< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

32/11/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الإجارة \ أركان الإجارة \ إجارة العبد ثم عتقه
 كان الكلام في القول الثاني وهو ما عليه مشهور المعلقين على العروة من أن النفقة في كسب العبد إن أمكن له الاكتساب في غير زمان الخدمة، وإن لم يتمكن فمن بيت المال، وإن لم يكن فعلى عامة المسلمين على نحو الكفاية ، وقلنا بأنه يوجد تكملة لهذا القول وهي أنه إن لم يمكن الإنفاق عليه من مال عامة المسلمين بأن كان في مجتمع غير إسلامي ، فيجوز له التصرف في مال المستأجر الذي هو عبارة عن منفعة عمله ، على الاحتمالين من الضمان وعدمه ، وقلنا بأن السيد الحكيم ناقش في هذا الوجه بما حاصله أن فرضية إمكان تكسب العبد خارجة عن محل الكلام لأن كلامنا في الإجارة المستوعبة لتمام الوقت .وقلنا بأن الاحتمال الخامس هو عين الاحتمال الثاني ، ووصل بنا الكلام لبيان رأي السيد الأستاذ فنقول:
  السيد الأستاذ

اعتبر أن بين الاحتمالين الثاني والخامس فرقا ،وذلك لأنه بناء على الاحتمال الثاني الإنفاق على العبد يكون على أساس الفقر ، قال حفظه الله في ذكر وجهه:( ولعل وجهه انه مع عدم التمكن يصدق عليه انه فقير، لأنه وان كان قادرا تكوينا على‌تحصيل نفقته إلا انه لكون عمله وخدمته مملوكا عليه للمستأجر فلا يعد واجدا للنفقة لا فعلا ولا بالقوة، وهذا المقدار يكفي في صدق الفقير عليه شرعا بل وعرفا أيضا) [1] . فهو يعتبر أن كونه مأمورا شرعا بصرف منفعته للمستأجر فهذا يحقق عنوان الفقير وهذا كاف للصرف عليه من بيت المال ،
 بينما بناء على الاحتمال الخامس فالإنفاق عليه كونه من الرقاب ، فقد قال :( أما الاحتمال الخامس، فهو موقوف على أن يكون عنوان «في الرقاب‌» شاملا لمطلق الصرف على العبيد والإماء حتى بعد تحريرهم إذا فرض احتياجهم إلى ذلك ‌ولو بالفحوى العرفية ) [2] فالعبد وإن تحرر إلا أن ملاك الرقاب باق ،لأنه قبل التحرير كان مملوكا ذاتا لسيده وكذلك جميع منافعه وبعد التحرير فهو وإن تحرر على مستوى الذات إلا أنه بقيت منافعه ملكا للمستأجر .
 ثم أشكل السيد الأستاذ بقوله:( ان هذا الاستظهار مشكل بل مقطوع العدم، اذ عنوان «الرق‌»في المقام غير صادق بعد فرض العتق، ومجرد كون عمله باقيا على الحالة السابقة‌لا يجعله رقا حتى عرفا ومسامحة كما هو واضح) [3] .فمصرف الزكاة تحت عنوان في الرقاب المذكور في الآية هو حال العبودية والرقية ولغرض التحرير والعتق ، فعنوان (في الرقاب) غير تام موضوعا لأن موضوعه العبودية وغير تام على مستوى المصرف لأنه لغرض التحرير .
 مناقشة السيد الأستاذ

 ويناقش ما ذكره السيد الأستاذ بما يلي :
 إن ما أفاده من الفرق بين الاحتمال الثاني والخامس لا دليل عليه، بل هو مجرد تحليل ، بل المتأمل في كلمات القوم يجد أنهم تارة اعتبروا أنه لا الوجه لوجوب الإنفاق عليه من بيت المال ، ولذلك أشكل السيد الحكيم بان الصرف من بيت المال عنوانه المصالح العامة ، والإنفاق على العبد ليس منها ،وتارة أخرى اعتبروا أن الوجه في ذلك حتى لا تلحق المهانة بمجتمع المسلمين حيث إنه بين ظهرانيهم وهو محتاج ، فينفق عليه من بيت المال لأجل رفع المهانة عن المسلمين، وثالثة كما عن السيد الخوئي اعتبر كفاية المصلحة الشخصية ، بالإضافة إلى إن النكتة التي على أساسها ينفق عليه في الاحتمال الثاني من بيت المال هي عينها في الاحتمال الخامس بل إنهما احتمال واحد ، كما ذكر السيد الحكيم ، وما فعله الماتن من اعتبارهما احتمالين منفصلين مبني على نكتة، وهي انه إذا كان له متسع من الوقت فيتكسب وينفق على نفسه وإلا فمن بيت المال في الاحتمال الثاني بينما في الاحتمال الخامس ابتداء ينفق عليه من بيت المال ،ولكن رفضناها وقلنا إن فرض أصل المسألة وفي جميع الاحتمالات إن العبد ليس لديه متسع للتكسب،لأن الإجارة مستوعبة لتمام الوقت.
 وبعد ذلك لا بأس بتحقيق الحال في الوجه الذي على أساسه ينفق على العبد من بيت المال فنقول:
 يوجد احتمالان كما تقدم :

 الأول: أن يكون الإنفاق عليه داخل في المصالح العامة ، بتقريب أن عدم الإنفاق على العبد يوجب المهانة والمذلة لعامة المسلمين ، وهذه المهانة يجب دفعها من بيت المال بالإنفاق عليه.
 الثاني: أن الصرف من بيت المال لا يقتصر على المصالح العامة بل يشمل حتى المصالح الشخصية ولكن بنظر وتشخيص الحاكم، وذلك لأن الأموال العامة على قسمين، قسم منها يكون ملكا للإمام بوصفه حاكما وقسم آخر لعامة المسلمين وكلام السيد الحكيم يتم في هذا القسم دون ما كان للإمام بوصفه حاكما على نحو الحيثية التقيدية ، وهذا المال يصرفه الإمام كيف يشاء سواء في المصالح العامة أو الشخصية كما في مثل المورد .
 هذا كله بالنسبة للفرضية الطولية الثانية من الاحتمال الثاني .

 أما الفرضية الثالثة : وهي أن الإنفاق عليه من مال عامة المسلمين على نحو الكفاية ، بعد تعذر الإنفاق من بيت المال ، فقد أجاب عنها السيد الحكيم أن المسلمين مخاطبون بوجوب حفظ نفس العبد وهذا غير وجوب الإنفاق ، وبينهما عموم وخصوص من وجه لأن حفظ النفس يفترق عن النفقة بحفظها بمثل شربة من عين ماء ونحو ذلك ، وتفترق النفقة بما يحتاجه ولا يتوقف حفظ نفسه عليه ، ويجتمعان في النفقة التي تحفظ نفسه من التلف ، وهو كلام دقيق وتام .
 ولو تعذرت هذه الفرضية فقد قلنا فيما تقدم أنه يجوز بل يجبه التكسب والتصرف بمنفعة نفسه التي هي ملك للمستأجر ، وهذا لا يجوّز له التصرف بمال المستأجر مطلقا،وذلك لما قلناه بالأمس من أن الوجدان حاكم برفع الاضطرار بما له سلطنة عليه وتحت يده أعني منفعة نفسه ، ولا يحكم برفعها من المال الآخر لأجل الحفاظ على هذا المال أعني المنفعة .
 وبعد ذلك فالمستأجر بالنسبة للمؤجر إما أن يفسخ الإجارة وله أجرة المسمى وإلا فإن لم يفسخ فله أجرة المثل وقد تزيد عن أجرة المسمى وقد تنقص
 وأما بالنسبة للأجير ،أعني العبد فيأتي الاحتمالان الثالث والرابع من الحكم بالضمان وعدمه ، وقد قلنا بأن الضمان مبني على صدق الإتلاف لأنه تصرف بمنفعة نفسه التي هي ملك للمستأجر ، أو هو تلف لهذه المنفعة لا يوجب الضمان ، وذلك لأن المستأجر لا يملك هذه المنفعة التي اضطر العبد لصرفها في الإنفاق على نفسه ، هذه هي الوجوه للاحتمالات الخمسة التي ذكرها الماتن
 بقي شئ في هذه المسألة يأتي انشاء الله


[1] كتاب الإجارة للسيد محمود الهاشمي ج1 ص251
[2] كتاب الإجارة للسيد محمود الهاشمي ج1 ص252
[3] نفس المصدر

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo