< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/05/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: عدم الاجمال في الشرطين/ وما أفاده الماتن من الاكتفاء بتحقق أحد الشرطين/ حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

وأما موافقتها للنصوص الكثيرة الدالة على وجوب التقصير على كل مسافر، حيث يكون الترجيح لصالحها؛ لمطابقتها مع عموم الكتاب والسنة النبوية والولوية القطعية الدالة على وجوب التقصير فيما زاد على القدر المتيقن، وهو خفاء الآذان باعتباره الأقل.

ففيه: أنه لا يصدق عليه الخروج عن حد الحضور والدخول في حد الغيبة، ما لم يتوارى عن البيوت؛ لأنه ما لم يتوارَ عن البيوت هو حاضر، وبالتالي يكون حكمه التمام. وكلامه إنما يتم لو صدق عليه بمجرد الخروج عن سور البلد، أو ما بحكمه أنه مسافر وغائب غير حاضر.

ثم إنه لو تم ما ذكره هذه العلم من عدم تيسر الآذان في الغالب مع ما أفاده البعض وذكره صاحب مستند الشيعة من ابتلاء صحيحة محمد ابن مسلم التي جعلت المدار على خفاء الجدران بالإجمال من جهتين: الأولى الاضمار، أو القلب، والثانية: أنه لم يُعلم كون الخفاء للهيئة أو حتى للشبح، وبينهما فرق واسع وبون شاسع، سوف يلزم تعطيل مفاد الأخبار التي تعرضت للشرطيتين، وبالتالي لغوية الشرطيتين، إما من جهة عدم تيسر العلامة في الغالب، أو من جهة الاجمال، فلا يبقى لدينا ما يصلح لأن يكون علامة على بلوغ البعد الخاص الموجب للتقصير.

ثم إنه لا إجمال في الصحيحة: أما بالنسبة للنكتة الأولى للإجمال فجوابها أننا نختار المجاز في الحذف على القلب، أي تواري المسافر عن أهل البيوت الملازم مع عدم رؤيته لهم، وقد عرفت أنه أولى من المجاز في القلب، لكون مؤونته أضعف، وكونه متعارفاً في الاستعمالات، فلا يتأتى حديث التفاوت الفاحش بين مقتضاهما.

وأما النكتة الثانية للإجمال: فإنه مع احتمال كلا الأمرين من تواري شبح الشخص المرئي، أو الهيئة بأنه راكب أو راجل، قصير أو طويل، فإنه مع عدم الدليل على التعيين في أحدهما رغم التفاوت الفاحش بينهما، فإنه يؤخذ بالقدر المتقين المشترك، وهو تواري الهيئة وصورة الشخص، لا شبحه، وذلك تمسكاً بعمومات القصر في السفر، بل قد لا يتوارى الشبح في المواضع الخالية من الموانع لأكثر من فرسخين، والاتمام في مثله مشكل؛ لمنافاته مع أخبار خفاء الآذان مما يُقطع بعدم إرادته، فلا إجمال.

ثم إن الماتن ذكر أنه يكفي تحقق الشرطين مع الشك في تحقق الآخر، وأما لو علم بعدم تحقق الشرط الآخرة فقط احتاط وجوباً باجتماعهما، بل احتاط باجتماع الشرطين مطلقاً حتى في صورة الشك في حصول الشرط الآخرة مع تحقق أحد الشرطين. ثم أفاد أنه في صورة تحقق أحد الشرطين دون الآخر، إما أن يجمع بين القصر والتمام أو يؤخر التقصير على أن يتحقق الشرط الآخر.

وهذا تارة نبحثه على ضوء التعامل مع الشرطين على أساس:

    1. الموضوعية.

    2. وأخرى على أساس العلامتية.

    3. وثالثة على أساس تحديد مقدار البعد الذي يرخص معه بالتقصير والافطار.

والصور ثلاثة:

    1. إذ تارة يُعلم كلا الشرطين.

    2. وأخرى يُعلم بتحقق أحدهما ويشك في تحقق الآخر.

    3. وثالثة يعلم بتحقق أحدهما دون الآخر، بأن يُقطع بعدم تحققه.

أما المبنى الأول: فتارة نبني على موضوعية الشرطين على نحو أن يكون كل منهما جزء العلة، وكلاهما تمام العلة، أو على أن يكون كل واحد منهما تمام العلة، إلا أنها غير منحصرة، وعلى الأول نرفع اليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بالواو ونلتزم بأن يكون كل منهما جزء علة الجزاء، وعلى الثاني نرفع اليد عن الاطلاق المقابل للتقييد بأو، ونلتزم بأن يكون كل منهما علة مستقلة، إلا أنها غير منحصرة، فعلى النحو الأول يجب التمام بمجرد حصول أحدهما؛ لعدم تمامية علة وجوب التقصير، ففي صورة الشك في حصول الشرط الثاني، فضلاً عن صورة العلم بعدم حصوله يُحكم عليه بوجوب التمام، ولا يجب عليه التقصير، إلا إذا حصل كلا الشرطين، حيث تلتئم العلة بجزئيها فيترتب عليها الجزاء.

وعلى النحو الثاني: يُحكم بوجوب القصر بمجرد حصول أحد الشرطين؛ لكونه تمام العلة، سواء علم بعدم حصول الشرط الآخر أو شك في حصوله.

أما المبنى الآخر: وهو فرض كون كل من الشرطين علامة ومعرفاً للبعد الخاص الذي هو الموضوع، فيكون تحقق كل واحد من الشرطين علامة على وجود الموضوع، أعني بلوغ البعد الخاص المرخص في التقصير والإفطار، كما أن انتفاءه يكون علامة على انتفاء الموضوع، فلو علم بتحقق أحد الشرطين مثل خفاء الآذان وشك في تحقق الآخر، وهو خفاء الجدران نكون قد أحرزنا الأمارة على الوجود مع الشك في وجود المعارض لها، والأصل عدم ثبوت المعارض فيحكم بوجوب القصر. وأما لو علم بتحقق أحدهما مع العلم بانتفاء الآخر، فسوف تتكاذب العلامتان المثبتة للموضوع والنافية له، وبالتالي يسقطان عن الأمارتية؛ لأن وجود الشرط أمارة كشافة عن الوجود وعدمه، أمارة كشافة عن العدم، والكاشفية، ويكون المرجع ما تقتضيه الأصول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo