< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/06/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ كتاب الإجارة \ كفاية ملكية المنفعة في صحة الإجارة
 الكلام في الصورة الثالثة وهي: فيما لو اشترط المالك على المستأجر الأول بأن يستوفي المنفعة بنفسه لنفسه، فلو ملَّك المنفعة الغيرَ بإجارةٍ ثانيةٍ يكون قد خالف الشرط، فيجري على هذه الصورة ما جرى على الصورة السابقة من عدم جواز الإجارة الثانية تكليفاً، وثبوت الخيار للمالك لتخلُّف الشرط، أو بطلان الإجارة الثانية لكون الشرط مستلزِماً لثبوت الحق للمالك المشروط له بأن لا يملِّك المنفعة للغير فلا تكون له السلطنة على هذا التمليك بعد أن قَبِل بالشرط، ويكون تمليكه المنفعة بالإجارة الثانية من الغير باطلاً لعدم كونه نافذ التصرُّف.
 وخلاصة القول: إن مفاد الشرط لو كان جعل حقٍّ للمشروط له على المشروط عليه فإن مقتضى قاعدة السلطنة في الحق مانعةٌ من نفوذ التصرُّف المنافي له فيبطل لعدم صدوره ممن له السلطنة.
 ومع هذا يوجد جملة نكات لدعوى بطلان الإجارة الثانية في الصورة الثالثة رغم دعوى صحتها في الصورة الثانية:
 الوجه الأول: ما للسيد الحكيم من أن الشرط لما كان مانعاً عن عموم الإذن من طرف المالك لاستيفاء غير المستأجر المنفعة، فإنه بموجب هذا المنع يكون استيفاء الغير للمنفعة حراماً ممنوعاً عنه، فتبطل الإجارة الثانية لمكان حرمة المنفعة المستوفاة من جهة الغير حتى لو كان للمستأجر الأول السلطنة على الإجارة الثانية، ورتَّب على ذلك أنه لو آجر المستأجر الأول المنفعة من الغير فاستوفى ذلك الغير المنفعة فإنه يثبت الخيار للمالك في هذه الصورة.
 وقد أورد عليه السيد الأستاذ:
 تارةً: بأن المستأجر الأول لما كان مالكاً لمطلق المنفعة لا لخصوص الحصة المباشرة منها، غاية الأمر اشترط عليه الاستيفاء بنفسه فلا يسلِّم العين للغير، ولنفسه فلا يستوفيها الغير، فلو خالف الشرط وأعطاها للغير أو مكَّن الغير من العين بأن تكون تحت يده لا بوضع الغير يده عليها لغرض استيفاء الغير لها، فلا تحرم المنفعة على ذلك الغير وإنما المحرَّم مخالفة الشرط وهو عدم استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه ،وهذا لا ربط له بحرمة المنفعة على الغير، بل حتى لو فرضنا رجوع الشرط إلى المنع عن تسليم العين للغير، فإن مفاد ذلك حرمة تسليمها للغير وهذا لا ربط له بحرمة نفس المنفعة على ذلك الغير، بل غاية حرمة تسليم العين حرمة لازم متعلَّق الإجارة لا بطلان نفس الإجارة الثانية. والحاصل: أن انتفاع الغير يكون مملوكاً للمستأجر الأول فلا حرمة في المنفعة، وإنما الشرط عدم تسليم العين للغير، وليس للمالك أن يحرِّم انتفاع الغير بمنفعةٍ ليست مملوكةً له، وإنما هي على ملك المستأجر الأول، نعم الحرمة في أمرٍ لازمٍ وهو ما لا يوجب بطلان الإجارة.
 ودعوى: أن حرمة التسليم في المعاوضات مساوقةٌ لبطلانها؛ لأن الغرض النوعي من أيّ معاوضةٍ هو التسليم، فلو حرم التسليم سوف ينتفي الغرض النوعي منها، وهو موجبٌ لبطلانها.
 فيها: أن الموجب لانتفاء الغرض النوعي إنما هو عدم إمكان التسليم، لا أن يكون ممنوعاً شرعاً، فإن الحرام هو تسليم العين وهو غير المنفعة المملوكة للمستأجر الأول رغم الملازمة بينهما، فالممنوع عنه شرعاً ليس تسليم المنفعة وإنما تسليم العين الملازم معه، وهذا لا يوجب بطلان العقد لعدم حرمة تسليم المنفعة مصبّ ومتعلَّق الإجارة- .
 وأخرى: حيث إن متعلَّق الإجارة الثانية جامع المنفعة فلا يكون متعلَّق الإجارة ملازماً مع الحرام؛ فإن حرمة الحصة لا توجب ولا تستلزم حرمة الجامع، فضلاً عن أن يكون بنفسه حراماً فلا وجه للبطلان.
 الوجه الثاني: أشار إليه في الجواهر وذكره السيد الخوئي حيث أفاد أنه لو بنينا على أن شرط الاستيفاء بنفسه لنفسه لو لم يرجع إلى التقييد حقيقةً، بأن كان من الالتزام في الالتزام فإنه ألحقه بالتقييد حكماً، حيث لا شك في عدم جواز الإجارة الثانية تكليفاً، لمكان الشرط ولا وضعاً لمنافاته مع وجوب الوفاء بالشرط لامتناع الجمع بين الوجوبين؛ وجوب الوفاء بالشرط الواقع ضمن الإجارة الأولى ووجوب الوفاء بالإجارة الثانية فإن مقتضى الشرط لا بُديَّة مباشرة الاستيفاء بنفسه لنفسه، بينما مقتضى الإجارة الثانية أن للغير مباشرة الاستيفاء لنفسه، وبما أن الحكمين متضادان لا يمكن امتثالهما معاً، والمفروض صحة الشرط فلا يبقى موضوعٌ لوجوب الوفاء بالعقد حتى يحكم بصحته ولذا يُحكم ببطلان الإجارة الثانية ، ولذا لا تجوز الإجارة الثانية لا تكليفاً ولا تكليفاً.
 وسوف يأتي ما فيه والحمد لله رب العالمين.
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo