< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ المدار في ضمان القيميات
 الكلام في القول الثالث أعني كون الميزان في الضمان هو يوم التلف وانتهينا إلى:
 الدليل الرابع: أنه مع تلف العين ومن أجل عدم ضياع مال المسلم وذهابه عليه هدراً ، فإنه تشتغل ذمة الضامن لا بنفس العين لما عرفت من أن الذمة وعاء الكليات ولا بكلي المثل لكونها قيمية وإنما بالقيمة، وأمرها مردد بين يوم الغصب أو يوم الأداء أو يوم التلف أو أعلى القيم في تمام هذه الأزمنة أو الأعلى من القيم من يوم الضمان إلى يوم التلف، وكون الضمان بقيمة يوم الأداء أو يوم الغصب قد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه، وأما كونه بأعلى القيم فلا يتم، لأن لازمه عدم تعين متعلق الضمان عند التلف واشتغال الذمة بكلي البدل القيمي، والحال أن ضمان الذمة كضمان العهدة من ناحية اقتضائهما تعين المتعلق المضمون، وفي الأول شخص العين وأما الثاني فلا يعقل أن يكون شخصها لعدم كون الذمة وعاءاً إلا للكليات لا الشخصيات، فلا بد أن يتعين في الذمة الكم المضمون، وقد عرفت أنه لا يكون بقيمة يوم الغصب لما سبق ولا بقيمة يوم الأداء لعدم تعينه حين التلف واشتغال الذمة ببدله ولا بأعلى القيم لنفس النكتة، ويبقى لدينا احتمال أن يكون مضمونا بقيمة يوم التلف أو بأعلى القيم من يوم الضمان إلى يوم التلف، وهذا الاحتمال ينفيه أنه بمقتضى حديث على اليد لا يكون الضامن مأموراً بحسب الغاية حتى تؤدي إلا بتأدية إما شخص العين على تقدير وجودها أو البدل القيمي على تقدير تلفها، لأن البدل القيمي هو أداء للعين تنزيلاً أو من باب الجمع بين حقي المالك بأن لا بذهب عليه هدراً والضامن بأن لا يكلف بغير المقدور، ولكن غاية الضمان في صورة تلف وعدم كونه مثليا تأدية قيمة التالف بمعزل عن التبدلات التي تطرأ على العين وعليه يتعين احتمال أن يكون مضمونا بقيمة العين يوم التلف الذي هو يوم انتقال الضمان من العين بالعهدة إلى البدل القيمي في الذمة.
 ثم إنه استدل على القولين الرابع والخامس: من أن الميزان أعلى القيم من يوم التلف إلى يوم الأداء أو من يوم الضمان إلى يوم التلف تارة بقاعدة لا ضرر وأخرى بآية (فاعتدوا عليه).
 أما القاعدة: فلأنه بالغصب قد تضرر أعلى القيم فيكون مضمونا وتحديد أيٍّ من القيم سوف نوضحه:
 وقد يُقرب أنه لو لم يضمن أعلى القيم، وإنما ضُمِّن قيمة يوم الأداء أو يوم الغصب أو يوم التلف وبالطبع هي أقل من أعلى القيم فإنه نحو إضرار يلحق بصاحب المال يكون منفيا بالقاعدة.
 وأما الآية الشريفة: وهي قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) [1] وأنه حينما خالف شرط المالك وصارت يده عدوانية وتلفت العين تحت يده أو أتلفها فقد اعتدى عليه بتفويت الخصوصية الشخصية والمثلية النوعية والقيمية بما تعينه من أعلى القيم التي وصلت إليها العين إما إلى حين التلف أو إلى حين الأداء، فله الاعتداء، لأن الاعتداء ابتداءا غير جائز فلذا ورد بصيغة الأمر لرفع الحظر، بمعنى التضمين هنا بمثل ما اعتدى عليكم، ومن جملة ما اعتدى به عليكم أن أذهب عليكم أعلى قيم العين، فلكم تضمينه أعلى القيم.
 ثم إن فرض أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف كما هو مقتضى القول الرابع أو من يوم التلف إلى الأداء كما هو مقتضى القول الخامس يرجع إلى أن العين بعد التلف تكون مضمونة بشخصها في الذمة حتى ترد عليها وهي في الذمة التبدلات في القيمة؟ أو أنها بالتلف تشتغل الذمة ببدلها القيمي؟ ومن الواضح أن التبدلات في القيمة السوقية التي تطرأ على العين ولو في الذمة لا تطرأ على البدل القيمي في الذمة بل تكون الذمة مشغولة بما استقر فيها من بدل قيمي من دون أن يطرأ عليه التبدلات في قيمة العين، فعلى الأول يكون الميزان بأعلى القيم من يوم التلف إلى يوم الأداء، لأنه قبل ذلك كانت العهدة مشغولة بذات العين وبعد تلفها واشتغال الذمة بها بما لها من تبدلات فلذا يضمن أعلى القيم من حين التلف إلى حين الأداء لا قبل ذلك، وعلى الثاني يكون الميزان بما تشتغل به العهدة من العين من حين الغصب إلى التلف لأنه بعد ذلك سوف تشتغل الذمة بالبدل القيمي والذي يكون مستقراً لا تغير فيه بحسب التبدلات في قيمة العين السوقية.
 إلا أن شيئا من الوجهين لا يرجع إلى محصل:
 أما الأول: فلما عرفت من أن مفاد القاعدة النفي وليس إثبات الضمان أي مفادها نفي الضرر لا إثبات الضمان الذي هو تدارك للضرر بالقدر المتاح، مضافا إلى أن الضرر الذي يحلق صاحب العين ليس سببه صاحب اليد، وإنما التبدلات التي طرأت على العين في السوق فلا تشمل القاعدة نفي الضرر الناشئ من تبدل القيمة السوقية وليس بفعل صاحب اليد.
 وأما الآية: فإنه لا يصدق على الضمان الذي هو حكم الشارع وليس فعل المعتدى عليه أنه اعتداء على المعتدِى، وإنما يصدق الاعتداء على مثل المقاصة ولا ربط للضمان بذلك.
 مضافا: إلى أن تنزل القيمة السوقية ليست بفعل الضامن حتى يصدق عليه الاعتداء ليرخص في اعتداء المعتدَى عليه ومجرد تفويت أعلى القيم عليه نتيجة الغصب إلا أن ذلك ليس من باب إتلاف أعلى القيم وإنما من باب عدم الانتفاع به.
 ثم بالتفصيل الذي ذكرناه لا نحتاج إلى مزيد بحث حول الفقرات الأُخر.
 والحمد لله رب العالمين
 


[1] - البقرة 194

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo