< فهرست دروس

الأستاذ السید حسین الحکیم

بحث الأصول

38/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

مرات الحكم : المنجزية وكونها مشككة

استدراك وتتميم لتقريب السيد الشهيد الصدر لكلام المشهور حول معنى البيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان

بل وجدنا أنه نفسه طاب ثراه في مباحث وجوب الفحص يصرح بالقول: (المقام الأول - في وجوب الفحص عن الحجة على الإلزام قبل إجراء الأصول المؤمنة ، والبحث عن ذلك تارة بلحاظ الشبهات الحكمية ، وأخرى بلحاظ الشبهات الموضوعية بعد الفراغ عن لزومه في الشبهات الحكمية .

اما الشبهة الحكمية فالأصل المؤمن فيها تارة يكون عقليا كما إذا قلنا بالبراءة العقلية ، وأخرى يكون شرعيا .

اما البراءة العقلية فقد بنوا على اختصاصها بما بعد الفحص وعدم وجدان دليل على الإلزام ، وذهب المحقق الأصفهاني ( قده ) إلى عدم الاختصاص .

وقد عرفت فيما سبق عدم وجود حكم عقلي بالبراءة في حق المولى الحقيقي ومما يؤيد تاريخيا إنكارنا لهذه القاعدة انا نجدها في كلمات الشيخ الطوسي ( قده ) والمحقق والعلامة ....) [1] .

وهذا منه _ ره _ إقرار بالمطلب الذي بيناه من كونهم لا يقصدون من عدم البيان ( عدم العلم والوصول ) ومخالف لظاهر ما ذكره من أن مرادهم بالبيان هو العلم والوصول, فالعلم والوصول لا يحتاج الى بحث وفحص اذ بدون تحقق العلم وبدون الوصول من خلال الحجة يتم (عدم البيان) فلا مبرر للتنجيز ولا موجب للفحص والبحث ولا قيمة لاحتمال التكليف الالزامي .انتهى الاستدراك

المنجزية من الأمور المشككة ذات المراتب

وعلى حال فالمنجزية من الأمور المشككة ذات المراتب الطولية سواء فسرناها بالمعنى المشهور وهو استحقاق العقاب على مخالفة التكليف أو بالمعنى المختار وهو الخطر .

أما على الأول فإن استحقاق العقاب قابل للشدة والضعف من حيث درجة قيام الحجة فمن عرف الحق وأبصره يقينا ليس كمن وصل اليه من دون يقين فليس الخبر كالعيان و قد قال عز من قائل : (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ) [2] .

وقد ورد في تفسير علي بن ابراهيم القمي أنه تعالى : (قال حكاية عن قريش ( وقالوا لولا انزل عليه ملك ) يعني رسول الله صلى الله عليه و آله ( ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون ) فأخبر عز وجل ان الآية إذا جاءت والملك إذا نزل ولم يؤمنوا هلكوا ، فاستعفي النبي صلى الله عليه و آله من الآيات رأفة ورحمة على أمته وأعطاه الله الشفاعة ) [3] .

وقال الشيخ الطوسي : (ثم أخبر عن عظم عنادهم انه لو أنزل عليهم الملك على ما اقترحوه لما آمنوا به ، واقتضت الحكمة استئصالهم وألا ينظرهم ولا يمهلهم ) [4] .

وهو مناسب جدا لما ذكرناه من كون الاستحقاق آكد وأشد باتضاح الحجة .

وقد نقل عن البعض أن ( المتنجز لا يتنجز) ولكن (هذا النهج من الاستدلالات في المسائل الأصولية والفقهية التي هي أمور ترتبط بالاعتبارات الشرعية أو بمدركات العقل العملي في نفسه غير سديد ، إذ ليس باب التنجيز باب الآثار والظواهر الطبيعية ليقاس بها فيقال مثلا بان المتنجز لا يتنجز كما أن الموجود لا يوجد أو العرض لا يتعدد على محل واحد بل بابه باب إدراك العقل لحق الطاعة وقبح المخالفة وعدمه فلا بد وان يرجع إليه ) [5] .

وبالرجوع الى أحكام العقل العملي وادراكه للحسن والقبح لا ينبغي التردد في كون التنجيز مشككا وذا مراتب وصالحا للشدة والضعف .

ومن هنا فإن كون الاحتمال بحد نفسه منجزا لا يعطل منجزية الاستصحاب فضلا عن الأمارات الشرعية من قبيل الظهور وخبر الثقة ونظر الخبير .

وكذا الحال بناء على المختار من كون حقيقة المنجزية هي الخطر , وأن استحقاق العقاب منشأ للمنجزية وليس هو عينها فإن الخطر يشتد ويضعف بحسب قيام الحجة وشدة استحقاق العقاب وضعفه فقد روى في الكافي عن عَلِيّ بْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيه عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه ع قَالَ : قَالَ: يَا حَفْصُ يُغْفَرُ لِلْجَاهِلِ سَبْعُونَ ذَنْباً قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ [6] .

ولا ريب أن العلم التفصيلي اشد تسبيبا للمنجزية من العلم الاجمالي والعلم الاجمالي اشد من الاطمئنان وهو أشد من خبر الثقة الذي هو اشد من الاستصحاب الذي هو أشد من الظن المطلق الذي هو اشد من الشك الذي هو اشد من الاحتمال الضعيف وهكذا .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo