< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

34/07/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول/ مباحث القطع / مبحث الأقل والأكثر/ الأقل والأكثر الارتباطين
 المانع الرابع: ما للمحقق العراقي من أنه يوجد لدينا علمٌ إجماليٌّ منجزٌ يمنع عن جريان البراءة عن الزائد، وقد خصه بخصوص الواجبات التي لا يجوز قطعها عند الشروع فيها كالصلاة.
 وهذا المانع يُقرَّب بأحد بيانين:
 البيان الأول: ما ذكره المحقق العراقي في تقريراته من أنه بعد دخول المكلف في الركوع يحصل له العلم الإجمالي إما بانقلاب وجوب طبيعي الصلاة عليه إلى وجوب هذا الفرد بالخصوص، أو بوجوب طبيعي صلاةٍ عليه لكن مع السورة، والتقدير الأول يتم على فرض كون الواجب واقعاً الأقل، والثاني يتم على فرض أن الواجب واقعاً الأكثر. ومردُّ ذلك إلى أن وجوب الإتمام وحرمة القطع تعني انقلاب وجوب الطبيعي إلى وجوب هذا الفرد المأتي به لو كان الواجب واقعاً الأقل.
 وهذا الذي أفاده لا كلام عليه باعتبار أن الواجب عليه قبل الشروع في الصلاة هي الصلاة التي لم يأتِ قبلها بصلاةٍ، وأما بعد الشروع فيها فتصبح منحصرةً بالصلاة التي شرع فيها، إلا أن وجوب الإتمام وحرمة القطع حكمٌ آخر لا ربط له بوجوب الصلاة، يتنجَّز على المكلف بمجرد الشروع في الصلاة.
 البيان الثاني: إنه وإن كانت تجري البراءة عن وجوب الزيادة، لكنه لو ترك السورة - مثلاً- إلى أن دخل في الركوع بحيث لو كانت مطلوبةً واقعاً لم يمكنه تداركها، وفرضنا أن حديث "لا تُعاد" لا يشمل المورد رغم الجهل المعذور فيه، فيحصل له علمٌ إجماليٌّ إما بوجوب إتمام هذه الصلاة التي بين يديه وحرمة قطعها لو كان الواجب الأقل، أو وجوب الإعادة مع السورة لو كان الواجب الأكثر، فتجري البراءة عن وجوب الزائد وتعارض البراءة عن وجوب الإتمام وحرمة القطع فيجب عليه الإحتياط.
 ثم إن المحقق العراقي أورد على هذا المانع بوجهين:
 الإيراد الأول: إن هذا العلم الإجمالي حصل في طول عمله بما كان معذوراً فيه من ترك السورة، وما وقع من المكلف معذوراً فيه يستحيل أن ينقلب ويصبح غير معذورٍ فيه في المرتبة المتأخرة.
 وأورد عليه السيد الشهيد: بأن العلم الإجمالي إنما هو في طول تركه للسورة في هذه الصلاة، وليس الجزء المشكوك وجوبه السورة في شخص هذه الصلاة، وإنما طبيعي السورة، إذ لا إشكال في جواز تركه للسورة في هذه الصلاة مع الإتيان بها في صلاةٍ أخرى، لأنه هو المقتضى الطبيعي للأمر بطبيعي الصلاة في تمام الوقت مع السورة لو كان الواجب الأكثر لا خصوص هذه الصلاة.
 فمع فرض أن العلم الإجمالي في طول ترك السورة في تمام الوقت لا في شخص هذه الصلاة التي بأيدينا سوف يتم ما ذكره من أن العلم الإجمالي الحاصل في طول ذلك لا يوجب انقلاب ما وقع من المكلف معذوراً فيه إلى أن يصبح غير معذورٍ فيه، إلا مع فرض وجوب القضاء، فيتشكل لنا علمٌ إجماليٌّ بوجوب إتمام هذه الصلاة أو القضاء .
 والحاصل: أن البراءة لا تؤمِّن عن تكليفٍ آخر يصبح منجَّزاً بالعلم الإجمالي بعد الشروع في العمل، لأن ليس التأمين عنه مطلقاً حتى لو صار طرفاً لعلمٍ إجماليٍّ منجَّزٍ وإنما التأمين عنه ما دام مشكوكاً فيه ومن زاوية العلم الإجمالي المردد بين الأقل والأكثر، لا كل علمٍ إجماليٍّ ولو الدائر بين المتباينين الذي يحصل بعد الشروع في الصلاة باعتبار حرمة القطع.
 وللكلام تتمة تأتي والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo