< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 
 الموضع: الفقه \ كتاب الإجارة \ ملكية المستأجر للمنفعة \ إذا آجر دابة لحمل متاع فعثرت وتلف أو نقص وأما مع عدم اشتراطه فلا ضمان بعد أن كان أميناً وفرضنا أن التلف لم يكن بتعدٍ وتفريط.
 نعم قد يظهر من بعض روايات الباب الثلاثين من أبواب أحكام الإجارة التضمين، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: (في رجل حمل مع رجل في سفينته طعاما فنقص ، قال : هو ضامن ، قلت : انه ربما زاد ، قال : تعلم أنه زاد شيئا ؟ قلت : لا ، قال : هو لك) [1]
 ومضمونها ما لو حمل في سفينة الغير طعاماً ومن ثم نقص الطعام، حيث حكم عليه السلام بالضمان لما نقص ولم يُفرض فيها التعدي والتفريط بل هي مطلقة من هذه الناحية.
 والجواب عنها: بقرينة ما ورد عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عمن ذكره ، عن ابن مسكان عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين متاعه ، قال : (فعليه أن يقيم البينة أنه سرق من بين متاعه وليس عليه شئ فإن سرق متاعه كله فليس عليه شئ) [2] حيث حكم عليه السلام بأنه مطالب بإقامة البينة على أنه قد سرق ثوبه بالخصوص من بين متاعه وإن كان قد سُرق متاعه كله بما فيه ثوب الغير فليس عليه شئ، فإنه يدعي التلف في خصوص طعام الغير، لا أنه يدعي تلف تمام الطعام الشامل لطعام صاحب السفينة بما فيه طعام الغير ولا ربط لها بضمان التالف، وإنما النظر فيها إلى كونه متهماً، هذا ما جاء في كلمات السيد الأستاذ.
 أقول: هذا الجواب إنما يتم لو فرض أنه قد حمل في السفينة طعام المستأجر وطعامه حتى إذا ورد النقص على خصوص طعامه دون طعام الملاح صاحب السفينة كان متهماً إلا أن ذلك مؤونة زائدة لا تقتضيها القرينة، والسفينة لا تصلح للقرينية، لأنها كما تطلق على الكبيرة تطلق على الصغيرة المصطلح عليها بالشختورة فلا مانع وفقاً لظهور الرواية بأنه لم يحمل إلا خصوص طعامه ثم ورد النقص عليه من دون أن يكون متهماً لعدم وجود طعام آخر غيره حتى يرد عليه النقص.
 وثمة رواية أخرى: ربما كانت هي المقصودة وهي رواية خالد الحجاج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام (عن الملاح أحمله الطعام ثم أقبضه منه فينقص، قال: إن كان مأموناً فلا تضمنه) [3] الدالة بالمفهوم على عدم الضمان فيما لو كان مأموناً والأولى قد دلت على الضمان على وجه الإطلاق والثانية دلت على الضمان في صورة ما لو لم يكن مأموناً ونفته عنه في صورة ما لو كان مأموناً، فتقيد هذه الرواية تلك بصورة عدم كونه مأموناً.
 أقول: هذا إنما يتم لو كان المقصود من لا تضمنه عدم ثبوت الضمان عليه في صورة كونه مأموناً ، وهذا ليس بلازم، وذلك لأنه يُحتمل أن ملاك وموجب الضمان ثابت إلا أنه إحساناً عليه لكونه مأموناً لا تضمنه، أي لا تطالبه بذلك مع ثبوت موجبه، كما أنه يُحتمل أن لا تضمنه لعدم ثبوت موجبه ولا معين لهذا الاحتمال الثاني في قبال الأول.
 وثمة جواب آخر: وهو أن هذه الرواية مطلقة من حيث اشتراط الضمان وعدمه، ورواية موسى بن بكر لو تم سندها لرواية الأجلاء عنه بسند صحيح قد ورد فيها وعليه النقصان إذا كان قد اشترط ذلك فقد أثبتت الضمان في صورة اشتراطه الدالة بمفهوم الشرط على نفيه في صورة عدم الاشتراط، وهذا أخص مطلقاً من تلك فتقيد بها إلا أن الشأن في تمامية سند الرواية.
 والصحيح أن يقال: إن الرواية مطلقة من حيث التعدي والتفريط في الحفظ وعدمهما، فتخصص بما دلَّ على نفي الضمان في صورة عدم التعدي والتفريط، إذ لا إتلاف في الفرض وإنما تلف يضمنه في صورة كون يده عدوانية، وأما إذا كانت أمينة ومأذونة فلا تضمن في فرض التلف لعدم شمول عموم على اليد لها وليس بحسب الفرض من الإتلاف في شئ.
 ( المسألة الثانية عشر ):
 إذا حمل الدابة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار المتعارف مع الإطلاق ضمن تلفها أو عوارها ، والظاهر ثبوت أجرة المثل لا المسمى مع عدم التلف ، لأن العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل ، نعم لو لم يكن ذلك على وجه التقييد ثبت عليه المسماة وأجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة .
  استعرض الماتن في هذه المسألة إلى ما لو حمَّل المستأجر الدابة أزيد من المقدار المشترط في صورة الشرط أو أزيد من القدر المتعارف في صورة الإطلاق وعدم الاشتراط، وقد تعرض (قده) لحكمين:
 الأول: ما لو تسبب ذلك بتلف الدابة أو تعيبها، فهل يضمن المستأجر ما أتلفه أو أصابها من عوار ؟
 الثاني: أنه هل يضمن المستأجر للمؤجر أجرة المسمى أو هي مع أجرة المثل للمقدار الزائد على المشترط أو المتعارف؟
 أو لا هذا ولا ذاك وإنما أجرة المثل لتمام الحمل أو أنه يضمن كلاً من أجرة المسمى وأجرة المثل لتمام الحمل، جملة وجوه بل أقوال، تأتي والحمد لله رب العالمين


[1] - الوسائل ( الإسلامية) ج 13 ص 277
[2] - الوسائل ( الإسلامية) ج 13 ص 272
[3] - الوسائل ( الإسلامية) ج 13 ص 277

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo