< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الاصول

32/11/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الأصول/ مباحث القطع/ التجري/ أدلة حرمة التجري

 كان الكلام في الدرس السابق فيما أفاده السيد الخوئي من أن المانع الثالث عن تطبيق الكبرى اعني الملازمة بين ما حكم به العقل وما حكم به الشرع ، على المقام هو أن ما يحكم به العقل العملي إن كان كافيا في إتمام الحجة على العبد ، وفي بعثه نحو العمل وزجره عنه فلا حاجة إلى جعل حكم شرعي ، وإن لم يكن كافيا ، فلا فائدة في جعل حكم آخر ، إذ هو مثل الحكم الأول ، لأن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد ، ولآن نناقش ما أفده رحمه الله بما يلي:

مناقشة السيد الخوئي

  والكلام تارة بنفس حكم العقل بقبح التجري ، وأخرى بالنسبة للملاك الواقعي ،

أما بالنسبة لحكم العقل بالقبح : فحكم العقل الذي هو بمعنى الإدراك العملي أي ما ينبغي أن يعمل والذي يستتبع مدحا وذما بمعنى أن فاعله ممدوح أو ممذموم ، إن كان المولى يكتفي به بمعنى انه كاف للتحرز على الملاك الواقعي الذي يريده المولى فلا معنى لحكم جديد ، وما يصدر عن الشارع لا يحمل على التأسيس بل على الإرشاد لان هذه الدرجة من الحفظ الذاتي كافية في المحركية والزاجرية ،وهذا يعني أن الغرض يحصل بمجرد حكم العقل ، وفي هذه الموارد يكون حكم الشارع من قبيل تحصيل الحاصل بل من أردأ أنواعه ، وأما إذا كان المولى لا يكتفي بهذا الحفظ الذاتي الناشئ من حكم العقل العملي وذلك في الموارد التي يعتني الشارع بملاكاتها ، فإنه يحرم ويكون الخطاب تأسيسيا لا إرشاديا ، وذلك لأجل أن يصل إلى درجة آكد وأشد من الحفظ والاهتمام .

وأما بالنسبة للملاك الواقعي : فإن المولى قد يطال تحريمه دائرة أوسع من الملاك الواقعي وذلك من باب الحفاظ عليه ، وفي مورد التجري حيث إن التكليف قد تنجّز بأحد أنحاء التنجز فإنه يحرمه من باب الحفاظ على الملاك الواقعي بل لو قطعنا بأن هذا السائل ليس خمرا قد يحرمه المولى ، وذلك لأنه يريد أن يكون التحريم في دائرة أوسع من الملاك الواقعي لشدة حفظه له ، فالملاك إذا كان بهذه الدرجة من الاهتمام في حفظه ، وعدم الرضا بضياعه ، فإن الخطاب يكون تأسيسيا وليس إرشاديا لما حكم به العقل العملي ، وعليه فما أفاده السيد الخوئي ليس في محله .

الدليل الرابع على حرمة التجري

 وهو مؤلف من ثلاث مقدمات :

إن الغرض من التكليف ليس لقلقة إنشاء بل إيجاد المحركية وقدح الارادة ليتحرك المكلف نحو تحقيق مراد المولى . إن تحرك المكلف لا يكون نتيجة الواقع بما هو واقع بل يتحرك بما يراه واقعا ، فهو يتحرك نحو الواقع المرأي سواء كان مصيبا أم لا ، بل الارادة والاختيار لا يمكن أن تتعلق بالواقع وذلك للفرق بين المراد بالذات والمراد بالعرض ، نظير الفرق بين المعلوم بالذات والمعلوم بالعرض، فالخارج هو مراد بالعرض وإنما المراد بالذات هو الصورة الذهنية التي لا يمكن تعلق الإرادة بالخارج بدونها ، وذلك لأن الإرادة هي نحو حكم لا يمكن تعلقها بالمراد الخارجي بدون التصور، كما أنه لا يمكن الحكم على شيء بدون تصوره . إنه لا يخلو إما أن يناط التكليف بالإرادة المصيبة للواقع وإما أن يناط بإرادة شئ منكشف للمكلف حتى لو لم يكن مصيبا للواقع ،ولا ثالث ، وعلى الأول يلزم التكليف بغير المقدور ، لأن المكلف ليس بوسعه أن يحرز أن إرادته مصيبة للواقع ، مثلا إذا أراد شخص شرب الخمر فإنه لا يمكن له أن يحرز أن ما سوف يشربه هو خمر ، وأنه سوف يكون مصيبا في إرادته قبل أن يشرب ، وحيث إن الغرض من التكاليف الباعيثية ، والمحركية، وقدح الداعي في نفس المكلف نحو تحقيق المطلوب ، فلو كان متعلق التكليف الإرادة والاختيار المصيبين للواقع أي أن المتعلق مقيد بالإرادة المصيبة للواقع ، فهذا يعني أن التكليف متعلق بأمر غير مقدور لاستحالة إحراز الإصابة ، وأن ما سوف يشربه هو خمر ، فلا بد أن يتعين الاحتمال الثاني وهو أن التكليف متعلق بالشيء المنكشف حتى لو لم يكن مصيبا للواقع ، فما يراه المكلف خمرا هو الذي يكون متعلق الحرمة ، وعلى هذا الأساس لا فرق بين العاصي والمتجري

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo