< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

33/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ جريان الأصول في بعض الأطراف
 كان الكلام في ثمرة الفرق بين المسلكين، وذكرنا الثمرة الثالثة
  وتناقش أولا: إن الأصل الإلزامي الحاكم ينقّح موضوع جريان الأصل الترخيصي في الطرف الآخر اعني عدم العلم تفصيلا بحرمته، مضافا إلى أنه لا يكون طرفا لعلم إجمالي لا يوجد ما يوجب اختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر، بل نفس جريان الأصل الإلزامي في احد الأطراف موجب لاختصاص الترخيص في الطرف الآخر.
 ثانيا:إن الأساس في المطلب هو في كون النكتة العقلية اعني استحالة الترخيص في المخالفة القطعية من البداهة بحيث تكون بمثابة القرينة المتصلة فتوجب المعارضة الداخلية والإجمال بحيث نجزم بعدم شمول دليلي الأصل الترخيصي للمورد، وبالتالي فلا خصوصية للمحذور الاثباتي، فان ما ذكر يتم حتى لو كان المحذور ثبوتيا، لان محذور قبح الترخيص في المخالفة القطعية بديهي بمثابة القيد اللبي المتصل بالخطاب فلا فرق بينهما من هذه الناحية.
  الثمرة الرابعة: إن محذور الترخيص في المخالفة القطعية إن كان ثبوتيا فهو يمنع عن إطلاق أدلة الأصول الترخيصية لتمام الأطراف، بلا فرق بين أن تكون من سنخ واحد أو من سنخين، كالبراءة واستصحاب عدم التكليف، بخلاف ما لو كان المحذور اثباتيا بنكتة ارتكاز المناقضة فان الارتكاز هذا غايته المنع عن انعقاد الإطلاق في دليل الترخيص الواحد الشامل للطرفين لكونه خلاف الارتكاز والذي يمنع من انعقاد إطلاق دليل الترخيص للطرف الواحد ويكون حجة من دون أن ينفيه الارتكاز المذكور، لأنه إنما يمنع عن انعقاد الإطلاق والمفروض انعقاده في الدليلين المنفصلين.
 وفيه:إنه يمكن أن يدعى أن هذا الارتكاز بمثابة من الوضوح بحيث يتولد منه ارتكاز آخر، هو استلزام الترخيص في احد الطرفين للإلزام في الطرف الآخر عرفا، فيقع التعارض بين إطلاق دليل الترخيص لأحدهما مع إطلاق الدليل الآخر للآخر بالالتزام.
 والحاصل: انه قد ظهر من مجموع ما تقدم أن العلم الإجمالي منجز لوجوب الموافقة القطعية فضلا عن حرمة المخالفة القطعية، بناء على ما أفاده السيد الشهيد من المحذور الاثباتي لجريان الترخيص في تمام الأطراف أو في بعضها، خلافا للمشهور الذي اعتبر أن المحذور ثبوتي بالنسبة لحرمة المخالفة ولمبنى المحقق العراقي بالنسبة لوجوب الموافقة.
 ثم إن السيد الخوئي سلك منهجا آخر حيث أفاد: أن احتمال التكليف في نفسه يقتضي التنجيز لاقتضائه احتمال العقاب على تقدير المخالفة واحتمال العقاب منجز بحكم العقل يجب دفعه ما لم يثبت التأمين لا العقلي ولا الشرعي بل الأمر كذلك في موارد القطع بالتكليف فان المنجز احتمال العقاب لا القطع به إذ لا قطع به مع احتمال العفو,نعم موارد الشك في التكليف يحتمل عدم العقاب من باب السالبة بانتفاء الموضوع لعدم التكليف فلا يبقى فائدة في البحث من أن العلم الإجمالي في مقام التنجيز لأن المقتضي له وهو احتمال العقوبة موجود قطعا نعم البحث على مستوى المانع وهو القواعد المؤمنة عقلا أو شرعا.
 وفيه: إن احتمال العقاب ليس هو منشأ التنجز العقلي بل متأخر عنه ومترتب عليه إذ احتمال العقاب مترتب على حكم العقل بلزوم الطاعة، نعم التنجز الطبعي ليس بحكم العقل وإنما ناشئ من احتمال العقاب فان تجنب الإنسان بطبعه مخالفة احتمال العقاب فرارا عن العقاب إلا أن كلامنا ليس فيه، وإنما في التنجز العقلي، والنسبة بينهما العموم الوجهي، حيث قد يكون لدينا تنجز عقلي مع عدم احتمال العقوبة كما لو قطع العبد بأنه لو عصى ثم تاب لعفى عنه المولى، فانه مع ذلك لا تجوز المعصية عقلا، كما يمكن افتراض احتمال العقاب دون التنجز كما في تهديد الظالم حيث يخالف المتوعد المشكوك فهو يحتمل العقاب ولكن لا تنجز عليه في الواقع بحسب الفرض.
 وقد ظهر انه على مسلك السيد الشهيد: إن العلم الإجمالي هو الذي يستدعي حرمة المخالفة القطعية وانه كلما تعارضت الأصول المؤمنة وتساقطت، حكم العقل بوجوب الموافقة القطعية لتنجز الاحتمال في كل شبهة لا مؤمن عنها، وفقا لمسلك حق الطاعة، لكن لما كان تعارض الأصول مستندا إلى العلم الإجمالي فيعتبر تنجز تمام الأطراف من آثار نفس العلم الإجمالي.
 ثم إن التكليف المعلوم بالإجمال تارة يكون من نوع واحد وأخرى من نوعين كما لو علم بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو حرمة شرب التتن لدخول كل منهما في العهدة واشتغال الذمة بهما، وتجب طاعة المولى باعتباره حكما مولويا ولا دخل لخصوصية المتعلق من انه الفعل أو الترك، والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo