< قائمة الدروس

الأستاذ السید حیدر الموسوي

بحث الفقة

32/11/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة المرأة نفسها

 انتهى الكلام بنا إلى أن النظر لا بد من أن يكون بين الوجوبين أعني وجوب وفاء المرأة بالمنفعة بمقتضى عقد الإجارة ، ووجوب التمكين عليها بمقتضى عقد النكاح ، وليس النظر إلى الحقين أعني حق الاستمتاع للزوج وحق المنفعة للمستأجر ، لأنه لا يمكن أن يكون بين الحكمين الوضعين تزاحم بوجه من الوجوه ، وفي كلام السيد الحكيم رحمه الله إشارة واضحة إلى أن الكلام هو في الوجوبين لا الحقين ، والسيد الحكيم حكم بتقديم حق المستأجر للأسبقية وقلنا إنه لا بد له من إضافة حتى يكون وجها مقبولا ، والسيد الأستاذ رأى أن إطلاق دليل ملكية المستأجر لمنفعة عمل المرأة لم يقيد لبا إلا القدرة العقلية وأما حق الزوج في الاستمتاع فمقيد من رأس بالأعم من القدرة العقلية والشرعية، والقاعدة أنه لو وجد تنافي بين دليلين أحدهما مقيد بالقدرة العقلية والأخر بالأعم من العقلية والشرعية يقدم الأول على الثاني ، وذلك لأنه في صورة التقييد بالقدرة العقلية من باب ضيق الخناق وعدم قدرة المكلف على الجمع بين الواجبين يكون الملاك محفوظا على كل حال ، وعليه فتقديم حق المستأجر ، لأجل تقييد الدليل المثبت لحق الزوج بالاستمتاع بالسلطنة الشرعية .وقلنا أن هذا منه حفظه الله متين ثبوتا ، أما إثباتا فالنقاش مع السيد الأستاذ في استظهار أخذ القدرة العقلية في أدلة وجوب الوفاء بعقد الإجارة وأما وجوب تمكين الزوج فإضافة إلى كونها عقلية فهي شرعية ؟

ولأجل استظهار أدلة المورد نستعرض الأمور التالية :

فيما لو تنافي حق الاستمتاع مع وجوب الحج كما لو استطاعت إلى الحج ، فلم يتردد أحد في وجوب الحج عليها حتى لو تنافى مع حق الزوج بالاستمتاع. الصوم الواجب المضيق أو صوم شهر رمضان الواجب على المرأة ، لو تنافى مع حق الاستمتاع ،لم يذهب أحد من الفقهاء إلى ارتفاع وجوب الصوم عنها لمزاحمته لحق الزوج .

 فهي مكلفة شرعا بوجوب الحج أو وجوب الصوم ، وهذه الموارد تكشف عن أن وجوب تمكين ليس ثابتا على كل حال ، بل أخذت فيه القدرة الشرعية فضلا عن القدرة العقلية ، بل في موارد الحيض لا يجوز لها التمكين .

وأما وجوب الوفاء بعقد الإجارة فنستعرض ما يلي أيضا:

فيما لو وجب الحج على شخص لحصول الاستطاعة ، وكان أجيرا أو موظفا بحيث يمنعه التشاغل بوظيفته عن أداء فريضة الحج ، فلم يفت أحد بوجوب الحج عليه ، لتنافيه مع وجوب الوفاء بعقد الإجارة ، وهذا يعني أنه لم يؤخذ في وجوب الوفاء القدرة الأعم من العقلية والشرعية ، وإنما خصوص القدرة العقلية ، وعليه لو كان موردنا من هذا القبيل ، فهنا خطابان متزاحمان نتيجة ضيق القدرة على الجمع بينهما ، فالذي له السبق والتقدم هو الخطاب المقيد بالقدرة العقلية اعني وجوب الوفاء بالإجارة، بل وجوب التمكين على الزوجة مقيد بعدم التشاغل بوجوب الوفاء بالإجارة لأنه الواجب الذي لا يقل أهمية عن وجوب التمكين.

إن قلت : لو انعكس الأمر ، بأن كانت متزوجة ثم آجرت نفسها بلا إذن زوجها ، - وهذا الفرع لم يتعرض له الماتن - فيلزم تقديم حق المستأجر ،لأن الميزان تقديم المشروط بالقدرة العقلية حتى لو كان متأخر زمانا بحسب الفرض.

قلت : ما ذكر غير تام ، وذلك لأن حق الزوج السابق يكون رافعا لموضوع وجوب الوفاء بالعقد ، ولعل هذا هو منظور السيد الحكيم عندما قدّم على أساس الأسبقية الزمانية ، فمراده الأسبقية التي تكون رافعة لموضوع الخطاب الآخر . وبذلك نكون قد انتهينا من المسألة الخامسة .

 المسألة السادسة : (إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه لا تبطل الإجارة بالعتق وليس له الرجوع على مولاه بعوض تلك الخدمة في بقية المدة لأنه كان مالكا لمنافعه أبدا وقد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدة فدعوى أنه فوت على العبد ما كان له حال حريته كما ترى . نعم يبقى الكلام في نفقته في بقية المدة إن لم يكن شرط كونها على المستأجر وفي المسألة وجوه :

 ( أحدها ) كونها على المولى لأنه حيث استوفى بالإجارة منافعه فكأنه باق على ملكه

 ( الثاني ) : أنه في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة وإن لم يمكن فمن بيت المال وإن لم يكن فعلى المسلمين كفاية

 ( الثالث ) : إنه إن لم يمكن اكتسابه في غير زمان الخدمة ففي كسبه وإن كان منافيا للخدمة

 ( الرابع ) : إنه من كسبه ويتعلق مقدار ما يفوت منه من الخدمة بذمته

 ( الخامس ) : إنه من بيت المال من الأول ولا يبعد قوة الوجه الأول ).[1]

 تعرض الماتن في هذه المسألة لأمرين :

الأول : لو آجر عبده ثم أعتقه فقد حكم الماتن بعدم بطلان الإجارة ، وهو الصحيح كما سوف يأتي وجهه .

الثاني :

نفقة العبد في بقية المدة ذكر الماتن خمسة وجوه ثم قوّى الوجه الأول وهو أن نفقته على سيده ، ولكن أغلب المتأخرين على الثاني .

أما الأمر الأول : فالصحيح أن الإجارة لا تبطل ، وذلك لعمومات أوفوا بالعقود ، ولأنه عقد صدر من أهله ووقع في محله ونحو ذلك ، ولكن النقاش في المانع عن شمول العمومات للمورد بدعوى أن منافع العبد وإن كانت ملكا للسيد مدة العبودية إلا أن منافعه بعد العتق تصبح ملكا له ولا سلطنة للسيد عليها ، إلا أن هذا المانع غير تام وذلك لما تقدم في نظير المسألة من أن ملكية السيد للعبد ولمنافعه تبعا لملكيته له مطلقة وغير مقيدة بزمن العبودية بمعزل عن أنه سوف تطرأ الحرية بعد ذلك أم لا ، نظير ما تقدم من أن ملكية المالك للدار ولمنافعها تبعا لملكيته لها ، مرسلة وغير مقيدة بزمن دون آخر ، وللمسألة تتمة تأتي في الدرس اللاحق إنشاء الله .

[1] العروة الوثقى ج 5 ص 32

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo