< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

36/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الجواب علی الشبهة المثارة حول الاستدلال بالسیرة علی حجیة خبر الواحد
کنا بصدد الإجابة علی الشبهة القائلة بامکان كون عمل المتشرعة بخبر الواحد علی أساس حصول الاطمینان الشخصي لا کون وثاقة الراوي أمارة علی صحة نقله و إخباره
و قلنا إن هناک حالات و موارد لا یمکن فیها حصول الاطمینان عادة و مع ذلک نری ان المتشرعة عملوا فیها بأخبار الآحاد مما یکشف علی عدم کون عملهم مبتنیا علی حصول الاطمینان و قد ذکرنا اربعة حالات و الآن نذکر بقیة الحالات
الحالة الخامسة:
الحالة الخامسة من الحالات التي مقرونة -عادة- بوجود موانع تمنع و تعیق عن حصول الاطمینان الشخصي بصدور خبر الواحد و هي حالة النقل الشفهي، أي: إذا نقل الواحد الثقة نقلا شفهیا لا من خلال الکتابه، یعنی: أن الراوی قد تَحَمَّلَ الروایة شفهیا ثم نقله -و لم یسجل الروایة ثم نقل الروایة عما سجله- و في مثل هذه الحالة نحن نجد ان عمل المتشرعه کان هو الاخذ بهذا الخبر الذي ینقله زرارة مثلا شفهیا و لو لم یسجله في اصله و لا یفرِّقون في الاعتبار و الحجیة بین الخبر الذي یرویه الراوي شفهیا و بین الخبر الذي یرویه عن أصله و کتابه و هذه الحالة من الحالات التي هي مقترنة بما یمنع عن حصول الاطمینان، فإن احتمال صحة صدور الخبر یضعف في حالات النقل الشفهي فان الخطأ في النقل الشفهي اکثر بکثیر من حالات النقل عن الکتاب خصوصا اذا کان هناک فاصل زمني طویل بین زمن تحمّل الروایة و بین زمن نقلها
ففي هذه الحالة یصعب الاطمینان بصحة هذا النقل و لو کان الاساس في عملهم حصولَ الاطمینان لکان من اللازم ان لا یأخذوا بهذه الاخبار و لم یعملوا بها لان في حالات النقل الشفهي یصعب حصول الاطمینان، بینما نحن نجد أنهم کانوا یاخذون بالاخبار المنقولة شفهیا کما کانوا یاخذون بالاخبار المنقولة من الکتب و الاصول
الحالة السادسة:
و هي حالة نقل الواحد الثقة لخبر غریب یکون مضمونه من المضامین التي یستبعد صدقها او حالة نقل الثقة لخبر یکون مضمونه خلاف المرتکزات و المتبنیات أو نقله لخبر یکون متنه مشوشا مما یضعف احتمال صدور الحدیث
و السؤال هو أنه هل المتشرعة کانوا یعملون بخبر الثقه في مثل هذه الحالات؟ الجواب: هو انهم یعملون بلاشک و لا یفرقون في الاخذ بأخبار الثقات بین ما کان مضمونه عادیا و بین ما کان مضمونه غریباً و خلاف المرتکزات
و الحال ان غرابة المضمون و مخالفة المضمون للمرتکزات تشکل مانعا تکوینیا عن حصول الاطمینان بصحة النقل، فلو کان اساس عمل المتشرعة حصول الإطمینان من نقل الثقة لکان المفروض ان لا یاخذوا بهذا الخبر و أن لا یعملوا به
الحالة السابعه:
حالة وجود مصلحة للراوي في نقل هذه الروایة یعني أن مصحلته الشخصیة تقتضي ان یکون الحکم الشرعي مطابقاً لما ینقله کما اذا کانت الروایة تناسب حرفته و محنته کما اذا کان الشخص نخاسا یبیع الاباء و العبید و یشتریهم و نقل روایة دالة علی حکم شرعي یکون موضوع الحکم فیها النخاس و ذاک الحکم یناسب مصلحته فمثلا مصلحته تقتضي أن یشتري أطفال الکفار و یبیعهم و ینقل روایة تکون مناسبة لمصلحته
و کما اذا کان الراوي صرافا و روی روایة تتضمن حکما شرعیا ثابتا علی الصرف و ذاک الحکم یتفق مع مصلحة الراوي ففي مثل هذه الحالات نسآل: هل المتشرعة کانوا یعملون بخبر الثقة او لا یعملون؟ لا شک أنهم یعملون بخبر الثقة في هذه الحالة ایضا و لا یفرقون بین ما اذا کانت الروایة مطابقة لمصلحته و بین ما لم تکن مطابقة لمصالحه
و في مثل هذه الحالة لا یحصل للانسان العادي الاطمینانُ الشخصي بذاک الخبر اذ یحتمل ان یکون الشخص الثقة کاذبا في هذا النقل -المطابق لمصلحته- و إن کان الاحتمال ضعیفا و لکن ضعف الإحتمال لا یعیق عن حصول المانع لحصول الاطمینان
الحالة الثامنه:
و هي حالة الاخبار مع الواسطة و هي الحالة التي نواجهها الیوم -فإن کل خبر موجود بایدینا في الکتب الاربعة و في الوسائل و في البحار و فی کل موسوعة روائیة انما هو منقول لنا بوسائط عدیدة- فان زرارة لم یخبرنا مباشرة بکلام المعصوم و انما نُقل لنا کلامه بعدة وسائط، ففي مثل هذه الحالة لا اشکال و لا ریب في أن المتشرعة و الفقهاء یعملون بالخبر مع الواسطة اذا کانت الرواة کلهم ثقات مع أنه لا اشکال في أن الاطمینان الشخصي لا یحصل في حالات الاخبار مع الواسطة، ففرق کبیر بین ان نسمع مباشرة من زرارة و بین أن نسمع إخبار زرارة عبر عشر وسائط فاحتمال صدور الکلام من الامام یضعف فی حالات النقل مع الواسطة بلا شک
إذن، فنفس عمل المتشرعه بالأخبار مع الواسطة کاشف عن أن عملهم لم یکن علی أساس حصول الإطمینان
هذه حالات ثمان مقترنة بعوامل توجب ضعف احتمال الصدق و الصدور و بالتالي توجب عدم حصول الاطمینان الشخصي بالصدور علی اساس حساب صحیح للإحتمالات
فمن خلال عمل المتشرعه یتضح أن عملهم لم یکن علی اساس حصول الاطمینان لهم، بل کان علی اساس أن وثاقة الراوي کانت امارة علی الصدق و صحة النقل و هذا یناسب مع الحجیة التی نحن بصدد إثباتها
إذن، فالإدعاء الاول –أي: حصول الاطمینان من طریق صحیح- باطل اذ توجد هناک حالات عدیدة لا یحصل الاطمینان الشخصي فیها بالصدور
الإحتمال الثانی:
و أما اذا کان یدعي الادعاء الثاني و هو أن المتشرعة انما کانوا یعملون باخبار الثقات علی اساس حصول الاطمینان و لو جزافا باعتبار غفلتهم عن العوامل التي توجب الاطمینان بالصدور
و هذا الإحتمال باطل قطعا و أشنع من الاحتمال الاول، فإنه لا نحتمل حصول الاطمینان للمتشرعة جزافا في کل الروایات و بالنسبة الی کل الرواة، إذ لا یمکن حصول الاطمینان لکل المتشرعة في کل اخبار الثقات جزافا و عشوائیا و بدون نکتة و جهة
فإن قوانین حساب الاحتمالات امور وجدانیة و ثابتة عند کل انسان فاذا کان یمنع حساب الاحتمالات عن حصول الاطمینان الشخصي فلا یحصل الاطمینان لأی إنسان
و بهذا یتضح ان کلا الادعائین غیر صحیح و یثبت أن عمل الاصحاب و المتشرعة في عصر الائمة لم یکن علی اساس حصول الاطمینان لهم بل کان علی اساس یناسب الحجیة، یعني أنهم کانوا یعملون باخبار الثقات باعتبار کون وثاقة الراوي امارة کاشفة عن صحة نقله و صدوره
هذا تمام الکلام في المقام الثاني من المرحلة الأولی و هو مقام البحث عما استدل به علی حجیة خبر الواحد و بهذا انتهینا من المرحلة الاولي من البحث و تبین ان خبر الواحد حجة و تم الدلیل من السنة و السیرة علی حجیته
و فیما یأتی نبدأ المرحلة الثانیة و هي تحدید دائرة الحجیة و هذا ما یأتی غدا

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo