الموضوع: الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ ملاقي أحد أطراف العلم الإجمالي.

 كما أن دعوى: " أنه لو لم يكن الطرف الآخر موضوعاً للأثر الشرعي كالدرهم فلا يجري فيه الأصل المؤمِّن حتى قبل خروجه عن محل الإبتلاء لا بلحاظ ذاته ولا بلحاظ ملاقيه، لأنه بحسب الفرض لم يكن له ملاقٍ ليجري الأصل بلحاظه ويتعارض مع أصالة الطهارة في الطرف الآخر، فلا بد من المصير إلى عدم المنجزية في مثل ذلك لأنها فرع التعارض والتساقط وهو فرع جريان المؤمِّن في الطرف الآخر مع أنه لا يجري لا بلحاظ نفسه لعدم الأثر الشرعي، ولا بلحاظ ملاقيه لعدم تحقق الملاقاة".

 مدفوعةٌ: بأنه قبل خروج الدرهم عن محل الإبتلاء يجري المؤمِّن عنه بلحاظ حكم ملاقيه، وأثره التأمين عن مانعية ملاقيه في الصلاة، أي أنه مرخَّصٌ له في تحصيل ملاقٍ له والصلاة فيه، لأن حرمته الوضعية حسب الفرض فعليةٌ فالمؤمِّن عنه يرفع هذا الضيق فيدخل طرفاً للمعارضة مع المؤمِّن الجاري في الملاقي للطرف الآخر بعد حصول الملاقاة، كل ذلك من أول الأمر.

 ثم إنه قد يكون أحد الطرفين لا ينجِّس ملاقيه؛ كما لو كان متنجساً ثانياً وكان جامداً، فتارةً يكون مأكولاً أو ملبوساً، وأخرى لا يكون كذلك كالدرهم، فعلى الثاني يمكن إجراء المؤمِّن في الطرف الآخر للتأمين من ناحية حرمة شربه وحرمة الصلاة فيه لعدم وجود المعارض له في الطرف الأول، لعدم ترتُّب الأثر الشرعي على نجاسته لا بلحاظ نفسه بحسب الفرض ولا بلحاظ ملاقيه لعدم تنجيسه، وبالتالي لا يكون علماً إجمالياً بموضوع تكليفٍ فعليٍّ على كل تقدير.

 وعلى الأول فإن المؤمِّن عن ملاقي الطرف الآخر يتعارض مع المؤمِّن عن هذا الطرف بلحاظ ذاته من أكله أو لبسه في الصلاة، لا بلحاظ حكم ملاقيه لعدم نجاسته بحسب الفرض وهو مبنيٌّ على تعارض الأصل الطولي مع الأصل العرضي في الطرف الآخر، وهو الصحيح.

 وهكذا نخلص إلى أن العلم الإجمالي الأول لا ينجِّز الحرمة التكليفية للملاقي لأحدهما، ولكن ينجِّز الحرمة الوضعية في الطرفين من أول الأمر، وأثر ذلك يظهر فيما إذا لاقى الثوب أو الماء مع أحد الطرفين بعد خروج الطرف الآخر عن محل الإبتلاء بانعدامه أو بزوال موضوعه بتطهيره ولم يكن الطرف الخارج حسب الفرض متنجساً ثانياً ولا جامداً، رغم أن المشهور لم يفرِّقوا ما بين الحكمين الوضعي والتكليفي.

 الحمد لله رب العالمين