< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع :الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا آجر عبده لعمل فأفسد
 تقدم بأن الأقوال في المسألة خمسة
 أقول: لولا ما دل من الروايات على تضمين المولى لكان مقتضى القاعدة أن المتعين هو القول الثاني أعني ثبوت الضمان على العبد مطلقاً بعد تمامية نكاته الثلاث.
  فمن جهةٍ: لا ربط للمولى بإتلاف العبد لمال الغير، برغم أنه طرف في الإجارة، فإنه فعل العبد ولا يستند إلى المولى بوجهٍ.
  نعم قد يُدعى: أن العبد مأمور وبمنزلة الآلة بيد سيده فيكون السبب أقوى من المباشر وبالتالي يستند الإتلاف إليه فيضمن.
  إلا أن ذلك منفي: بما ظهر مما تقدم من أنه بعد اختيارية الفعل في إتلافه هذا فلا يبقى مجال لدعوى كون السبب أقوى على ما اتضح من النكتة التي أبرزها السيد الحكيم فيما لو كان الإتلاف واقعاً في طول سلسلة أسباب كلها اختيارية، فإنه ينسب إلى المباشر لا إلى السبب وعدم رابطة المولى باتلاف العبد سواء في ماله الآخر أو في نفس العبد أو بقيمته أو حتى فيما يكتسبه لأن كل ذلك هو مال للمولى ولا علاقة له بما أحدثه العبد من تلف في مال الغير.
 ومن جهة ثانية: فإن مال ذلك الغير المسلم لا يذهب عليه هدراً فيكون مضموناً على من أتلفه أعني العبد.
  وهنا نخلص إلى الجهة الثالثة: وهي بما أن العبد لا مال له، لأن شخص ذاته وتكسباته كلها لمولاه فسوف تشتغل ذمته بذلك ولا تكون الحرية شرطاً في ثبوت الحكم الوضعي أعني ضمانه ما أتلفه عل الغير فتشتغل به ذمته بعد عتقه حيث لا مال له وهو في ظل الرقية.
 إلا أن هذا المقدار من بيان مقتضى القاعدة قد أورد عليه السيد الأستاذ نقضاً وحلاً:
 أما الأول: فإنه يلزم ذهاب مال الغير عليه هدراً لو لم يُعتق العبد، وهذا خلف حرمة مال الغير وعدم ذهابه عليه هدراً لمجرد أن المتلف له عبد.
 وأما الثاني: أن اعتبار شغل ذمة العبد مع فرض أنه كَلٌّ على مولاه بذاته وبكسبه، بل لا ذمة له، حيث لا يَتعقل العرف أن للعبد ذمة تشتغل بما أتلفه من مال الغير، وذلك لأن ذمته ملك لمولاه، وليست له، فلا يُعقل اشتغالها بمال الغير، وعليه لا بد من حفظ مال الغير وعدم ذهابه عليه هدراً إما بأن يتعلق بذات العبد فيملك المضمون له من ذلك العبد بمقدار قيمة التالف أو أنه يجب عليه أن يُستسعى بالكسب.
 وفيه: أما بالنسبة للنقض: فأولاً: يرد الإشكال بما لو مات العبد بعد إتلافه مال الغير لتوِّه، حيث من الواضح أنه لا يثبت في رقبة العبد بعد موته ولا بتكسبه حيث لا رقبة ولا كسب له.
 ثانياً: دلت الروايات على أنه يتبع به بعد عتقه كما سوف يأتي.
 وأما الحل: فإن ذمة العبد وإن كانت ملكاً لمولاه إلا أن ما هو ملكه هي ذمته كوجود تصديقي، وهذا الذمة ليست وعاءاً للضمان، وما هو وعاء الضمان إنما الذمة بنظارة الحمل الأولي، ولو بلحاظ ما تحكيه من مصاديق مستقبلية، ولا دليل على أن هذه الذمة هي أيضاً ملك لسيده، ومن ثم جاز له إجراء عقد الغير بعد أن لم يكن مسلوب العبارة كالصغير والمجنون ولا يكون مأثوماً ، لأنه لم يتصرف فيما هو ملك لسيده ويكون نافذاً وضعاً، وأما مقايسته بأنه كالدابة لا ذمة له، فإنه مجرد كلام شاعري لا يلتزم به لوجدانية الفرق ما بينهما من جهة تحمله للمسؤولية، وهل الذمة إلا ترجمة لهذه المسؤولية.
 وحاصل الجواب: أنه لا يخلو إما أن يكون منظور السيد الأستاذ نفي الذمة عن العبد وأنه كالدابة من هذه الناحية فهذا ما لا أظن أنه يلتزم به مع وجدانية الفرق بينهما، صحيح أنه كَلٌّ على مولاه لكنه يتحمل المسؤولية تجاه التكاليف، وهذا المقدار يكفي في ثبوت الذمة له، أو أن ذمته مملوكة بملكية العين لمولاه.
  وهذا جوابه: أن المملوك لمولاه إنما الذمة كوجود تصديقي قائم في صقع نفس العبد دون الذمة كلحاظ تصوري بنظارة الحمل الأولي يحكي المصاديق الخارجية والذي هو وعاء للأموال الكلية إنما الذمة بالمعنى الثاني دون الأول.
 والحمد لله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo