< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/02/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ ضمان الأجير فيما لو أفسد
 (المسألة الرابعة) : إذا أفسد الأجير للخياطة أو القصارة أو لتفصيل الثوب ضمن ، وكذا الحجام إذا جنى في حجامته ، أو الختان في ختانه ، وكذا الكحال والبيطار وكل من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر إذا أفسده يكون ضامنا إذا تجاوز عن الحد المأذون فيه ، وإن كان بغير قصده ، لعموم من أتلف ، وللصحيح عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في الرجل يعطي الثوب ليصبغه ، فقال ( عليه السلام ) : كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن ، بل ظاهر المشهور ضمانه وإن لم يتجاوز عن الحد المأذون فيه ، ولكنه مشكل فلو مات الولد بسبب الختان مع كون الختان حاذقا من غير أن يتعدى عن محل القطع بأن كان أصل الختان مضرا به في ضمانه إشكال.
 ذكر الماتن في هذه المسألة ما لو أفسد الأجير الثوب، وقد شققه الماتن إلى صورتين:
 1- ما لو تجاوز بفعله الحد المأذون،
 2- ما لو لم يتجاوز الحد المأذون فيه،
 أما في صورة التجاوز: فالحكم بالضمان واضح وذلك:
  تارة: على أساس من أتلف مال الغير فهو له ضامن،
  وأخرى: على ضوء الروايات الخاصة،
 أما القاعدة: فواضحة، وذلك لصدق الإتلاف، فتشمله أدلة الضمان لعمومه لصورة القصد وغير القصد، لا سيما عدم أخذ الإرادة في صدق عنوان الإتلاف حتى تشمله عمومات من أتلف مال الغير، وسواء كان ذلك بالمباشرة أو بالتسبيب وسواء كان بنحو العلة التامة أو جزء العلة، وسواء كان بنحو المقتضي أو الشرط أو المعد أو كان الجزء الأخير من العلة، والضابطة صدق انتساب الفعل إليه مهما كان دوره في صدور الفعل طالما أن الإتلاف ينتسب إليه ولا يتذرع لنفي الضمان- مثلا- بأن الإتلاف كالإحراق كان فعل النار وإنما دوره كان دور المحقق للشرط بعد أن كان الإتلاف يصدق على فعله، وبالتالي كان ينسب الفعل إليه، ولا فرق في ذلك بين صدور هذه الأفعال على وجه القصد والاختيار أو لا، بعد أن كان صدق العنوان الموجب لشمول أدلة الضمان له لم يؤخذ فيه ذلك أي أنه ليس من العناوين القصدية، ولذا يشمل ما لو انقلبت الظئر النائم على الرضيع فقتلته، أو انقلب وهو نائم على كوز الغير، أو عثر الحمَّال في الطريق فوقع الحمل وانكسر، فإنه يضمن برغم عدم حصول القصد منه، وذلك لعدم تقوم الفعل بذلك، حتى يصح إسناده إلى الفاعل غير القاصد، بل حتى لو توهم عدم الضمان إلا أن ذلك ليس من جهة عدم صدق الإتلاف، بل لنكات أخرى من قبيل استبطان الإجارة على العمل لفرض إتلاف العين، فالميزان هو انتساب الإتلاف إليه مع عدم وجود إذن مثلا- بالإتلاف فيكون مشمولا لأدلة التضمين.
 وأما الروايات: فكذلك، وهي كثيرة وفيها الصحيح:
 فمنها: ما ذكره الماتن من صحيحة الحلبي -وقد أسرف السيد الخوئي في بيان ان من يروي عن الحلبي هو حماد بن عثمان أو ابن عيسى رغم وثاقة المذكورَين-،عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يعطى الثوب ليصبغه فيفسده فقال عليه السلام: (كل عامل أعطيته أجراً على أن يصلح فأفسد فهو ضامن). [1]
 ومنها: خبر زيد بن علي عنه عليه السلام عن آبائه عليهم السلام في حديث: (كل عامل مشترك- إذا أفسد فهو ضامن) [2] ، وسيأتي تفسير المقصود من العامل المشترك.
 ومنها:صحيح داود بن سرحان عنه عليه السلام في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فمات وانكسر منه، فقال عليه السلام : (هو ضامن) [3] .
 ومنها:خبر أبي الصباح ، عنه( عليه السلام ) قال : سألته عن الثوب أدفعه إلى القصار فيخرقه ؟ قال : (أغرمه فإنك إنما دفعته إليه ليصلحه ولم تدفع إليه ليفسده) [4] ،وغير ذلك من الروايات في الباب 29 من أبواب أحكام الإجارة.
  وضابطتها كما عن المحقق الأصفهاني : ما لو استأجر ليصلح ما يكون قابلا للإصلاح والإفساد فلا تشمل ما لا يكون قابلا للإصلاح وكان متمحضاً للإفساد وقد دلت على شمول قاعدة ما لو أتلف مال الغير فهو له ضامن لما إذا كان بغير الاختيار.
 وفيها: ما سوف يأتي.
 وأما في صورة عدم التجاوز عن الحد المأذون فيه:
 فقد ذهب المشهور: كما في المتن إلى الحكم بالضمان، وقد خالف في ذلك على ما في محكي التحرير وفي الكفاية ومال إليه بعض المحققين، بل استشكل الماتن فيما ذهب إليه المشهور من الحكم بالضمان.
 ومستند المشهور: هو صدق الإتلاف الموجب لثبوت الضمان مضافا إلى عموم صحيح الحلبي فإن الحكم بالضمان فيما إذا أفسد شامل لصورتي تجاوز وعدم تجاوز الحد المأذون فيه.والحمد لله رب العالمين


[1] - وسائل الشيعة (آل البيت) ج 19 ص 147
[2] - وسائل الشيعة (آل البيت) ج 19 ص 152
[3] - وسائل الشيعة (آل البيت) ج 19 ص 151
[4] - وسائل الشيعة (آل البيت) ج 19 ص 145

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo