< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/11/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضـوع:- الإجارة
وخلاصة المطلب أن المسألة ذات قولين:
الاول : ما ذهب إليه الشيخ في النهاية وصاحب الإرشاد؛ بل نُسب إلى المشهور أنه لا يجوز أن يؤجره بأقل مما استأجره به إلا أن يحدث فيه حدثاً.
ثانيأ : ما ذهب إليه ابن إدريس في سرائره والعلامة في التذكرة والقواعد، وهو مصير المحقق الثاني والشهيدين من القول بالكراهة، قال في المسالك: ومستنده أخبارٌ حملها على الكراهة أولى جمعاً.
ودليل القول الأول جملةٌ من النصوص كصحيحة محمد بن مسلم وغير ذلك مما منعت عن فضل الأجير إلا أن يكون قد عمل فيه شيئاً، وصحيحة أبي المغرا التي أفادت أن فضل الحانوت والأجير حرامٌ، إذا كانت إضافة الفضل إلى الأجير من إضافة المصدر إلى فاعله لا إلى مفعوله، وإلا كانت مرتبطةً بباب إجارة الأعيان، ولعل العطف يعيِّن الثاني فتأمل!.
ولا يصلح كلٌّ من خبر علي الصائغ الذي ورد فيه "لا يصلح ذلك إلا أن تعالج معهم فيه"، وخبر الحكم الخياط النافي للبأس وبالتالي الصريح في الجواز للقرينة على الكراهة أو لا أقل المعارضة بحسب زعم البعض، أما الأول فلضعف الخبر سنداً، مضافاً إلى أن لفظة "لا يصلح" ليست ظاهرةً في الكراهة حتى تكون قرينةً على ذلك في نصوص المنع، بل تصلح لكلٍّ من الكراهة والحرمة فلا تعارض ما دل على الحرمة. وأما الثاني فأيضاً سنده ضعيفٌ مضافاً إلى أنه غاية ما يثبت أنه يجوز ذلك مطلقاً فيقيَّد إطلاقه بما دل على ما إذا أحدث فيه شيئاً.
ومنه يظهر الوجه في القول الآخر لا سيما في مثل صحيحة أبي حمزة الصريحة في الجواز ونفي البأس، بحسب نسخة صاحب السرائر، وقد يدعى أن الموجود في كتب الحديث القديمة لفظة "لا" بدل "لا بأس" فتكون من جملة النصوص المانعة عن فضل الأجير، كما هو الحال في نسخ التهذيب التي وصلت إلينا وإلى صاحب الوسائل (ج 7، صفحة 215، الحديث 5) إلا أن يدعى صغروياً أن المقام من موارد الدوران بين الزيادة والنقيصة، وكبروياً أن القاعدة في مثل ذلك البناء على وجود الزيادة، وعليه يكون الصحيح ما رواه ابن إدريس من نفي البأس ويكون الجمع بينه وبين النصوص المانعة بالحمل على الكراهة كما ذهب ابن إدريس إليه.
وفيه أولاً: إن البأس المنفي ليس حكراً على الحرمة بل يشمل الكراهة.
وثانياً: سلمنا لكنه مقيَّدٌ بما ورد في صدر الرواية من قوله عليه السلام: "لا بأس فيما تقبلت من عملٍ قد استفضلت فيه"، ودعوى أنه ورد في كلام السائل فكيف يقيَّد به إطلاق كلام الإمام عليه السلام فيها: أنه بقرينة سائر الروايات التي اشترطت حلَّ الفضل يقيد بما يأتي به.
والحاصل: إننا لو قصرنا النظر على نسخة التهذيب الموجودة لدى صاحب السرائر فإن صحيحة أبي حمزة الوارد فيها: "لا بأس فيه" نصٌّ في الجواز رغم دعوى البعض أنها ظاهرةٌ فيه، والبأس المنفي ليس خصوص الحرمة بل تشمل الكراهة فإن هذه الدغدغة لا تصادم الوجدان اللغوي بصراحتها في الجواز في حين أن صحيحة محمد بن مسلم الأولى ظاهرةٌ في الحرمة حيث ورد فيها:" قال: "لا إلا أن يكون قد عمل فيه شيئاً"، والجمع بينها بحمل الظاهر على النص فنخلص إلى ما ذكره صاحب المسالك من الحمل على الكراهة، ولعل هذا وغيره حمل الماتن على إبداء الإشكال في جواز فضل الأجير مع عدم الإتيان ولو ببعض العمل المستأجر عليه ولم يجزم بالمنع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo