< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

34/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضـوع:- الإجارة
إلا أن هذا الكلام غير تام، وذلك لأن صحيحة ابن مسلم وإن كانت ظاهرةً في الحرمة وصحيحة أبي حمزة نصاً في الجواز، إلا أن صحيحة أبي المغرا نصٌ في الحرمة حيث قال عليه السلام: "لا بأس إن هذا ليس كالحانوت ولا الأجير إن فضل الحانوت والأجير حرامٌ"، بناءً على أن إضافة الفضل إلى الأجير من إضافة المصدر إلى فاعله لا إلى مفعوله، ومجرد عطفه على الحانوت لا يصلح لتعيين الثاني بعد وجود القدر الجامع المصحِّح للعطف، إلا أن مجرد هذا لا يعين الإحتمال الأول، بل لا بد من إضافةٍ وهي أن المتفاهم العرفي من عبارة فضل الأجير الإحتمال الأول وأن النظر إلى الأجير بوصفه عاملاً لا عيناً مستأجرةً. والحاصل: أن ليس في المقام نصٌ وظاهرٌ حتى يتصرف بالظاهر على ضوء النص، وإنما لدينا نصان: واحدٌ في الحرمة وهو مفاد صحيحة أبي المغرا، والآخر في الجواز وهو مفاد صحيحة أبي حمزة بحسب نسخة التهذيب الموجودة لدى صاحب السرائر، فلا بد من التفتيش عن نكتةٍ أخرى وذلك:
إن كلاً من صحيحة أبي حمزة وأبي المغرا نصٌ في الحرمة والجواز، ظاهرةٌ ببركة الإطلاق في أنه قد أتى ببعض العمل أم لم يأتِ به، والتصرف إنما يكون بظاهر كل من الصحيحتين بما ورد في صحيحة محمد بن مسلم الأولى الظاهرة في حرمة فضل الأجرة إلا أن يكون قد عمل فيه شيئاً، وبما ورد في الصحيحة الخامسة الصريحة في الجواز محيثةً ذلك بأنه قد عمل فيه، حيث قال عليه السلام: "لا بأس قد عمل فيه"، فتقيد إطلاق كلٍّ من صحيحة أبي المغرا الصريحة في الحرمة والمطلقة من حيث أنه قد عمل فيه شيئاً، وصحيحة ابن مسلم الصريحة في الجواز المطلقة كذلك من حيث أنه قد أتى ببعض العمل بصورة ما لو لم يأتِ بشيءٍ من العمل، وصحيحة محمد بن مسلم الصريحة في الجواز المطلقة من حيث لو لم يأتِ بشيءٍ من العمل بصورة ما لو أتى ببعض العمل، وبالتالي يرتفع التعارض فيما بين الصحيحتين حيث يكون النظر في الأولى المحرمة إلى صورة عدم الإتيان بشيءٍ من العمل، والثانية المجوزة إلى ما لو أتى ببعض العمل، كل ذلك ببركة صحيحتي محمد بن مسلم الأولى والخامسة في الباب الثالث والعشرين.
وبتعبيرٍ آخر: لا شك في أن صحيحة أبي حمزة بناءً على نسخة التهذيب التي وصلت لصاحب السرائر أعني عبارة "لا بأس" وإن كانت صريحةً في الجواز ولا يُصغى إلى دغدغة البعض من كون البأس المنفي أعم من الحرمة والكراهة فلا تكون صريحةً في الجواز لكون هذا التعبير بحسب المتفاهم العرفي نصاً في الجواز بالنسبة لفاضل أجرة الأجير، وصحيحة محمد بن مسلم الأولى ظاهرةٌ في الحرمة لا أنها نصٌ، والجمع ما بين الظاهر والنص يقضي بحمل ما ظاهره الحرمة على الكراهة بقرينة لا بأس التي هي نصٌ في الجواز،وهذا حاصل ما ذكره صاحب المسالك.
إلا أن هذا الكلام لا يرجع إلى محصِّلٍ وذلك أولاً: لأن صحيحة محمد بن مسلم الأولى وإن كانت ظاهرةً في الحرمة لكن ذلك بلحاظ الحكم، وأما بحسب الموضوع أي من حيث الإتيان ببعض العمل – متعلق الإجارة - فهي مقيدة لتجويز فاضل الأجرة بذلك، وصحيحة أبي حمزة وإن كانت نصاً في الجواز إلا أنها بحسب الموضوع من حيث الإتيان ببعض متعلق الإجارة الأولى وعدمه فهي مطلقةٌ، والجمع ما بين الصحيحتين تارةً يكون على أساس الحكم بأن نتصرف بما ظاهره الحرمة في صحيحة ابن مسلم بحمله على الكراهة جمعاً بينه وبين صحيحة أبي حمزة الصريحة في تجويز فاضل الأجرة وأخرى على أساس الموضوع بأن نتصرف بإطلاق صحيحة أبي حمزة الشامل لصورة ما لو أتى ببعض العمل – متعلق الإجارة الأولى – وما لو لم يأتِ به بحمله على التقييد الوارد في صحيحة ابن مسلم الأولى لتجويز فاضل الأجرة فيما لو أتى بشيءٍ من العمل ولا شك أن التصرف الثاني – أعني الجمع الموضوعي – أولى من التصرف الأول – الجمع الحكمي – بعد أن كانت نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة المعروض إلى عارضه بحيث إذا عالجنا التنافي بين الخطابين على مستوى الموضوع لا يبقى تنافٍ بينهما على مستوى الحكم حتى يصار إلى الجمع المقترح من قبل صاحب المسالك، والنتيجة هي تحريم فاضل الأجرة مع عدم الإتيان ببعض العمل – متعلق الإجارة الأولى – وتجويزه فيما لو أتى ببعض العمل، وهذا ما أفادته صحيحة محمد بن مسلم الأولى بلحاظ عقديها المستثنى والمستثنى منه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo