< قائمة الدروس

الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم

بحث الفقه

39/03/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المدار في المفطرية على صدق الأكل أو الشرب او غيره

هل المدار في كون شي‌ء مبطلا للصوم على صدق الأكل أو الشرب فما لم يصدق أحدهما لا يكون مفطرا أو المدار عدم التغذّي والتقوّي بما له غذائيّة وتقوية، او المدار على الوصول الى الجوف او غير ذلك

اختلف الاصحاب في ذلك على اقوال:

الاول: ان المدار على تحقق الغاية منهما وهي عدم التغذّي والتقوّي بما له غذائيّة وتقوية فكل ما يغذي البدن يكون مفطرا وما لا يغذيه لا يكون مفطرا وان صدق عليه الاكل كأكل الطين ونحوه او زرق الدواء في البدن اذا لم يكن الدواء موجبا لتغذي البدن او ارتوائه.

واستدل له بما يستشمّ ممّا ورد في خطبة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله: "واذكروا بجوعكم وعطشكم جوع يوم القيامة وعطشه"[1] فإنّه يستشمّ منه انّ الحكمة في تشريع أصل الصوم هو تذكّر جوع يوم القيامة وعطشه، وهذا لا يحصل الّا بترك التغذي مطلقا بأيّ نحو كان، ولو بغير الطريق المتعارف، وعليه يمكن أن يقال: أنّ التعبير بالأكل والشرب لأجل الغلبة والتعارف لا للخصوصيّة لعنوانهما. فالمناسب أن يقال: المدار تحقّق التغذّي بالمأكول والمشروب، ولو كان طريق حصوله على خلاف المتعارف لا صدق الأكل أو الشرب كي يحمل على‌ كونه من طريق الفم فقط، فلو كان من غير طريق الفم فإنّه وإن لم يصدق الأكل الّا انّه يصدق التغذي.

وأيد كون المناط التغذي ما ورد في غير واحد من الأخبار من النهي عن الطعام والشراب فإنّه يقتضي الاجتناب عن مطلق الطعام والشراب ولو لم يصدق الأكل أو الشرب، ومنها قول الباقر عليه السّلام في صحيح محمّد بن مسلم: "لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث (أربع خ ظ) خصال: الطعام، والشراب، والنساء، والارتماس في الماء"[2] ،

وايّده أيضا بما في كتاب عليّ بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: "سألته عن الصائم هل يصلح له أن يصب في اذنه الدهن؟ قال: إذا لم يدخل حلقه فلا بأس"[3] .

فإنّ ظاهره انّ المناط الدخول في الحلق لا صدق الأكل، والّا فلا يصدق الأكل قطعا.

اقول: ان مقتضى ادلة مفطرية الاكل والشرب خصوصيتهما بعنوانهما في المفطرية، لان النهي عن عنوان بلحاظ حكم ما ظاهر في دخله بعنوانه في موضوع الحكم الا ان يدل دليل على خلاف ذلك بحيث يقتضي رفع اليد عن خصوصية العنوان.

ومن الظاهر ان مجرد قول النبي ص: "اذكروا بجوعكم..." لا يقتضي بحد ذاته كون عدم التقوي والتغذي علة لتشريع الصوم.

فان من رجع لما ورد في فضل الصوم يجد الاثار الكثيرة والمهمة

واما تأييد ذلك بصحيحة محمد بن مسلم فقد تقدم ان المراد بالطعام والشراب فيها هو الاكل والشرب.

واما رواية علي بن جعفر فان كان الغرض من سوقها مفطرية الدهن الواصل للحلق وان لم يصدق الاكل، فيكفي فيهما ما ذكره هو من امكان ان يكون وصول الدهن للحلق مفطرا برأسه غير الاكل والشرب، او ان المناط دخول الجوف، بل قد يقال بصدق الاكل بالوصول الى الحلق كما التزم به غير واحد.

وان اراد انها تؤيد كون المناط التغذي والتقوي. فهو موقوف على كون الدهن مقويا ومغذيا. ومن الظاهر ان مقتضى اطلاق الرواية وعدم استفصال الامام ع مفطرية الدهن الواصل للحق مطلقا سواء كان مغذيا ام لا. فلا مجال للأخذ بهذا القول.

القول الثاني: ان المدار على عدم وصول شيء للجوف

ويمكن ان يستدل لذك:

اولا: بانه ورد المنع من استعمال عناوين عديدة كالاحتقان بالمائع، وصب الدهن في الاذن إذا كان يصل إلى الحلق، وما ورد في الاستنشاق إذا كان كذلك، وما ورد في مفطرية الغبار الى غير ذلك.

ومن الظاهر أن البناء على أن هذه العناوين مفطرات مستقلة في قبال الاكل والشرب لا يناسب ما تضمن حصر المفطرات في غيرها كالأربعة في صحيح محمد بن مسلم المتقدم: "سمعت أبا جعفر ع يقول: لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث [أربع] خصال: الطعام والشراب، والنساء، والارتماس في الماء"[4] ، وخبر أبي بصير: "قال أبو عبدالله ع: الصيام من الطعام والشراب، والإنسان ينبغي له أن يحفظ لسانه..."[5] . ولا النصوص المعللة عدم مفطرية بعض الأمور بأنها ليست بطعام ولا شراب[6] .

وفيه: انه لا مجال للاقتصار في المفطرات على خصوص الاربعة كيف وبعض المفطرات بعيدة عن هذه الاربعة بالمرة كالكذب والقيء ونحوهما فلا بد من حمل الحصر في صحيح ابن مسلم على الحصر الاضافي لا الحقيقي. وبالتالي لا ملزم برفع اليد عن عناوينها.


[1] بحار الانوار، للمجلسي، ج93، ص356.
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج:10، ص30، باب:1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ح1.
[5] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج:10، ص32، باب:1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ح2.
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ج:10، ص74، باب:25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك، وج:10، ص108 باب:39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك حديث:2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo