< قائمة الدروس

الأستاذ السيد حیدر الموسوي

بحث الأصول

35/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : العلم الإجمالي – قاعدة الميسور .
أما ما يرتبط بالنبوي { إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم } فقد أورد عليه بأنه طُبِّق على الكلي وفرده حيث ورد في سؤال أحد الصحابة عن لزوم الحج كل عام، فأجاب صلَّى الله عليه وآله بأنه { لو قلت نعم لوجب كل عام ولو وجب لما استطعتم وكفرتم، ثم قال صلَّى الله عليه وآله : إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم }، فحتى لو كان نظر الحديث إلى الكل وأجزائه بقرينة منه الظاهر في التبعيض إلا أنه لا بد من رفع اليد عن هذا النظر والظهور بقرينة المورد ويُحمل على الكلي والفرد بحملها على البيانية وأنها محض زائدة، أي فأتوا ما استطعتم أو فأتوا به ما استطعتم، ومعه لا يمكن الجمع بين البابين كما اتضح مما تقدم .
وأجاب المحقق الأصفهاني سلمنا بأن مَن للتبعيض إلا أنه ليس مخصوصاً بباب الكل والجزء وإنما بمعنى الإقتطاع وإخراج البعض سواء كانت نسبة هذا البعض إلى المقتطع منه نسبة الجزء إلى المركب أو الفرد إلى كليِّه لما في الكلي من نحو شمول لأفراده فلا منافاة ما بين المعنيين وبالتالي يمكن الجمع بينهما .
ثم هنا جملة إيرادات حول هذه الرواية لو تمَّ شيء منها سوف لا تنهض دليلاً على المدَّعى :
الأول : إن ظاهر الحديث كون السؤال بنفسه مبعثاً لتشريع وجوب الحج في كل عام، بحيث لو سئل فأجاب بنعم لوجب، وهذا بعيدٌ في نفسه لتبعية التشريع للمصالح والمفاسد سواء كان في البين سؤال أو لا ! .
وفيه : أن الوجوب هنا بمعنى اللزوم والثبوت في ذمة المكلف وفي عهدته بمعنى تنجُّزه عليه، ويكون ثبوته في ذمة المكلف في طول سؤاله، وأما أصل التشريع فهو تابع للمصلحة الواقعية الثابتة بمعزلٍ عن سؤال السائل !.
الثاني : إن ظاهره أن النبي صلَّى الله عليه وآله لو قال : نعم لوجب ولو وجب لما استطاعوا وبالتالي سوف يتركون الحج في كل عام فيكفروا، مع أنه مع عدم الإستطاعة سوف يرتفع الوجوب فكيف يكونون بتركهم هذا المستنِد إلى عدم استطاعتهم كفَّاراً .
وفيه : أنه بقرينة " وكفرتم " كون المقصود من لما استطعتم عدم امتثال التكليف نظير { إنك لن تستطيع معي صبراً }، أو فقل : عدم المواظبة عليه في كل عام رغم القدرة عليه فلذا سوف تكفرون بترككم له .
الثالث : إن القاعدة لا يخلو إما مختصة بباب الكل والجزء وهذا لا ينسجم مع مورد الحديث، وإن كانت تشمل الكلي والجزئي فإن تصوير ذلك يكون بأحد أنحاء :
الأول : إنه كلما أمرتكم بشيء بنحو صرف الوجود فأتوا من أفراده ما استطعتم وهذا واضح التهافت لأن الأمر بالطبيعة بنحو صرف الوجود لا يقتضي إلا الإتيان بالطبيعة بنحو صرف الوجود أي أن يخرجها من العدم وتبصر الوجود على يديه ليس إلا.
الثاني : إنه كلما أمرتكم بشيء بنحو مطلق الوجود فأتوا من أفراده ما استطعتم، وهذا لا ينسجم مع مورد الرواية فإن الأمر بالحج ليس بنحو مطلق الوجود، وهو خلف مقصود النبي صلَّى الله عليه وآله .
الثالث : أن يكون بصدد إبراز ضابطةٍ في مقام الإستفادة من الأدلة وهي أنه متى أمرهم بشيء فإنه يُحمل على مطلق الوجود لا صرف الوجود، وهذا غريبٌ في بابه فإن أكثر أوامر الشارع بنحو صرف الوجود مضافاً إلى عدم انسجامها مع مورد الحديث .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo