< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

33/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ اتصال مدة الإجارة بالعقد
  ( المسألة التاسعة عشر ) :
  لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد على الأقوى ، فيجوز أن يؤجره داره شهرا متأخرا عن العقد بشهر أو سنة ، سواء كانت مستأجرة في ذلك الشهر الفاصل أم لا . ودعوى البطلان من جهة عدم القدرة على التسليم كما ترى ، إذ التسليم لازم في زمان الاستحقاق لا قبله . هذا ولو آجره داره شهرا وأطلق ، انصرف الاتصال بالعقد . نعم لو لم يكن انصراف بطل
 تعرض السيد الماتن في هذه المسألة لاشتراط اتصال زمن الإجارة بالعقد واستدل على الاشتراط بوجوه خمسة:
 الوجه الأول: ما ذكر في المتن من أن القدرة على التسليم شرط فعلي في صحة الإجارة فلو لم يكن هناك قدرة على التسليم لما صحت الإجارة والحال انه لا قدرة على تسليم المنفعة الاستقبالية فعلا .
 والجواب: أن المعتبر القدرة على تسليم كل شئ بحسبه وفي ظرفه، فلو كان المملك هو المنفعة الاستقبالية فالشرط هو القدرة على تسليمها في ظرفها وهذا حاصل .
 الوجه الثاني: أن نسبة العقود إلى الممَلك نسبة العلة إلى المعلول ففي فرض الاتصال لا تخلف للمعلول عن علته وأما مع الانفصال فسوف تتحقق العلة اعني العقد ويكون المعلول استقباليا، لأن المملوك يكون استقباليا والفرض أن العلة غير مستمرة إلى زمان وجود المعلول لأنها من الأمور المتصرمة ففي ظرف وجود العلة قد تخلف المعلول وفي ظرف وجود المعلول لا علة لأنها متصرمة فيلزم وجود المعلول بدون علته، ففي الزمان الاول تخلف المعلول عن العلة لكونه استقباليا وفي الزمان الثاني قد وجد المعلول من دون علة لتصرمها وتقضِّيها.
 والجواب: إن المعلول ليس هو المنفعة الاستقبالية وإنما ملكية هذه المنفعة وهي حاصلة من حين العقد ولذا يكون من حين العقد مالكا للمنفعة الاستقبالية.
 الوجه الثالث: يلزم تفكيك المنشأ عن الإنشاء، وذلك لأن الإنشاء اعني العقد قد تحقق فعلا والمنشأ سوف يتحقق في المستقبل، وهذا نحو تفكيك فيما بين المنشأ والإنشاء وهو أسوأ حالا من التفكيك بين العلة والمعلول لأنه من التفكيك بين الشئ ونفسه، بفارق اللحاظ الأولي أعني المنشأ والحمل الشائع الذهني الإنشاء، لأن المنشأ هو عين الإنشاء بنظارة الحمل الأولي، والإنشاء عين المنشأ بنظارة الحمل الشائع الذهني.
 وان شئتم قلتم: إن الإنشاء لا يخلو إما أن يكون في الزمان الاستقبالي الذي هو زمن المنشأ -بان يجري الصيغة من الآن على أن يتحقق الإنشاء في الزمن الاستقبالي أعني زمن المنشأ- فيلزم التعليق في العقود وهو باطل، وإما أن يكون في الزمان الفعلي فيلزم التفكيك بين الإنشاء والمنشأ وهو ممتنع لأنه من التفكيك بين الشئ ونفسه.
 والجواب: انه يوجد لدينا منشأ بالذات هو عين الإنشاء بفارق نظارة الحمل الأولي ونظارة الحمل الشائع الذهني ، فان الإنشاء هو نفس المنشأ لكن يلحظ كوجود تصديقي قائم في صقع نفس المنِشأ وصادر عنه، ومن آثاره انه من الأمور المتصرمة التي لا بقاء لها ومما لا يحكي الخارج لأنه اخذ فيه قيد لا موطن له إلا الذهن فيستحيل انطباقه على الخارج وحكايته عنه، وما يكون موطنه الذهني لا ينطبق على الخارج بخلاف المنشأ بنظارة الحمل الأولي حيث يكتب البقاء ولو في وعاء التقنين والاعتبار كما انه يكون حاكيا عن الخارج وعنوانا له وهذان لا ينفكان بوجه والإشكال لا يشملهما .
 نعم هناك منشأ بالعرض يمكن تفكيكه عن الإنشاء وهو المملوك في الزمان الاستقبالي ولا بأس ولا محذور في التفكيك بينهما.
 بل إن المنشأ بالعرض ليس هو إلا مصداق للمنشأ بالذات ولم يؤخذ شئ فيه بمعنى أن يكون فعليا أو استقباليا، فالتفكيك بينهما لا يضر.
 الوجه الرابع: وحاصله: أن فرض كون المنفعة استقبالية خلاف مقتضى العقد، وذلك لأنه من مقتضيات العقد وجوب التسليم وكون المنفعة استقبالية يعني انه لا يجب تسليمها فعلا.
 والجواب: أن وجوب التسليم ليس هو من مقتضيات العقد، وإنما من باب إعمال السلطنة، لأنه بعقد الإجارة قد ملك المنفعة فيترتب على ذلك أن له السلطنة على المطالبة بماله فيجب على الطرف المقابل التسليم، لا لأنه من مقتضيات العقد، بل من باب إعمال السلطنة، ولذا لو لم يطالب بالتسليم لما وجب .
 الوجه الخامس والأخير: إن فرض المنفعة استقبالية يلزم منه تمليك المعدوم لأنه حين العقد لا وجود للمنفعة الاستقبالية بل ستوجد في المستقبل، وفي المستقبل وان وجدت المنفعة إلا أن العقد قد تصرم .
 والجواب: قد توضح مما تقدم من أن المملك بالعقد هو القابلية والاستعداد وهي الحيثية الموجودة بالعين التي بإزائها يبذل المال، وإلا لورد الإشكال في سائر المنافع، لأنها إما متصرمة أو سوف توجد في المستقبل خصوصا وان المنافع الفعلية هي من فعل المستأجر لأنه هو الذي يخرجها من القوة إلى الفعل، فكيف يملك المؤجر بموجب عقد الإجارة ما هو فعل المستأجر؟ .
 ثم إن السيد الماتن تعرض لمسألة ما لو أطلق المؤجر من حيث الاتصال بالعقد وعدمه كما سوف يأتي تفصيله والحمد لله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo