< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا آجر عبده لعمل فأفسد
 الكلام في الروايات وهي ثلاثة:
 الأولى: ما في التهذيب في الصحيح عن زرارة وأبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل كان له غلام فاستأجره منه صانع أو غيره، قال: إن كان ضيَّع شيئاً أو أبق منه فمواليه ضامنون) [1]
 أما سندها قد رواها الشيخ في التهذيب في المجلد السابع بالإسناد عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن زرارة وأبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ولا مشكلة في إسناد الشيخ إلى علي بن إبراهيم ففي مشيخة التهذيب يرويه عن المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي بن إبراهيم كما أن طريقه في الفهرست تام حيث يرويه عن المفيد عن الصدوق عن والده عنه.
 الثانية: صحيحة أبي بصير- ولعله المرادي بقرينة الراوي عنه- لم يُتعرض له في كتب الاستدلال كالمختلف وجامع المقاصد والمسالك ومجمع الفائدة والبرهان والمفاتيح، وإنما تعرضوا لصحيح زرارة وأي بصير فقط، وصاحب الوافي لم يذكره مع أن له نكات يأتي التعرض لها في مقام الجمع ما بينهما، على كل حال فإن مفاد الرواية هكذا: عن أبي عبد الله عليه السلام: (في رجل استأجر مملوكا فيستهلك مالا كثيرا ، فقال : ليس على مولاه شئ ، وليس لهم أن يبيعوه ، ولكنه يستسعى وإن عجز عنه فليس على مولاه شئ ، ولا على العبد شئ .) [2]
 أما بالنسبة لسند هذه الرواية فقد رواها الشيخ بالإسناد عن محمد بن علي بن محبوب، عن العباس وهو ابن معروف، عن النضر أي ابن سويد، عن عاصم يعني عبد الحميد، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام. والكلام في إسناد الشيخ إلى ابن محبوب وهو ضعيف في مشيخة التهذيب لأنه يرويه عن الحسين بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن يحي العطار عن أبيه عن ابن محبوب والمشكلة في أحمد بن محمد حيث لم يوثق، وأما طريقه في الفهرست ص 145 فتام حيث يروي عن جماعة عن الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن عن أحمد بن أدريس عنه وهو تام.
 
 الرواية الثالثة: وهي بمضمون الرواية الثانية ولعلها نفسها إلا أنه يوجد تفاوت في التعبير لا تهافت في الدلالة خلافاً لبعض الفقهاء، عن روح بن عبد الرحيم عن أبي عبد الله عليه السلام: (عن رجل مملوك استتجره مولاه فاستهلك مالا كثيرا ، قال : ليس على مولاه شئ ولكنه على العبد ، وليس لهم أن يبيعوه ، ولكنه يستسعى وإن حجر عليه مولاه فليس على مولاه شئ ولا على العبد) [3] .
 وهكذا هذه الرواية الثالثة فإن سندها تام، والتي يرويها الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحي الأشعري عن محمد بن الحسين عن ابن فضال عن غالب بن عثمان لا أنه عثمان بن غالب كما في الوسائل عن روح بن عبد الرحيم، والرواة كلهم ثقاة، وإنما الإشكال في ضعف إسناد الشيخ في التهذيب إلى محمد بن أحمد بن يحي الأشعري القمي حيث ذكر طرقاً ثلاثة مشتملة على الضعف، فالطريق الأول مشتمل على محمد بن الحسين بن سفيان، والطريق الثاني فيه ابن أبي الجيد، والثالث فيه الحسن بن الحمزة العلوي ومحمد بن الحسين البزوفري، وإنما طريقه في الفهرست تام حيث يروي عن جماعة عن الصدوق عن والده ومحمد بن الحسن عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحي عنه، فالطريق الأول إلى محمد بن أحمد بن يحي هو الشيخ المفيد والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون عن أبي جعفر محمد بن الحسين بن سفيان عن أحمد بن إدريس عنه. والثاني: أبو الحسن بن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن يحي وأحمد بن إدريس عنه. والثالث: الشيخ المفيد والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبيد الله وأحمد بن عبدون عن أبي محمد الحسن بن الحمزة العلوي وأبي جعفر محمد بن الحسين البزوفري عن أحمد بن إدريس عنه،
 فهذه الروايات تامة السند،
 ثم يقع البحث في دلالة هذه الروايات الثلاثة:
 فالرواية الأولى أثبتت الضمان على الموالي، والثانية والثالثة ينفيانه عنهم ويثبتانه في حق العبد في بعض الصور.
 وهنالك محاولات للجمع ما بينها:
 الوجه الأول: ما ورد في الوسائل وجعله احتمالاً: وهو حمل الرواية النافية للضمان عن السيد على ما لو كانت الإجارة بلا إذن سيده، أي أنها فضولية محكومة بالبطلان فيما لو لم يلحقها إذن السيد، ولذا لا يضمن السيد لأنه لم يتلف مال الغير لا بالمباشرة لأن المباشر العبد ولا بالتسبيب فإنها لم تكن بإذنه وهذا خلاف ما لو كان بإذن السيد ،فإنه وإن لم يكن هو المتلف مباشرة إلا أنه كذلك بالتسبيب فلذا يكون الضمان عليه، وترجمة الضمان على العبد يكون من خلال كسبه.
 وفيه: إن الظاهر من الروايات التي استعرضناها سواء تلك التي كانت مع إذن المولى أو من دونه كون الإجارة صحيحة وهذا يحتاج إلى حصول إذن المولى وإلا كانت فضولية محكومة بالبطلان لو لم يلحقها الإذن، والحاصل : أنه ليس في الرواية ما يدل على عدم الإذن فيها، بل إطلاقها يرفض ذلك.
 الوجه الثاني: ما ورد في كلمات جماعة منهم السيد الحكيم في مستمسكه بأن الرواية التي أثبتت الضمان على السيد مطلقة، من حيث أنه يكون في رقبة العبد أو في كسبه واللذين هما من جملة أموال السيد أو مال آخر أجنبي عنهما، والثانية مختصة بضمان السيد في خصوص كسب العبد الذي هو وكسبه من جملة أموال السيد فيُحمل المطلق على المقيد والنتيجة أنه يكون الضمان في كسب العبد يُستسعى به.
 وأُورد عليه : أن تعلق الضمان برقبة العبد أو كسبه لا يُعتبر ضماناً لما أتلفه العبد في مال المولى، وإنما ظاهر ضمان المولى أن هناك شيئاً على المولى بمعزل عن العبد وما يمثل من قيمة، وعن كسبه واللذين هما من جملة الأموال الخارجية للسيد لا في الذمة، ومما يؤيد ذلك عطف الإباق على التضييع وأنه إذا أبق العبد ضمن المولى وهذا لا يتم لا في رقبة العبد ولا في كسبه مع فرض إباقه، بينما الرواية الأخرى تنفي ذلك بخصوصه فليس المقام من موارد الإطلاق والتقييد وإنما التعارض، هذا ما أفاده السيد الأستاذ.
 وسوف يأتي ما فيه، والحمد لله رب العالمين


[1] - تهذيب الأحكام ج 7 ص 254
[2] - وسائل الشيعة ( الاسلامية) ج 13 ص 252
[3] - وسائل الشيعة ( الاسلامية) ج 13 ص 119

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo