< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ جريان الأصول في بعض الأطراف
 كان الكلام في بعض الوجوه الأخر والتصويرات للشبهة التخييرية وذكرنا الوجه الثاني،
 وفيه: إن موردنا غير مورد الواجب التخييري إذ ليس لدينا تكليف معلوم قد تعلق بالجامع، وإنما وجوب الإتيان به من باب حكم العقل بلزوم الطاعة وقبح المعصية، والمنافاة ما بين التكليف الواقعي الإجمالي المحفوظ من خلال لزوم التحفظ تجاهه مع الترخيص المطلق الجاري في كل من الطرفين بخصوصه، وأين هذا من الواجب التخييري الذي تعلق التكليف فيه بالجامع ولا تكليف بالخصوصية ولذا كان ترخيص في ترك كل منهما بخصوصه وعدم الإلزام به.
 وبعبارة أخرى: في التخيير الشرعي الإلزام يكون بالجامع، وأما الخصوصية فلا إلزام فيها، نعم لا يصح ترك جميع الأطراف، لأنه يلزم ترك الجامع، وفي المقام الواجب الشرعي لم يتعلق بالجامع وإنما تعلق إما بالظهر أو الجمعة والترخيص في كل منهما يلزم منه الترخيص في المخالفة القطعية، وفرق بين المقامين.
  الوجه الثالث: تطبيق نكتة مضت في بحث دوران المخصص بين المتباينين، كما لو علم بوجوب إكرام احد العالمين، ثم علم بعدم وجوب إكرام زيد، وتردد بين زيد بن بكر أو زيد بن عمرو حيث يتمسك بعموم العام لإثبات الحكم في الفرد الآخر على إجماله، والذي يعني حجية العام في كل طرف مشروطة بعدم خروج الآخر عن عنوان العام، وحيث يعلم إجمالا بخروج احدهما عن وجوب الإكرام، فسوف يعلم بفعلية إحدى الحجتين على إجمالها، مع عدم تعين الفرد الآخر واقعا، وفي موردنا يدعى شمول دليل الترخيص لكل من الطرفين تعيينا مشروطا بعدم الترخيص في الطرف الآخر، وحيث يعلم بعدم الترخيص في احدهما على كل حال، لعدم إمكان الترخيص فيهما معا، لكونه يؤدي إلى الترخيص في المخالفة، فيعلم بفعلية الترخيص في احدهما.
 وأجاب السيد الشهيد:
 أولا: انه لا فائدة في مثل هذا الترخيص الظاهري الإجمالي، كيف وقد يعلم بالترخيص الواقعي في احد الطرفين ومع ذلك لا فائدة فيه مع العلم الإجمالي بالإلزام طالما انه لم يتعين الترخيص في احد الطرفين بخصوصه.
 وفيه: انه يكفي فائدة أن ينفي منجزية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية بوصفها منجزية معلقة على عدم ورود المؤمن في احد الطرفين، فمع وروده في احد الطرفين لتحقق قيده وهو العلم بعدم الترخيص في احدهما حتى ولو لم يكن معينا، فان وروده يرفع اقتضاء العلم الإجمالي لمنجزية وجوب الموافقة القطعية، فدعوى عدم الفائدة غير تامة.
 ثانيا:إن لدليل الترخيص إطلاق لكل ما لم يعلم حرمته، ولم يكن طرفا لعلم إجمالي لا يوجد ما يوجب اختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر.
 ثم انه قد ظهر مما تقدم انه لا محذور ثبوتا في جريان الترخيص في تمام الأطراف، وفي جريانه في بعض الأطراف، إلا أن المانع إثباتي، ومن هنا كانت منجزية العلم الإجمالي لكل من وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة كذلك معلقة على عدم ورود المرخص،خلافا للميرزا وللمحقق العراقي حيث اتفقا على أن المانع ثبوتي بلحاظ حرمة المخالفة القطعية وان تنجزي العلم الإجمالي لحرمة المخالفة القطعية على نحو العلية نعم اختلافا بلحاظ وجوب الموافقة القطعية فعند الميرزا المانع إثباتي والتنجيز اقتضائي، وعند المحقق العراقي ثبوتي والتنجيز على نحو العلية.
  والحاصل: أن الصحيح انه لا علية للعلم الإجمالي لا لحرمة المخالفة ولا لوجوب الموافقة، وإنما هو مقتضي، ومعلق على عدم ورود المرخص، خلافا لمبنى الميرزا والمحقق العراقي بالنسبة لحرمة المخالفة حيث يرون أن المحذور ثبوتي، وبالتالي العلم الإجمالي علة لحرمة المخالفة وخلافا لمبنى المحقق العراقي الذي يرى علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة.
 ثم لا بأس بالإشارة إلى بعض ثمرات الفرق ما بين المسلكين:
 الثمرة الأولى: ما لو قام الدليل على الترخيص في المخالفة القطعية كما في جوائز السلطان وآكل الربا فيما إذا تاب، فانه بناءا على أن كون المحذور ثبوتيا لا بد من طرح الدليل الخاص لمكان المحذور، بينما على مسلك السيد الشهيد يلتزم بالترخيص في المخالفة لكون المحذور إثباتيا، وان حكم العقل بلزوم الطاعة وحرمة المخالفة معلق على عدم ورود الترخيص، لأن الارتكاز إنما ينفع في إبطال اطلاقات الأدلة، فمع ورود نص خاص على خلافه يعمل بموجبه.
 وهناك ثمرات أخر تأتي، والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo