الأصول/ مباحث القطع/ الموافقة الالتزامية /حجية العقل

 كان الكلام في مناقشة الروايات وذكرنا ثلاثة وجوه وبقي وجهان:

  الرابع: للشيخ الأعظم حيث أجاب عن هذه الروايات أن القيد المذكور - مهما كانت كيفيته سواء كان قيدا في المتعلق أو في الموضوع بنحو تعدد الجعل أو وحدته متحقق عند من تم لديه الدليل العقلي،لان القاطع بالحكم الشرعي ولو عن طريق العقل يجزم بان الشارع قد بين هذا الحكم وبلغه إلى المكلفين عن طريق النقل، فكلما حصل له القطع بالحكم الشرعي حصل له الجزم بتصدي الشارع لتبليغ ذلك الحكم عن طريق النقل فيكون القيد المأخوذ سواء في الموضوع أو المتعلق متحققا دائما في حق القاطع بالحكم الشرعي عن طريق العقل.

 وفيه: أن القيد المفروض ليس العلم بتبليغ الحجج للحكم الشرعي حتى ولو كان واصلا إليه عن غير طريقهم بان كان وصوله إليه عن طريق حكم العقل، وإنما القيد هو وصول الحكم الشرعي عن طريق الحجج (عليهم السلام) أي أن يكون الدليل على الحكم الشرعي هو الإمام لا العقل وغيره.

 الخامس: وهو للميرزا حيث أجاب بدوره بأنه سلمنا بان الوصول لا بد أن يكون عن طريق الحجة إلا إن ذلك متحقق في المقام فيما لو كان وصول الحكم الشرعي عن طريق العقل لأنه حجة على العباد ورسول باطن .

 وفيه: انه ليس الكلام في المدلول اللغوي للفظ الحجة حتى نرى شمولها للحجة الباطنة أو اقتصارها على خصوص الظاهرة، وإنما في المدلول العرفي للحجة أي المعصوم عليه السلام والذي لا شمول له للعقل بلا إشكال.

 ثم إن هناك إيرادات أخر على دعوى الإخباري وهي:

 الإيراد الأول: انه قد ظهر من مطاوي ما تقدم أن العقل قد يكون دليلا على عدم الحكم لا على ثبوته، كما في صورة القطع بعدم حرمة الشئ الواجب فانه بناءا على امتناع اجتماع الأمر والنهي لمكان المنافرة والمعاندة بينهما بحسب المبادئ من الحب والبغض والإرادة والكراهية وهكذا بحسب المنتهى من الباعثية والزاجرية فسوف يقطع بعدم حرمة الصلاة الواجبة - مثلا ولا يعقل أن يجعل تكليف مشروط بقطع المكلف بعدم ذلك التكليف إذ مع قطعه بعدمه سوف يعمل بما يمليه عليه قطعه بعدم التكليف لا العمل بما اخذ عدم التكليف فيه قيدا في موضوعه .

  الإيراد الثاني: أن الأصولي الذي يقطع بالحكم الشرعي من خلال مقدمات عقلية سوف يكون قطعه حجة، غايته أن الإخباري يرى خطاه في قطعه هذا، إذ لا حكم في حقه حتى يكون قطعه به حجة عليه.

 وثمة إيرادات أخر تأتي إنشاء الله والحمد لله رب العالمين.