< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الفقه

38/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

حرمة الغناء : نقد أدلة الجواز

2_ محمد بن علي بن الحسين قال : سأل رجل علي بن الحسين عليه السلام عن شراء جارية لها صوت ؟ فقال : ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة ، - يعني بقراءة القرآن - والزهد والفضائل التي ليست بغناء ، فأما الغناء فمحظور[1] .

والظاهر أن قوله يعني الى آخره من كلام الصدوق نفسه .

وجزمه بالنقل لا ينفع في اثبات اعتبار الرواية وان كان يصلح لتقوية احتمال صدورها خصوصا ان تظافرت مع غيرها في المضمون ولو اجمالا .

وأما دلالتها فقد قال الفيض الكاشاني تعقيبا عليها: وعلى هذا فلا بأس بسماع التغني بالأشعار المتضمنة ذكر الجنة والنار والتشويق إلى دار القرار ووصف نعم اللَّه الملك الجبار وذكر العبادات والترغيب في الخيرات والزهد في الفانيات ونحو ذلك كما أشير إليه في حديث الفقيه بقوله عليه السّلام فذكرتك الجنة وذلك لأن هذه كلها ذكر اللَّه تعالى وربما " تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ " [2]

ولكنه غير تام فالرواية بحسب ظاهرها لا تصلح لإثبات حلية الغناء فان لفظه لم يذكر في الرواية نعم ذكر أن للجارية صوت والظاهر منه أن صوتها حسن ولا مانع من أن يكون ذلك كما ذكر الشيخ الصدوق فإن قراءة القران ترتيلا غير بالغ الى حد الغناء تناسب الاستفادة بصوتها في حدود الشرع وكذا انشاد الشعر في المواعظ والرثاء لسيد الشهداء ع دون بلوغه حد الغناء .

وهو أمر شائع في النصوص التي ذكرت استحباب تحسين الصوت بقراءة القران و الانشاد في مدحهم و في رثاء الحسين و منه وعن أبي بصير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قوله تعالى : ( ورتّل القرآن ترتيلا ) قال : هو أن تتمكّث فيه ، وتحسن به صوتك [3] .

وعن الحسن بن عبد الله التميمي عن أبيه عن الرضا ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : حسّنوا القرآن بأصواتكم ، فإنّ الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً . (وعن دارم بن قبيصة عن الرضا ( عليه السلام ) عن آبائه مثله...) [4] .

وعن سماعة عن شيخ من أصحابنا عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : جئنا نريد الدخول عليه ، فلمّا صرنا في الدهليز سمعنا قراءة بالسريانيّة بصوت حسن يقرأ ويبكي حتّى أبكى بعضنا [5] .

وعن موسى النميري قال : جئت إلى باب أبي جعفر لأستأذن عليه فسمعنا صوتاً حزيناً يقرأ بالعبرانيّة فبكينا حين سمعنا الصوت فظننّا أنّه بعث إلى رجل من أهل الكتاب يستقرئه ، فأذن لنا فدخلنا عليه فلم نرَ عنده أحداً ، فقلنا : أصلحك الله سمعنا صوتاً بالعبرانيّة فظننّا أنّك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب تستقرِئه ، قال : لا ولكن ذكرت مناجاة إيليا لربّه فبكيت[6] .

ومثلها غيرها . فلا تصلح مرسلة الصدوق للدلالة على الحلية .

بل قد يستدل بها على الحرمة بتقريب أن الغناء لو كان مباحا كما يدعى لقال عليه السلام له يجوز ولم يقيد جوابه له بأنها تذكره الجنة خصوصا أنه كان بصدد رفع وهم المحذور عنه بقوله عليه السلام : ما عليك .

ولكن ذلك قد يناقش بأن بيان الامام له انها تذكره الجنة صالح لبيان عدم الغضاضة ونفي الكراهة عن شرائه لها وليس مجرد اثبات الجواز اذ ربما يعلم السائل ان الغناء محلل بحد نفسه ولم يكن بحاجة للسؤال عن حكمه وانما كان بحاجة لمعرفة أن الشراء كمال أو نقص وانه مستحب أو مكروه فأجابه عليه السلام بأنه مقدمة للمستحب .

ويندفع بأن فرض الوضوح لدى السائل في كون الغناء أمر في غاية البعد ويتنافى مع الكثرة الكاثرة من الروايات التي تضمنت الاستفتاء من أئمة الهدى عنه فحتى من قال بجواز الغناء لم يقل بوضوح جوازه بحيث لم يحتج الى السؤال وأن مبرر السؤال هو معرفة مقتضى الكمال فحسب .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo