< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: مناقشة صاحب مستند الشيعة/ للجمع بين الطائفتين / حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

الكلام بالنسبة للوجه الأخير الذي ذكره صاحب مستند الشيعة ( أعمية الأخبار التي قالت: بأنه لا يتم حتى يدخل بيته من صحيحة عبد الله ابن سنان، حيث أكتفت بسماع الآذان) حيث قال:" يرد عليها أن غير الأخيرتين منها أعم مطلقا من صحيحة ابن سنان، إذ مدلولها وجوب قصر المسافر قبل دخول البيت أو المنزل أو المصر مطلقا سواء بلغ موضع سماع الأذان أم لا ، ومدلول الصحيحة وجوب الاتمام في بعض خاص منه وهو ما بعد سماع الأذان فيجب تخصيصها به".[1]

وفيه: أن ما ذكره من علاج للتعارض غير المستقر على أساس أعمية هذه الخبار من مثل صحيحة ابن سنان، فيقيد إطلاقها بها، وإن كان فنياً، إلا أن الميزان في استعمال أدوات العلاج متفرع في المرتبة السابقة على تشخيص أن التعارض ما بين الطائفتين مستقر؟ أو ليس مستقراً؟ كما فرض ذلك صاحب مستند الشيعة، وهذا موكول إلى بحوث التعارض، إلا أننا نقول بشكل مختصر: أنه قد يفرض ما بين الدليلين وجوهاً للجمع العرفي، إذا ما استعملنا المداقة الصناعية، إلا أنه يبقى التعارض فيما بيم الدليلين موجوداً بنظر العرف، رغم وجوه الجمع التي تذكر كحلٍّ وعلاج لهذا التعارض، مما يعني أن التعارض مستقر، وعلاجه لا يكون بوجوه الجمع العرفية، ومثاله الواضح ما ورد من قوله (ع): " لا بأس ببيع العذرة" وقوله:" ثمن العذرة سحت" حيث أن لكل من الخبرين دلالة وضعية وأخرى إطلاقية، والتعارض بينها ليس على أساس الدلالتين الوضعيتين، إنما الإطلاقيتين على الظاهر الذي هو أحد وجوه الجمع العرفي، فنحافظ على الدلالتين الوضعيتين ونرفع اليد عن الدلالتين الإطلاقيتين اللتين هما منشأ التعارض فيما بين الخبرين إلا أن هذه الوجه للجمع رغم فنيتَّه ومطابقته للأصول الموضوعية، إلا أنه مع ذلك يرى العرف رغم إعمال هذه المداقة الصناعية بقاء التنافي بينهما، وأنه لا يُعالج بمجرد التصرف بالظاهر، برفع اليد عنه بما هو الأظهر، ومقامنا من هذا القبيل، فإن روايات الطائفة الثانية وإن كانت مطلقة تشمل صورتي سماع الآذان وعدم سماعه، إلا أنها معارضة مع مثل صحيحة ابن سنان، لا أنها أعم حتى تجري صناعة العام والخاص، بل التعارض مستقر ولا بد من علاج ذلك على ضوء أن التعارض مستقر، لا أنها غير مستقر، وإن شئت قلت: لا اطلاق في أخبار الطائفة الثانية لصورتي سماع الآذان وعدم سماعه، وإنما هي مخصوصة بخصوص سماع الآذان، لا سيما بعد الوصول إلى بيوت البلد، فضلاً عن دخولها إلى ما قبل الوصول إلى بيته، فإنه لا إطلاق فيها لصورتي سماع الآذان وعدم سماعه، بل هي مخصوصة بخصوص سماع الآذان. اللهم إلا أن يُحمل سماع الآذان على الفعلي، وقد عرفت خلافه، وأن الصحيح حمله على الوصول إلى موضع يكون بُعده عن البلد بمقدار يُسمع فيه الآذان، وإن لم يسمع بالفعل؛ لعدم كون الوقت وقت آذان، أو لكون البلد لا آذان فيها وغير ذلك. والعجب من مثل صاحب مستند الشيعة، حيث ذكر أن تلك الأخبار مفادها وجوب القصر على المسافر قبل دخول البيت أو المنزل أو المصر مطلقاً، سواء بلغ موضع سماع الآذان أو لم يبلغ، في حين أن صحيحة ابن سنان مفادها وجوب الاتمام في بعض خاص منه، وهو ما بعد سماع الآذان، فيجب تخصيصها به، والوجه في العجب: أنه إذا بلغ المصر، أو البيت، أو المنزل قبل دخولها فلا شك في أنه بلغ موضع سماع الآذان وزيادة. وبالتالي لا إطلاق فيها يشمل صورة عدم سماع الآذان.

ثم إذا استقر التعارض بين الطائفتين من الروايات فقد ذكر أوجهاً لعلاجه:

    1. موافقة صحيحة عبد الله بن سنان للسنة القطعية، ومخالفة هذه الطائفة من الروايات مع السنة القطعية، حيث حكمت بالترابط بين المسافر والتقصير، وغير المسافر والتمام؛ لذا يكون الترجيح لصالح صحيحة عبد الله ابن سنان؛ ولموافقتها مع العمومات الدالة على وجوب التمام والتي خرج عنها خصوص المسافر، التي نفت الجناح على من ضرب في الأرض، وأن من دخل مصره وإن لم يدخل بيته قطعاً هو ليس ضارباً في الأرض.

وذكر السيد الأستاذ نكتة وهي: أنه إذا حصل القطع بهذه الروايات يؤخذ بها، ويعرض عن صحيحة ابن سنان، وإلا يكون هذا الوجه متعيناً.

 


[1] مستند الشيعة - المحقق النراقي - ج8 - ص301.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo