< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ خروج بعض أطراف العلم الإجمالي عن محل الابتلاء
 وأورد السيد الأستاذ على ما أفاده السيد الشهيد في مناقشته للمحقق العراقي: أن التنجيز الذي هو طرف العلم الإجمالي المنجز يعني مسؤولية المكلف تجاه تكليف المولى غرضاً وحكماً، سواء كان وجوباً أو حرمة، وإن تفويته عليه بسبب اقتحام المكلف أو تركه يكون منجزاً عليه يستحق العقوبة عليه، وهذا فيما لو كان الحكم وجوباً يتمثل بترك الإقدام على الامتثال، وفيما لو كان الحكم حرمة يكون من خلال الإقدام عليه لا بتركه بنحو لو وصل إلى الحرام وشارف عليه واقترب منه بحيث لم تبقَ مسافة بينه وبين فعل الحرام بطي مقدمات طويلة، وكان مقدوراً كان يصدر منه بالاضطرار، بحيث يكون ملزماً عقلاً بسدِّ باب تحقق الحرام ولو بترك المقدمة المقتضية إلى صدور الحرام منه ولو اضطرارا.
 أقول: أولا: ما ذكره السيد الأستاذ لا ترجمه عملية له إلا من خلال إرجاع الشك في القدرة على المعصية إلى الشك في القدرة على الامتثال، وذلك بإرجاع حرمة ارتكاب الطرف الكذائي كمساورة الإناء الشرقي إلى وجوب سد أبواب ارتكابه وبالتالي يرجع الشك في القدرة على المعصية إلى الشك في القدرة على الامتثال ومن دون ذلك لا ترجمة عملية للشك في القدرة على المعصية.
 ثانياً: إن ما ذكره السيد الأستاذ من فرض عدم اختيارية صدور الحرام منه وإنما الاختيار في مقدمة بحيث لو صدرت من المكلف سوف يصدر منه الحرام اضطراراً، فواضح أن لا قدرة للمكلف على المعصية وهو ارتكاب الحرام- مباشرة، وإنما القدرة عليها بالتسبيب أي من خلال القدرة على ارتكاب مقدمة مفضية إلى صدور الحرام منه اضطراراً، فالشك في صدور المعصية منه لو أتى بتلك المقدمة المفضية إلى الحرام، وفي مثله لا يُعلم أن العقل يحكم بتنجيز ذلك عليه، بل المؤمن بالنسبة لتلك المقدمة التي يشك في القدرة على اقتحام الحرام لو أتى بها محكم بلا ريب، ومثاله ما لو شك فيما لو دخل بيت فلانة في القدرة على ترك المعصية أو يكون حصولها منه اضطراراً في طول ذلك الدخول الاختياري ولا شك في ثبوت المؤمن عن حرمة الدخول.
  ثم إن السيد الخوئي: أفاد وجهاً لدعوى عدم منجزية العلم الإجمالي في موارد الشك في الخروج عن محل الابتلاء بجريان المؤمن في خصوص الطرف المقطوع دخوله في محل الابتلاء دون الطرف المشكوك خروجه لأن ما يمنع عن التمسك باطلاق دليل الأصل المؤمن وهو أنه لا يُعقل وضعه فلا يُعقل رفعه يمنع عن التمسك بالأصل المؤمن.
 وأورد عليه السيد الأستاذ: أن المانع عن التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ليس عدم قابليته للوضع حتى يُقال بعدم قابليته للرفع، وإنما من جهة عدم ظهور العام في الشبهة المصداقية أو عدم حجيته فيه، وهذا مانع مخصوص بالظهورات ولا يجري في الأصول العملية، بل يكون المرجع حيث لا يصح التمسك بالظهور الإطلاقي إلى الأصل العملي، ومنه موارد الشبهات المصداقية لهذه العمومات.
 وإن كان مقصود السيد الخوئي: أن قيد عدم العجز العرفي المشكوك فيه كما يمنع من التمسك بالظهور الإطلاقي للحكم الواقعي كذلك يوجب عدم جواز التمسك بإطلاق دليل الأصل في الطرف المشكوك خروجه عن محل الابتلاء، وبالتالي المشكوك في مقدوريته عرفاً، لأنها كأدلة الأحكام الواقعية مقيدة بالقدرة، وعدم العجز العرفي، لعدم معقولية جعل الحكم الظاهري في موارد العجز العرفي وعدم القدرة، وزان الحكم الواقعي فيكون المانع عن التمسك بعموم دليل الحرمة الواقعية مانعاً عن التمسك بإطلاق دليل البراءة في الطرف المشكوك خروجه عن محل الابتلاء، وبالتالي يجري المؤمن في الطرف المقطوع دخوله ولا يؤدي جريانه إلى الترخيص في المخالفة القطعية ولا إلى الترخيص القطعي في المخالفة، وبالتالي يؤدي إلى انحلال العلم الإجمالي حكمياً.
 فقد أورد عليه الأستاذ: تارة بالنقض: بموارد العلم الإجمالي بوجوب أحد أمرين كالدعاء أو الوضوء وكان يشك في القدرة على الوضوء حيث تجري البراءة عن الدعاء، وأما وجوب الوضوء فمع جريان البراءة العقلية عنه لكونه مشكوكاً فهذا يعني تجويز المخالفة القطعية للعلم الإجمالي بمجرد الشك في مقدوريته، وهذا خلف أن الشك في القدرة يكون منجزاً، ومع عدم جريانها عنه يلزم الاحتياط مع فرض كونه مشكوكاً من حيث موضوع الحرمة، بل لازمه انه إذا كان كلا الطرفين مشكوكاً من حيث المقدورية وجب الاحتياط، بخلاف ما إذا كان أحدهما متيقن المقدورية وهذا كما ترى!
 وأخرى بالحل: حيث لا لغوية في جعل الحكم الظاهري في موارد الشك في المقدورية، حيث يوجب التنجيز لو كان المجعول إيجاب الاحتياط أو التأمين الشرعي لو كان المجعول البراءة، وإنما لا يُعقل ذلك في موارد العلم بعدم المقدورية حيث يلزم اللغوية من جعل الحكم الظاهري لعدم إمكان التنجيز والتعذير فيه.
 أقول: بوسع السيد الخوئي أن يختار الشق الأول وأما ما ذكره السيد الأستاذ من أن المانع مختص بباب الظهورات دون الأصول العملية وهو عدم ظهور العام أو عدم حجيته في موارد الشبهة المصداقية.
 فإنه يرد عليه: أن ما أفيد من مانع تام في نفسه إلا أن المانع حينئذ من الرجوع إلى الأصول العملية والمقصود بها البراءة هو نفس ما ذكره السيد الخوئي من أنه غير قابل للوضع فلا يكون قابلاً للرفع.
 وهذا من ضمن الشروط العامة السيالة لجريان البراءة، وإنما الكلام في الوجه في عدم قابلية موارد الشك في الخروج عن محل الابتلاء للوضع شرعاً حتى لا تكون قابلة للرفع كذلك وليس السؤال عن أصل الكبرى، وإنما عن تطبيقها على مورد الشك في الخروج عن محل الابتلاء.
 ثم إن ظاهر السيد الخوئي: هو اختيار الشق فلا حاجة في التطويل بالإجابة للمصير إلى الشق الثاني مع ما ذكره الأستاذ من نقض وحلٍّ إذ ليس نظره (قده) إلى الشك في القدرة التي هي قيد في التكاليف الواقعية والظاهرية طراً، وإنما إلى أحد الشرائط العامة لجريان البراءة من قابلية الوضع وأن يكون في رفعه امتنان وأن يترتب على الرفع أثر عملي.
 مضافاً: إلى أن ما ذكره من الحلِّ على الشق الثاني من مقصود السيد الخوئي قد ظهر الجواب عنه، وذلك لما عرفت من أن نظر السيد الخوئي ليس لما أفاده السيد الأستاذ من شرطية القدرة في الأحكام الظاهرية على حدِّ شرطيتها بالنسبة للأحكام الواقعية لئلا يلزم اللغوية حتى نفتش عن ثمرة لجعل الحكم الظاهري في موارد عدم إحراز القدرة على الامتثال، وإنما نظر السيد الخوئي إلى ما هو من الشروط العامة لجريان البراءة من إمكان الوضع حتى يمكن الرفع.
 الحمد لله رب العالمين
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo