< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

37/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل يلحظ النصاب بعد المئونة أو قبلها

النقطة الثانية: في ان النصاب ـ وهو ما قيمته عشرين دينارا ـ يلاحظ في المعدن الباقي بعد استثناء المؤنة او في المعدن المخرج كله بما فيه المؤنة فمثلا لو كان المعدن المخرج يساوي خمسة وعشرين دينارا وصرف مؤنة في إخراجه عشرة دنانير. فعلى الأول لا يتم النصاب لان الباقي بعد استثناء المؤنة خمسة عشر دينارا فقط وهي دون النصاب، وعلى الثاني يتم النصاب لأنها أكثر من عشرين دينارا.

ذهب المشهور الى الاول بل عن ظاهر التذكرة والمنتهى نفي الخلاف فيه بل في الجواهر قال: "وفاقاً للمنتهى والتذكرة والدروس، بل ظاهر الأولين كونه مجمعاً عليه بيننا، حيث نسب الخلاف فيه فيهما إلى الشافعي وأحمد، بل في المسالك نسبته إلى تصريح الأصحاب أيضاً. بل قال إنهم لم يتعرضوا فيه لخلاف كما ذكروه في مؤنة زكاة الغلات"[1] .

وذهب صاحب المدارك إلى القول بكفاية النصاب قبل المئونة. وتبعه بعض من تأخر كصاحب المستند واختاره سيدنا الجد والسيد الخوئي فقالوا: يكفي بلوغ المجموع نصابا، وإن صرف مقدار منه في المئونة، فيخمس الباقي فيختلف موضوع الخمس عن موضوع النصاب حيث يكون موضوع النصاب جميع المخرج بينما موضوع الخمس الباقي بعد اخراج المؤنة.

أقول: ينبغي التكلم هنا في مرحلتين "الأولى": فيما تقتضيه القواعد العامة (الأصول العملية أو إطلاقات الخمس). "الثانية": في مدى مدلول دليل النصاب وهي صحيحة البزنطي المتقدمة.

أما المرحلة الأولى فقد يقال: إن مقتضى أصالة البراءة هو عدم تعلق الخمس بما نقص عن النصاب بعد المئونة، كما عن الجواهر فما ذهب إليه المشهور هو الصحيح؛

وفيه: أنه لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة مع وجود إطلاقات أدلة خمس المعدن؛ لأن القدر المتيقن في الخروج عنها إنما هو ما إذا لم يبلغ النصاب حتى قبل المؤنة، كما إذا كان المستخرج من المعدن أقل من عشرين دينارا، وأما إذا بلغ هذا المقدار حين الخروج بقي تحت الإطلاق،

وان شئت قلت: أن المقام من موارد دوران المخصص بين الأقل والأكثر، فيقتصر في التخصيص على الأقل، ـ كما ذكرنا ذلك أكثر من مرة ـ لأن تخصيص مطلقات خمس المعدن بالنصاب يدور أمره بين الأقل والأكثر والمتيقن في التخصيص هو ما إذا لم يبلغ النصاب مطلقا حتى قبل المئونة، وأما إذا بلغ قبلها فيبقى داخلا في الإطلاق فيجب الخمس بعنوان المعدن.

ونتيجة ذلك كفاية بلوغ النصاب قبل استثناء المئونة كما عليه صاحب المدارك والمستند وغيرهما، فيكون مختارهما هو مقتضى القاعدة، أي مقتضى إطلاقات خمس المعدن[2] .

وأما المرحلة الثانية: وهي في دلالة صحيحة النصاب على تحديد المئونة، قبله أو بعده وهي صحيحة البزنطي المتقدمة.

فقد يقال: إن مقتضى إطلاق البلوغ في قوله عليه السّلام فيها "حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا" هو كفاية البلوغ إلى العشرين مطلقا ولو كان قبل المئونة فيكون مختار المدارك هو الأوفق بدليل النصاب خلافا للمشهور.

وفيه: ما أورد الشيخ الأنصاري (ره) من نفي الإطلاق في الصحيحة، وأن المستفاد منها اتحاد موضوع الخمس والنصاب فلا بد في كليهما من استثناء المئونة قال (ره): "هل يعتبر النصاب قبل المئونة، أو بعدها، الأقوى الثاني، وفاقا لصريح جماعة، بل في المسالك أنه الذي صرح به الأصحاب، وعن الرياض نفي وجدان الخلاف، وظهور الإجماع؛ لأن الظاهر من قوله عليه السّلام: "ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ عشرين دينارا" هو وجوب الخمس إذا بلغ عشرين دينارا بأن يكون الخمس في نفس العشرين، ولا يتأتى ذلك إلّا إذا اعتبر العشرين بعد المئونة، فخلاف صاحب المدارك وبعض مشايخنا المعاصرين تمسكا بعموم وجوب خمس المعدن خرج منه ما لم يبلغ المجموع العشرين ضعيف جدا لما عرفت"[3] .


[2] بناءً على تمامية إطلاق ادلة وجوب المعدن وشمولها لمقدار المؤنة. وهو ممنوع فانتظر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo