< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الفقه

39/05/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضـوع: المسألة 58 / المناط في خفاء الجدران/حد الترخّص/ الشرط الثامن من شروط القصر/ صلاة المسافر.

 

المسألة 58:

"المناط في خفاء الجدران خفاء جدران البيوت [1] لا خفاء الأعلام والقباب والمنارات، بل ولا خفاء سور البلد إذا كان له سور، ويكفي خفاء صورها وأشكالها وإن لم يخف [2] أشباحها"[3] .

 

تعرض الماتن فيها لمطلبين:

1-أن الميزان هو في خفاء جدران البيوت لا في خفاء القباب والمنارات والأعلام، ولا في السور، لو كان للبد سور.

2-أن الميزان في خفاء الجدران هو خفاء هيئته وصورته التي بها يتميز بيت عن آخر، لا في خفاء شبح الجدران.

3-وعند التعرض لفقه صحيحة محمد ابن مسلم، حيث رميت بالإجمال من ناحيتين، حيث لا إبصار للبيوت. فالخفاء إنما للجدران بنحو المجاز في القلب، أو الخفاء لأهل البيوت، لا للجدران، فيكون من المجاز في الحذف، وبين الخفائين بون شاسع. مضافاً: إلى أنه على كل من التقديرين لم يُعلم أن الخفاء لهيئة الجدران وصورتها، أو لأشباحها؟ أو أن الخفاء لصورة أهل البيوت التي بها يكون علامة للمسافر، وإنما لأهل البيوت، إلا بالملازمة ما بين خفائه عن أهل البيوت وخفاء أهلها عنه، وما هذا إلا أكل من القفا!

وقد ظهر مما تقدم الجواب عن كل هذه الايرادات على الاستدلال بالصحيحة، وبه يظهر مدرك هذه المسألة بكلا شقيها.

إذ سبق أن ذكرنا بأن المتعين هو المجاز في الحذف على المجاز بالقلب، وذلك لكونه أخف مؤونة من المجاز في القلب، إذ لا يحتاج إلا تقدير الأهل، بخلاف ذاك، وقرينته موجودة وهي امتناع الابصار على البيوت؛ لذا لا بد من تقدير من يبصر، وهو أهل البيوت، لا أن الخفاء للبيوت والجدران عنه، لا سيما أن التواري وإن كان قائماً ما بين إثنين، بخلاف المواراة، إلا أنه فعل المسافر لا أنه فعل البيوت وجدرانها حتى يكون أثرها خفاء البيوت عن ناظري المسافر! مضافاً: إلى أن المجاز في الحذف أكثر تداولاً واستعمالاً من المجاز في القلب، فيكون آنس إلى الأذهان من المجاز في القلب.

 

والحاصل: أنه يكون الميزان في تواري المسافر من أهل البيوت، وأثر ذلك خفاؤه عن أهل البيوت، وعلامته بالنسبة للمسافر خفاء أهل البيوت عنه للتلازم فيما بين الخفائين. وأما حديث الأكل من القفا فقد ظهر أنه لا أساس له، إذ تواري المسافر من أهل البيوت لا يعني خفاؤه عنهم، وإنما غيبته، وأثر الغيبة هذه خفاؤه عنهم، وعلامة الخفاء هذه خفاء أهل البيوت عنه، للتلازم فيما بين الخفائين. فلا أكل من القفا. وإنما نسب التواري إليه لكونه فعله لا فعل أهل البيوت، كما أنه ظهر وجه علامتية تواريه من البيوت بالنسبة للمسافر.

 

وأما الجهة الثانية للإجمال فجوابها: أنه سواء أريد خفاء المسافر من أهل البيوت أو خفاء البيوت عن ناظري المسافر، فإن المتفاهم عرفاً إنما هو خفاء الصورة والهيئة التي بها يتماز الشخص عن الآخر، وأنه راجل أو راكب إلخ...، لا خفاء الشبح، إذ لا يصدق على خفاء الشبح أنه خفاء لأهل البيوت، بل خفاء أهل البيوت بمعنى الصورة والهيئة يحصل قبل ذلك. وكذلك بالنسبة لخفاء البيوت وجدرانها، فإن المراد هو خفاء الصورة والهيئة التي تمتاز عن بعضها، هذا بحسب الصدق العرفي والمتبادر إلى الأذهان، لا خفاء الشبح، فإنه لا ربط له لا بالبيوت ولا بجدرانها.

 

ثم على تقديره: فإن المراد بالبيوت ما هو المتعارف لا البناء المتواضع ولا الشاهق، ومن ثم لا تشمل البيوت مثل المنارات والأعلام والقباب؛ لعدم صدقها عليها، وعدم كونها منها في شيء.


[1] المناط خفاء الشخص نفسه عمن في البيوت بحيث لا يرونه وخفاء البيوت ملزومه. (الحكيم). بل المناط تواري أهل البيوت فإنه يستكشف به تواري المسافر عن البيوت. (الخوئي).
[2] الأحوط فيما بين الخفاءين الجمع أو تأخير الصلاة. (الگلپايگاني).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo