< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة المرأة نفسها

 البحث فيما لو آجرت المرأة نفسها ثم تزوجت وكان حق المسـتأجر يتنافى مع حق الزوج ، فالماتن وكل من أتى بعده حكموا بصحة الإجارة ، وأن الزوج يكون قد تزوجها مسلوبة المنفعة مدة الإجارة وقلنا أنهم اعتبروا أن المسالة نظير بيع العين المستأجرة والتي يكون البيع فيها صحيحا غايته تكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة وقلنا أن هذا التنظير ليس في محله ، وذلك لأن حقيقة البيع تختلف عن حقيقة النكاح ، ثم ذكرنا ما أفاده السيد الحكيم ، من المزاحمة بين حق المستأجر وحق الزوج وأن المقدم هو الأسبق زمانا ، ويكون حق الاستمتاع مختص بغير حق المستأجر ، وقد اعتبر السيد الحكيم أنه لا مجال لدعوى العكس بأن يقال إن حق الانتفاع للمستأجر مختص بغير صورة حق الاستمتاع للزوج ، لا مجال لهذه الدعوة لأن الإجارة تكون باطلة لعدم القدرة على التسليم وقد نظّر للمقام بمزاحمة النذر للاستطاعة في الحج .

وقد ناقشه السيد الأستاذ بأمور ثلاثة :

الأول : لا نسلم أن الأسبقية زمانا هي من مرجحات باب التزاحم [1]

الثاني : أن المسألة داخلة في باب التعارض وليست من التزاحم في شئ [2] وإذا قلنا بالتعارض فلا يصار للترجيح بالأسبقية الزمانية بل قد تصل النوبة للترجيح بالأحدثية بعد عدم إمكان الترجيح السندي أو الجهتي

الثالث: لا نسلم بطلان الإجارة بناء على العكس، لأن المأخوذ في دليل وجوب الوفاء بالإجارة القدرة العقلية دون الشرعية ، وهي محفوظة في المقام ، فالإجارة باطلة من ناحية التنافي في جعل الملك أو الحق لمنفعتين متضادتين [3]

ويمكن مناقشة ما أفاده بما يلي :

أما الأول : فقد يقال إن مراد السيد الحكيم شئ آخر غير الأسبقية الزمانية وسوف يأتي ما يحتمله كلامه .

أما الثاني : فيرد عليه نقض وحل :

أما النقض :

فيما لو كان الذي تزوج المرأة هو نفس المستأجر ، فلا منافاة بين الحقين أصلا حتى يقال بالتعارض ، وعليه فيلزم أن يكون التعارض دائر مدار هذه الحالات التي تعترض هذه المصاديق فيقال بالتعارض إذا كان المستأجر غير الذي تزوجها وبعدم التعارض إذا كان هو نفسه ، مع أن التعارض ناظر إلى عالم الجعل كما هو واضح .

وأما الحل :

فهو أن التعارض هو التكاذب والتنافي بين مدلولي الدليلين أي بين الجعلين الكليين بنظارة الحمل الأولي أي المجعولين الكليين ، ولا تكاذب ولا تنافي بين الدليل الذي تكفل إثبات حق الاستمتاع للزوج والدليل الذي تكفل إثبات حق الانتفاع للمستأجر ، وعليه لا يمكن تطبيق ضابطة التعارض على المقام لا التعارض بالذات كقولنا ( صل ، ولا تصل ) ولا التعارض بالعرض نتيجة العلم الإجمالي بكذب أحد الدليلين ، نعم وقع التنافي بسبب عدم القدرة على الجمع بين الحقين في مقام الامتثال .

الوجه الثالث للقول بصحة الإجارة : وهو ما ذكره السيد الخوئي : من أن المرأة قبل الزواج كانت مالكة لمنافعها ولها السلطنة على عملها ، ثم آجرت نفسها وملكت منافعها للغير ، فعقد الإجارة صدر من أهله ووقع في محله، وبعد الزواج يكون العقد مثبت لحق الاستمتاع فيما عدا منفعة المستأجر ، وبالتالي فهو مقيد بالقدرة الشرعية أعني وجوب الوفاء بالمنفعة للمستأجر ، قال في المستند : ( أن المرأة حينما آجرت نفسها كانت مالكة لمنافعها أنذاك وقد ملكتها من شخص آخر في وقت كانت لها السلطنة على التمليك فأصبحت المنافع ملكا للمستأجر في مدة معينة بإجارة جامعة لشرائط الصحة حسب الفرض ، والزوج قد عقد عليها فاقدة لتلك الخدمة ومسلوبة المنفعة من هذه الجهة فلا سبيل له إلى تفويت حق الغير المنتقل إليه بسبب سابق ، وإنما يتمتع بما يرجع أمره إلى الزوجة نفسها ويكون تحت استيلائها ، فيشبه المقام بيع العين مسلوبة المنفعة كما لا يخفى . وعليه فالمقتضي للاستمتاع قاصر من الأول لاختصاصه بغير ما هو متعلق لحق الغير ، ولأجله تتقدم الإجارة ولا يزاحمها استمتاع الزوج وإن كانت منافية له)[4] .

وأشكل عليه السيد الأستاذ :

بأنه قياس مع الفارق ، فإن حق الاستمتاع ليس أمرا إنشائيا تملكه الزوجة بل هو من الآثار الطولية التي رتبت على عقد الزواج ، فحق الاستمتاع حكم وضعي رتبه الشارع على عقد الزواج ، وهذا بخلافه في البيع ، فالبائع ينشئ التمليك وهو كما يملّك العين فإنه يملّك المنفعة ، فبيع العين المستأجرة مسلوبة المنفعة ، حتى يؤثر هذا البيع أثره لا بد أن يملك البائع تلك المنفعة ، وقد ذكر أنه لو غفل عن الإجارة وباع العين مع المنفعة بطل البيع بلحاظ تلك المنفعة لأنه لا يملكها .

ويرد عليه :

ما تقدم مرارا من أن البائع لا ينشئ تمليكين كما هو واضح ، وإنما المنشئ بعقد البيع تمليك واحد هو للعين والمنافع تملك تبعا للعين ، ولم يحكم السيد الأستاذ بالبطلان في نظير هذه المسألة سابقا ، غايته يثبت له الخيار ونحو ذلك ، ولو كان البيع تمليك للمنفعة فلا يبقى فرق بينه وبين الإجارة ، لأنها تمليك للمنفعة أيضا.

[1] كتاب الإجارة ج1 ص240

[2] كتاب الإجارة ج1 ص240

[3] كتاب الإجارة ج1 ص241

[4] مستند العروة الوثقى كتاب الإجارة ص 141

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo