الموضـوع:- الإجارة
قام لمنفعة الخياطة – مثلاً – على المستأجر نتيجة تشاغل الأجير بالعمل لنفسه سببٌ في إتلاف مال المستأجر – أعني منفعة الخياطة – فيكون هو المضمون،فنحن لو سلمنا أن التفويت ليس من موجبات الضمان إلا أنه في المقام حيث يفضي إلى إتلاف منفعة الخياطة – مثلاً- التي هي ملكٌ للمستأجر بالتشاغل بالعمل للغير لذا يضمن له المنفعة الفائتة، فنكتة الضمان وملاكه هو التفويت سواءٌ تشاغل بالعمل لنفسه أو أخذ قسطاً من الراحة، فإنه على التقديرين يضمن قيمة المنفعة الفائتة لكونها مالاً مملوكاً للمستأجر قد أتلفها عليه الأجير سواءٌ بالعمل لنفسه أو لا! وقد تلخص أن دعواه ترجع إلى شقٍّ إيجابي بضمان الأجير قيمة المنفعة الفائتة، وآخر سلبي وأنه لا يضمن قيمة المنفعة المستوفاة فضلاً عن تضمينه كلتا المنفعتين.
وأما الوجه في ضمان قيمة المنفعة التي استوفاها الأجير دون قيمة المنفعة الفائتة فبملاك أن الإستيفاء والإنتفاع بمال الغير واستهلاكه موجبٌ لضمانه وأما التفويت فليس موجباً له نظير ما تقدم في منافع الأموال – الأعيان – من ضمان خصوص المنافع المستوفاة دون الفائتة من دون استيفاء.
والوجه فيما صار له السيد الأستاذ أن ما هو ملكٌ للمستأجر ليس خصوص المنفعة الفائتة وإنما جميع المنافع بما في ذلك المنفعة المستوفاة وقد سبق أنه لا يمكن المصير إلى تضمين كلتا المنفعتين مع عدم تعدد السبب والموجب للضمان فلا بد من ضمان إحداهما إما الفائتة أو المستوفاة إذ إحدى المنفعتين سوف تذهب على المستأجر قهراً، فلا بد من الحكم بضمان أعلى القيمتين لأن أعلاهما قد تلفت من مال المستأجر وفي ملكه فتكون مضمونةً بأعلى القيمتين.
أقول: الصحيح ما ذهب إليه الماتن خلافاً لما أفاده السيد الأستاذ وفاقاً للسيد الشهيد وللسيد الكلبيكاني وخلافاً لما صار له الإمام الخميني والسيد الأصفهاني والسيد الحكيم، أما ما ذهب إليه أخيراً من تضمين قيمة المنفعة المستوفاة لورود النقض بما لو فوَّت الأجير منفعة الخياطة على المستأجر من دون أن يعمل لنفسه حيث لا شك وجداناً في أنه يضمن والضمان هنا متعينٌ بقيمة المنفعة الفائتة إذ لا استيفاء لمنفعةٍ أخرى، وهذا لا يفرق فيه بين تفويت المنفعة على المستأجر مع التشاغل بالعمل لنفسه أو من دون ذلك، حيث في كلا الفرضين يضمن، والضمان إنما للمنفعة الفائتة دون المستوفاة إذ لا احتمال لضمان كلتا المنفعتين كما مر معنا ذلك.