحكم غير تقييده بموضوعه.
وإن أريد بالمفهوم نفي أمر آخر غير مفاد الجزاء (كوجوب ختان الأخ مَثَلاً عند انتفاء الشَّرط الَّذِي هو وجود الولد)، فهذا سنخ مفاد آخر غير الحكم المذكور في الجزاء؛ بداهةَ أَن وجوب ختان الولد مباين لوجوب ختان الأخ، بينما المفهوم كما قلنا عبارة عن انتفاء مفادا لجزاء عند انتفاء الشَّرط، لا انتفاء مفاد آخر مباين له.
إذن، فعلى كُلّ تقدير لا مفهوم في هذا القسم.
وهناك تقريب آخر نذكره غدا إِن شاء اللـه تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo