< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/06/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 
 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع /منجزية العلم الإجمالي/ ملاقي أحد أطراف العلم الإجمالي.
 الكلام في الأمر الثاني الذي أشرنا إليه وقلنا بأنه لا إشكال في منجِّزية العلم الإجمالي بغصبية إحدى الشجرتين للأحكام التكليفية الثابتة للمغصوب، وإنما البحث في الأحكام الوضعية، فلو تلفت إحدى الشجرتين تحت يده، فقد التزموا بالضمان للعلم بما هو تمام موضوعه لأن الموضوع فيه كون المال للغير وأن يكون تحت يد الغير بدون إذن مالكه، وهذا ما نحرزه بمجرد العلم الإجمالي بغصبية إحدى الشجرتين.
 إلا أن السيد الشهيد نبَّه على نكتةٍ حاصلها: لا بدَّية من التمييز وعدم الخلط ما بين ضمان العهدة واشتغال الذمة بالمثل أو القيمة، وحاصل الفرق أن العهدة والذمة والضمان وشغل الذمة مفهومان متباينان بينهما نسبة العموم الوجهي بحسب الصدق، لأن مرجع الضمان إلى التعهُّد والتكليف من دون استلزام حق الملكية، بينما مرجع شغل الذمة إلى ملك أمرٍ ما على الآخر، وبما أن الملكية متعلِّقةٌ بمملوكٍ لا بدَّ من فرض وعاءٍ لذلك المملوك وهي الذمة، وفرض اجتماع المفهومين ما لو أتلف مال الغير حيث تشتغل ذمته بالمثل أو القيمة كما أنه مكلَّفٌ بأدائه إليه، وأما مورد امتياز شغل العهدة الضمان- عن شغل الذمة كما في غصب مال الغير مع وجود شخص المال في يديه، فإنه لا شغل للذمة بالقيمة أو المثل، وإنما الشغل للعهدة بمعنى وجوب ردِّ شخص المغصوب إلى صاحبه، ومثل السيد الشهيد لذلك بالكفالة والتي يكون مرجعها إلى إحضار المدين أمام غريمه، ويكون الإحضار مكلَّفاً به إلا أنه حتى لو أخلَّ بالإحضار فإن ذمته لا تشتغل بالدين، وهكذا ما لو استدان العبد بناءً على أن المولى يضمن أداء العبد الدين مع عدم اشتغال ذمته، فلا يخرج من تركته لكونه مكلَّفاً بمجرد ذلك، وأما مورد امتياز شغل الذمة عن ضمان العهدة كما هو الحال بالنسبة للثمن قبل قبض المشتري المبيع، فإن ذمته مشغولةٌ بالثمن إلا أنه لا يجب دفعه ما لم يقبض المبيع.
 وعليه فإن العلم الإجمالي علمٌ بتمام الموضوع بالنسبة للضمان لا لاشتغال الذمة حيث إن المكلَّف بمجرد وضع اليد على مال الغير من دون إذنه يصبح محرَّماً عليه التصرُّف به ويجب عليه أداؤه، وهذا بخلاف اشتغال الذمة فإن وضع اليد عليه من دون إذن مالكه تمام الموضوع له، وإنما جزؤه والجزء الآخر هو التلف والعلم الإجمالي ليس علماً بتمام الموضوع لشغل الذمة وإنما علمٌ بجزئه، والجزء الآخر غير معلومٍ، والمشهور لمَّا لم يميِّزوا ما بين هذين الأمرين حيث ذكروا أن الضمان معناه شغل الذمة بالبدل القيمي أو المثلي، أو أن الضمان معناه كون المال في عهدته بكلٍّ من الخصوصية الشخصية والمثلية والقيمية، وإذا تعذَّر شيءٌ منها بقي الباقي في العهدة فيجب ردُّه، أو أنه بمعنى بقاء العين في العهدة بخصوصياتها الثلاث، وهي تقتضي ردَّ العين على فرض وجودها وردَّ بدلها حين فقدانها.
 بل لو بنينا على هذه التفاسير لا يكون العلم الإجمالي الأول علماً بتمام الموضوع لشغل الذمة، لأن العهدة لا تتنجَّز باعتبارها حكماً وضعياً وإنما الذي يتنجَّز الحكم التكليفي بردِّ المثل أو القيمة لكنه مشروطٌ بتلف مال الغير وهو غير معلومٍ بالإجمال،
 وسوف يأتي مزيد بيان والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo