< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الاصول

32/10/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الأصول \ مبحث التجري \ الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع

 كان الكلام في استفادة حرمة التجري من الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع

 وقد قلنا بأنه لا حكم للعقل بل دوره هو الاستكشاف وهو أشبه بكونه حاسة سادسة فكما أن العقل يدرك أن الكل أعظم من الجزء كذلك يدرك حسن العدل وقبح الظلم

 وهنا لا بد من الإشارة لبعض النكات :

النكتة الأولى: وتتلخص في أن مبني القائلين بان العقل دوره الإنشاء وليس لهذه القضايا أي واقع وراء حكم العقل وإنشائه وإنها من التأديبات الصلاحية التي ذكرها الشيخ المظفر تبعا للشيخ الأصفهاني وأن بناء العقلاء وتبانيهم هو الذي يفضي لحكم العقل ، وبناء عليه لو عشنا في جو بعيد عن هذه العادات والأخلاق فلا يحكم به العقل ، وسبب الحكم هذا كونه يؤدي للحفاظ على النوع ، وكذلك إدراكهم لقبح الظلم وان فيه زوال النوع

ويرد عليه :

النقض بالعاقل الأول حيث إنه في الزمن الذي لا يوجد فيه مجتمعات ولا تأديبات صلاحية، فهل العدل حسن والظلم قبيح ؟ ومن أين للعاقل الأول أن يدرك حسن العدل وقبح الظلم طالما أنه لم يتخلق بأخلاق المجتمع ؟ فبناء على مقالتهم ينبغي أن لا يحكم بقبح الظلم وحسن العدل ، مع قضاء الوجدان بقبح الظلم وحسن العدل وما ذلك إلا لأنهما أمران واقعيان بمعزل عن حكم العقل وبناء العقلاء كما قلنا ، وانه لا ربط للتأديبات الصلاحية في حكم العقل ، بل العقل يحكم بالحسن والقبح حتى لو لم يكن عاقل ولا عقلاء.

النكتة الثانية :وهي أنهم ربطوا بين إدراكين عقليين وحكمين ، إدراك العقلاء وجود المصلحة في العدل فلذا حكموا بحسنه ، وإدراكهم وجود المفسدة في الظلم فلذا حكموا بقبحه ، فربطوا بين إدراكين من مدركات العقل العملي وإدركين من مدركات العقل النظري لأن إدراك المصلحة والمفسدة هما من مدركات العقل النظري لأنهما مما ينبغي أن يعلم ، وإدراك حسن العدل وقبح الظلم من مدركات العقل العملي لأنهما مما ينبغي أن يعمل ، وهذا الكلام يواجه مشكلة واضحة من جهتين :

الجهة الأولى : يلزم أن يصبح كل من الحسن والقبح دائرين مدار إدراك العقل النظري للمصلحة والمفسدة سعة وضيقا ووجودا وعدما ، وهذا يتنافى مع كونهما من مدركات العقل العملي بل هما متمحضان في ذلك ، فلا يمكن اعتبار العقل النظري دخيلا في إدراكهما .

الجهة الثانية : يلزم على مذهبهم إعمال قواعد التزاحم فيما لو كان هناك مصلحة ومفسدة في العدل مثلا ، وأن يحكموا بالكسر والانكسار بينهما ويحكموا على العدل بأنه قبيح فيما لو كانت المفسدة هي الراجحة ، مع أنهم لم يعملوا قواعد التزاحم في موارد حسن العدل طالما أنه عدل ، بل إنهم في موارد كثيرة كضرب الصبي للتأديب ونحوه حكموا عليها بالحسن لأنها ترجع إلى حسن العدل ، وعليه قضية حسن العدل وقبح الظلم هي من الأمور التي يكون ثبوتها وحقانيتها في لوح الواقع ونفس الأمر، وبالتالي يكون دور العقل هو الإدراك والكشف، ويأتي مزيد توضيح لهذه النقطة في الدرس القادم والحمدلله رب العالمين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo