< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الفقه

38/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

حرمة الغناء:

وأما ما ذكره السيد الخوئي ره وغيره ممن سبقه من كون التزمير صفة للصوت فقد يقرب ببعض القرائن التي تدل على استعمال التزمير في معنى الغناء او تحسين الصوت :

منها : ما في ( عيون الأخبار ) بأسانيده السابقة في اسباغ الوضوء عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أخاف عليكم استخفافا بالدين ، وبيع الحكم ، وقطيعة الرحم ، وأن تتخذوا القرآن مزامير ، تقدمون أحدكم وليس بأفضلكم في الدين[1] .

ومنها: ما رواه الزمخشري وغيره عن رسول الله أنه سمع يعني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صوت الأشعري وهو يقرأ فقال لقد اُوتي هذا من مزامير آل داود ، قال بريدة : فحدثته بذلك فقال : لو علمت أن نبي الله استمع لقراءتي لحبرتها[2] .

قال الزمخشري ضرب المزامير مثلاً لحسن صوت داود ( عليه السلام ) وحلاوة نغمته كأن في حلقه مزامير يزمر بها[3] .

ومنها : ماعن امير المؤمنين عليه السلام (وإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ ـ وقَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ـ فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِه ـ ويَقُولُ لِجُلَسَائِه أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا ـ ويَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ مِنْ ثَمَنِهَا) [4] .

ومنها : ما في توحيد المفضل عن الصادق عليه السلام : فالحنجرة كالأنبوبة لخروج الصوت ، واللسان والشفتان والأسنان لصياغة الحروف والنغم . ألا ترى أن من سقطت أسنانه لم يقم السين ، ومن سقطت شفته لم يصحح الفاء ، ومن ثقل لسانه لم يفصح الراء ، وأشبه شئ بذلك المزمار الأعظم ، فالحنجرة تشبه قصبة المزمار ، والرئة تشبه الزق الذي ينفخ فيه لتدخل الريح ، والعضلات التي تقبض على الرئة ليخرج الصوت كالأصابع التي تقبض على الزق حتى تجري الريح في المزامير والشفتان والأسنان التي تصوغ الصوت حروفا ونغما كالأصابع تختلف في فم المزمار فتصوغ صفيره ألحانا غير أنه وإن كان مخرج الصوت يشبه المزمار بالآلة والتعريف فإن المزمار – في الحقيقة - هو المشبه بمخرج الصوت[5] .

وكل ذلك لا يجدي في اخراج النص عن ظهوره في كون التزمير بنفس الغناء والاستعمال, فهو ان تم في بعض الموارد _ان صحت الرواية فيه_ أعم من الحقيقة والمجاز لا يصلح لان يثبت ظهورا في مورد دون مورد .

خصوصا مع ملاحظة ما ذكره في الجواهر من تعليقة على حديث علي بن جعفر بأنه ( كالمضطرب محمول على التقية أو على إرادة خصوص العرس في اليومين أو على إرادة التغني بالشعر على وجه لا يصل إلى حد الغناء ، فيكون ذلك هو المراد من قوله ما لم يعص به ، أو غير ذلك مما هو خير من الطرح الذي لا بأس بالتزامه إذا أبيت الحمل )[6] .

مما يناسب أن حمل التزمير على الغناء نفسه تكلف لا يصار اليه الا بقرينة أو حملا للحديث على خلاف ظاهرا خروجا من طرحه , ولم تتم لدينا القرينة ولم يثبت عندنا صحة حمل الحديث على غير معناه الظاهر فانه يلزم في مثله التوقف عن تكذيبه بل ينبغي رد علمه الى اهله .

والحمل على معنى معين من دون حجة تصلح لإثباته ونسبته الى أهل بيت العصمة والطهارة لا يخرج عن القول بغير علم الذي هو قد يكون من الافتراء حقيقة أو تعبدا أو احتمالا كما هي محتملات الآية الشريفة (...قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) [7] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo