< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

36/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : فرضه كفاية
قد فرغنا عن البحث عن وجوب الجهاد ومن يسقط عنه من الصبي والمجنون والمرأة والعبد والشيخ والمريض ومن به عيب كالعمى والعرج والاقعاد وغيرها مما لايقدرمعها على الجهاد او يصعب عليه بما لا يتحمل عادة.
وقد قال المحقق رضوان الله عليه (وفرضه كفاية) والفرض على قسمين عيني وكفائي والواجب العيني هو الواجب الذي لايسقط عن المكلف بفعل الآخرين بخلاف الكفائي فانه يسقط عن المكلفين اذا قام بفعله من فيه الكفاية لاتيان الواجب.
و يمكن ان نميز بين العيني والكفائي بان العيني هو الواجب الذي اراد المولى صدوره عن المكلف فالواجب مركب عن جزئين احدهما نفس الفعل والاخر صدوره عن المكلف بمعنى ان اضافته إلى المكلف قيد للمأمور به كصلاة اليومية وصوم شهر رمضان وغير ذالك، ولكن الكفائي هو الذي اراد المولى تحققه في الخارج ولا يتقيد مطلوب المولى بصدوره عن الاشخاص كتطهير المسجد و انغاظ الغريق. نعم قد يكون المكلف به ماهية لا يمكن صدوره الا من انسان، كغسل الميت و الصلاة عليه، فبما ان هذه الامور من العبادات وهي متوقفة على القصد و لا يتمشي القصد الا من المكلف. ولكن مع ذالك غرض المولى ليس متقيدا بفعل المكلف بل خصوصية الماهية المطلوبة تحققها تستدعي صدورها عن انسان.
قال الشيخ في النهاية: و هو، فرض على الكفاية. و معنى ذلك أنّه إذا قام به من في قيامه كفاية و غناء عن الباقين، و لا يؤدّي الى الإخلال بشي‌ء من أمر الدين، سقط عن الباقين. و متى لم يقم به أحد، لحق جميعهم الذّمّ، و استحقّوا بأسرهم العقاب). وقريب من هذا التعبير ورد عن ابن ادريس في السرائر.
قال العلامة الحلي في تفسير الواجب الكفائي: (و هو: كل مهم ديني يتعلق غرض الشرع بحصوله، و لا يقصد عين من يتولاه، و من جملته إقامة الحجج العلمية؛ و دفع الشبهات؛ و حل المشكلات؛ و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؛ و الصناعات المهمة التي بها قوام المعاش- حتى الكنس و الحجامة- فلو امتنع الكل عنها لحقهم الإثم؛ و دفع الضرر عن المسلمين و إزالة فاقتهم، كإطعام الجائعين، و ستر العراة، و إعانة المستعينين في النائبات على ذوي اليسار مع قصور الصدقات الواجبة؛ و كالقضاء؛ و تحمل الشهادة).(قواعد الاحكام ج1ص177)
ثم انه قد ترى يقال احياناً بان الواجب الكفائي اذا لم يكن له من يكفيه يصبح عينياً، ولعل في هذا التعبير مسامحة في القول، حيث ان الشيئ لاينقلب عما هو عليه، فواجب الكفائي، كفائي سواء قام به من به الكفاية او لا؟ فقيام من به الكفاية هو ظرف السقوط. فالمولى وجه امره إلى جميع المؤمنين الذين هم في حوزة ذاك المطلوب فاذا قام به من به الكفاية فقد اُمتُثل امر المولى وسقط التكليف لان الامتثال هو من اسباب السقوط وان لم يقم من به الكفاية عُصيَ ذالك الامر، والمكلفون كلهم مسئولون عن ذالك فالامتثال يصدر عن البعض والعصيان يصدر من الكل.
وعلى كل حال كون الجهاد واجباً كفائياً وليس بعيني، من المسلمات قال صاحب الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه بيننا بل و لا بين غيرنا، بل كاد يكون من الضروري فضلا عن كونه مجمعاً عليه).
واستدل ابن زهرة الحلبي في غنية النزوع لكفائية وجوب الجهاد بقوله : (هو فرض على الكفاية، إذا قام به من فيه كفاية سقط عن غيره‌ بلا خلاف إلا من ابن المسيب و يدل على ذلك بعد الإجماع قوله تعالى:لٰا يَسْتَوِي الْقٰاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِالآية. لأنه تعالى فاضلَ بين المجاهدين و القاعدين، و وعد كلا منهم)
و استدل ايضا بسيرة النبي واصحابه، حيث لم يكونوا يخرجو جميعاً.
ويستدل بنفي الحرج حيث يكون خروج جميع الناس حرجياً، بل يمكن ان نقول يستلزم منه الاخلال بالنظام الذي حفظه كما قال الامام الخميني من اوجب الواجبات.
واستدل سعيد ابن مسيب على وجوب العيني للجهاد بقوله تعالى: ﴿إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَ لاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْ‌ءٍ قَدِيرٌ﴾ التوبه39 و قوله تعالى بعد آيتين: ﴿انْفِرُوا خِفَافاً وَ ثِقَالاً وَ جَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾التوبة41 وتقرير الاستدلال بان الله هدد المتقاعسين عن الحرب بالعذاب، كما امر المؤمنين بالنفور إلى الحرب والامر ظاهر في العينية لان المخاطب هم المؤمنون. وكذا بالنبوي المعروف و هو مارواه ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه واله: "من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بغزو مات على شعبة من النفاق"(سنن بيهقي ج9ص48).
واجيب عن الاستدلال بالآية على عينية الوجوب، مرة: بانها منسوخة بقوله تعالى: " وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (التوبة122). وأخرى بانها نزلت في غزوة تبوك فاستنفر النبي صلى الله عليه واله وتخلف فيها كعب ابن مالك واصحابه فهجرهم النبي حتى تاب الله عليه، وثالثة بانها تنادي بالوجوب ابتدائا لان واجب الكفائي واجب على الجميع، ويسقط بفعل من به الكفاية. ولعل الجواب الصحيح ان هذه الايات تفيد اصل الوجوب ولكن كيفية الامتثال تعود إلى بيان تفاصيل الواجب، كما ان اقيموا الصلاة لايدل على وجوب الاستمرار بالصلاة دائما وهكذا سائر اوامر الشريعة.
واما النبوي مضافا إلى انها مروية عن ابي هريرة سندا لا دلالة لها الا انه لا يجوز للمؤمن ان يكون معرضا عن الجهاد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo