< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

37/11/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة مبحث ما لو زاد ما اشتراه وادخره للمؤنة عن مؤنة سنة الربح.

الثالث: "بأن دليل الخمس مختص في كل عام بفائدة ذلك العام، كما هو ظاهر ‌قوله (ع): "فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام ..."[1] . والأعيان المذكورة في مفروض المسألة ـ بعد انقضاء السنة ـ وإن خرجت عن كونها مئونة السنة، لكنها ليست من فوائد العام اللاحق كي يجب الخمس فيها، وإنما هي من فوائد العام السابق، والمفروض عدم لزوم الخمس فيها في العام السابق"[2] .

ويمكن ان يجاب: بان "ادلة الخمس انما تدل على وجوب الخمس في كل فائدة لا فائدة ذلك العام. واما الرواية: فإنما هي واردة في مقام بيان عدم تحليل الخمس في الغنائم والفوائد في شي‌ء من السنين في مقابل ما احله فيه في بعض السنين ـ لاحظ الخبر ـ ولذا لو لم يجب الخمس في عام الربح لمانع وارتفع ذلك المانع يجب فيه في العام اللاحق بلا كلام"[3] .

وفيه: ما سبق من ان قوله ع: "فأما الغنائم والفوائد ..." وان كان لبيان دوام تشريع الفوائد التي اشارت لها الآية الكريمة، في قبال قوله ع قبل ذلك: " أوجبت في سنتي هذه..." والذي برأينا اوجب الامام ع فيها بعض الامور ولاية، لكنك عرفت ايضا ان الكناية عن دوام التشريع كانت من خلال بيان ان الخمس واجب عليهم في كل عام ومعنى ذلك ان لكل عام خمسه وانه بعد اخراج المؤنة[4] . خصوصا بعد تطبيق الآية الشريفة على ذلك حيث يقول ع: " فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء ..." فيدل ذلك على ان الآية الشريفة وان كانت ظاهرة بدوا في الإطلاق الا ان المراد بها خصوص سنة الربح والفائدة. وحيث انتفى الاطلاق فلا دليل على وجوب الخمس في هذه الفائدة التي هي من فوائد العام السابق.

نعم يشكل القول الثالث من حيث دعوى الخروج عن مؤنة سنة الربح. مع أنك عرفت عدم الخروج عنها سواء انتفع بها في السنين اللاحقة ام استغني عنها، ومن ثم تبقى مشمولة لأدلة استثناء المؤنة، فلا تشملها ادلة وجوب الخمس بعد ان كانت من فوائد العام السابق.

والمتحصل: انه لا يجب الخمس في الاعيان الباقية سواء احتيج اليها في السنين اللاحقة ام استغني عنها.

واما الصورة الثالثة: وهي صورة الاستغناء عن المؤنة في سنين لاحقة فقد يقال كما في المستند: "لو زالت الحاجة عن هذه الاعيان في سنة يمكن القول بوجوب الخمس فيها، فتأمل"[5] .

وقد يقال في وجه الوجوب فيها: "هو أنه ربح وفائدة زائد على المؤنة، إذ المانع من لزوم الخمس فيه انما كان هو كونه من المؤنة، فاذا استغني عنه لم يكن من المؤنة فعلا. فتشمله أدلة الخمس. وهكذا الحال في حلّي النسوان ونحوها"[6] .

وفيه: انه قد ظهر حالها مما تقدم لان الاعيان المستغنى عنها:

1ـ لم تخرج عن مؤنة سنة الربح فهي مشمولة لأدلة استثناء المؤنة.

2ـ ولا هي من ارباح سنة الاستغناء عنها، بل هي من ارباح سنة الربح.

3ـ إن صدق الربح عليها فضلا عن كونه ربحا جديدا محل منع.

ونتيجة ذلك عدم وجوب الخمس فيها بلا ريب.

الصورة الرابعة: وهي ما لو استغني عن المؤنة اثناء السنة فقد يقال بوجوب الخمس فيها "لأن العبرة في عدم الخمس بما هو مفاد الاستثناء وشمول أدلة التخصيص، وهي قاصرة عن شمول المقام، ولا قصور في شمول العمومات له لصدق عنوان الفائدة عليه، وزوال عنوان المئونة عنه قبل انتهاء السنة"[7] .

اقول: لم يتضح وجه قصور ادلة الاستثناء عن شمول المقام بعد فرض صدق المؤنة عليه، وقد عرفت ان اخذ عنوان في موضوع حكم يقضي بدوران الحكم وجودا وعدما مدار العنوان، فبتحقق عنوان المؤنة يشمله دليل الاستثناء ويقصر عنه دليل الوجوب، فاذا استغني عنه لم يخرج عن عنوان مؤنة السنة كي يرتفع عنه دليل الاستثناء ويشمله دليل الوجوب، ولا هو ربح جديد كي تشمله ادلة وجوب الخمس.

كيف وكثير من المؤن ـ لو لم يكن اكثرها ـ لا يحتاج اليه طول السنة وذلك لاختلافها في الحاجة اليها فمنها ما يحتاج إليه في تمام السنة ومنها ما يحتاج إليه في بعضها ولا فرق في نظر العرف في صدق المؤنة عليها جميعا والا لكثر السؤال والجواب عنها.

فالقول بوجوب الخمس في هذه الصورة لا مجال له.

والمتحصل: مما سبق اعتبار امرين في وجوب الخمس فيما يبقى من المؤن هما ان يكون من فوائد سنة الربح لا من فوائد غيرها ـ كما يقتضيه تخصيص الوجوب بسنة الربح ـ ولم يصر مؤنة ـ كما يقتضيه استثناء المؤنةـ. وعليه لا يجب الخمس في الاعيان الباقية سواء احتيج اليها في السنين اللاحقة ام استغني عنها، لأنها بين الفاقد للشرط الاول كالصورة الثانية، او الفاقد للشرطين معا كالصورة الثالثة، بل لا يجب حتى في الصورة الرابعة لأنها قبل الاستغناء عنها وان تحقق فيها الشرط الاول الا انها فاقدة للشرط الثاني لصيرورتها مؤنة وشمول ادلة استثناء المؤنة لها ولم تخرج عنها. وبعد الاستغناء عنها وان حازت الشرط الثاني لعدم صيرورتها مؤنة الا انها فقدت الشرط الاول لعدم تمامية موضوعه لعدم صدق الفائدة عليها حينئذ الا بالمعنى الاسم المصدري للفائدة لا بالمعنى المصدري للفائدة الذي هو موضوع هذا الشرط كما هو واضح.


[4] وإذا اردت المزيد فراجع ما ذكرناه في درسنا بتاريخ: 5/7/1437.
[6] المرتقى، للسيد الروحاني، كتاب الخمس، ص228.
[7] فقه الشيعة، للسيد مهدي الخلخالي، كتاب الخمس، ج2، ص235.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo