< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

38/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: حمل الخمس عن البلد مع وجود المستحق فيه

ولا يحمل عن البلد مع وجود المستحق فيه.(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) کما عن الشرائع، والنافع والإرشاد والمنتهى والتحرير وغيرها. وعن المسالك والمدارك، والذخيرة وغيرها جواز النقل.

وكيف كان فالكلام يقع أولا: في المراد بالنقل فان له عدة انحاء.

أحدها: عزل مقدار الخمس من أمواله، فيتعين فيما عزله، كما في الزكاة. بناء على جوازه او بالاستئذان من الحاكم الشرعي في عزل الخمس، ثم نقله إلى بلد آخر

ثانيها: نقل الخمس في ضمن نقل تمام المال الذي تعلق به الخمس،

ثالثها: نقل مقدار الخمس مع فرض تلف الباقي، فإنه يتعين فيه الخمس قهرا، وإن قلنا بأن تعلقه بالمال على نحو الكلي في المعين.

والظاهر ان كلا مهم يعم جميع هذه الصور

وثانيا: في جوازه تكليفا وعدم جوازه وقد عرفت اختلافهم فيه لكن ذلك مع وجود المستحق في البلد

اما أما مع عدم المستحق فلا شك في جواز النقل تكليفا، لوجود المقتضي، وهو لزوم إيصال الخمس إلى أصحابه، بل قد يجب الإخراج من البلد كما إذا لم يتمكن من المحافظة عليه في بلده، بحيث يكون بقاؤه معرضا للتلف، أو لم يكن وجود المستحق فيه متوقعا بعد ذلك، كما إذا كانوا أغنياء، أو في بلاد الكفر بحيث لا يوجد فيها فقير من السادة المؤمنين.

واما مع وجود المستحق فقد يستدل للمنع بعدة وجوه:

الأول: بالنصوص الواردة في عدم جواز نقل الزكاة

كصحيح عبد الله بن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "لا تحل صدقة المهاجرين في الأعراب، ولا صدقة الأعراب في المهاجرين"[1] .

وصحيح زرارة، عن عبد الملك بن عتبة الهاشمي، عن أبى عبد الله (عليه السلام) قال: "كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر...."[2] الحديث.

بتقريب اشتراك الخمس مع الزكاة فيما لها من الاحكام، فيثبت هذا الحكم في الخمس أيضا.

وفيه: أولا: ان استفادة عدم الجواز من هذه النصوص ليس محلا للوفاق.

وثانيا: منع اشتراك الخمس مع الزكاة في الاحكام، لعدم إطلاق دليل البدلية.

الثاني: أن المستحق في البلد المطالب بالخمس لا يرضى بنقله الى غير‌ البلد، فيكون نقلا للمال بغير اذن مالكه وهو غير جائز.

وفيه: أن الخمس ملك لكلي الفقير دون خصوص الموجود بالبلد كي يكون عدم رضاه مانعا من جواز النقل.

على انه معارض بعدم رضا الفقير الذي في خارج البلد من الدفع بالبلد.

الثالث: أن النقل تغرير بالمال، اذ قد يتلف في الطريق وهو مشكل.

واجيب: أنه إذا التزم بالضمان مع التلف فلا تغرير، كما لا يخفى لعدم فوات الحق.

وفيه: انه محل تأمل لأنه تصرف بمخاطرة بمال الغير ـ على الفرض ـ فقد يقال انه مشكل. ومن الظاهر ان اتلاف مال الغير لا يجوز. ومجرد ضمانه لا يسوغه.

نعم كما يمكن ان يكون النقل تغريرا بالمال، كذلك يمكن ان يكون الابقاء في البلد تغريرا بالمال، وكذا يمكن ان لا يكون هناك تغرير في المال لا في البلد ولا في النقل. فلا ملازمة بين النقل والتغرير.

الرابع: أن النقل ينافي فورية ايصال الخمس الى مستحقيه وهي واجبة، كما هو مقتضى ظاهر التكليف به.

واجيب: أن اللازم هو عدم التهاون والتسامح في اداء الخمس دون الاسراع فيه، ولذا جاز تأخير الاداء انتظاراً للمستحق المعتاد تسلمه الحق. وليس في نقل الخمس أي تهاون، بل مقتضاه هو الاهتمام بأداء الخمس فلا اشكال فيه.

والانصاف: انا سبق ان تكلمنا عن تشريع الخمس وقلنا ان المتيقن منه هو التشريع الوضعي حيث يكون جزء من الفائدة التي يستفيدها المستفيد لأرباب الخمس، ومن ثم يلزم اعطاء هذا الجزء من الفائدة الى اهله فورا ففورا إذا حل وقت دفعه. لأنه بملاك رد مال الغير الى اهله وحرمة منعهم منه وبهذا الملاك تلزم الفورية. ولا يجوز التأخير حتى بمقدارٍ لا يتحقق معه التهاون والتسامح في الرد.

وهذا من غير فرق بين تشريع حكم آخر تكليفي بدفع الخمس او عدم تشريعه

نعم منافاة النقل للفورية بنحو الكلية ممنوعة، اذ قد يكون ايصال الخمس الى مستحقيه مع النقل أسرع من ايصاله بدونه، وذلك كما لو احتاج معرفة المستحق في البلد الى كثرة فحص تستغرق مدة اطول من مدة نقل المال الى بلد آخر.

وعليه يكون جواز النقل وعدمه منوط بتحقق الفورية وعدمه. والا فلا دليل على حرمة النقل بحد ذاته تكليفا الى بلد آخر، بعد ما عرفت من منع استفادة ذلك من ادلة حرمة نقل الزكاة ولا من البدلية.

والحاصل ان نقل الخمس الى بلد اخر بحد ذاته جائز إذا لم تفت الفورية.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo