< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

37/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : هل يسقط الفرض بتجدد العذر بعد الالتحام؟
كان كلامنا قبل المحرم في الفروع الثلاثة التي طرحها المحقق رضوان الله عليه، بعد الفراغ عن وجوب الجهاد وشروطه والاعذار المسقطة للوجوب: فالفرع الاول كان في حكم من عليه الدين، هل لصاحبه ان يمنعه من الجهاد او لا؟ وقد فرغنا عن البحث فيه، والفرع الثاني كان: في انه هل يشترط في جوازه اذن الوالدين؟ او هل انّ منعهما يوجب عدم جواز المشاركة في الجهاد؟. فقلنا انه لا يجوز المشاركة في الجهاد عند منع الوالدين اذا كان مخالفتهما موجبا لاذيتهما، كل ذالك انما يكون فيما اذا لم يتعين على المكلف المشاركة في الجهاد وانما هو كان من اطراف الواجب الكفائي، بتفصيل ذكرناه في مباحثنا السابقة فلا نريد العود في بيانه. ثم كان الكلام في انّ وجوب الطاعة في النهي عن الجهاد يختص بالوالدين المسلمين؟ فقلنا نعم، و أثبتنا شرط الاسلام في وجوب الطاعة، ثم قلنا فيما اذا كان الوالدين مشركَين غير معاندَين بل كانا مسالمين فالاحوط رعايتهما في الطاعة. كما انه بحثنا عن انّ الحرية هل هي شرط للزوم طاعتهما او لا؟ فثبت عندنا عدم اشتراط وجوب الطاعة بالحريّة وناقشنا ادلة قول المخالف.
واليوم كلامنا في الفرع الثالث الذي طرحه المحقق حيث قال:( الثالث لو تجدد العذر بعد التحام الحرب ‌لم يسقط فرضه على تردد إلا مع العجز عن القيام به) [1]
يظهر من هذا البيان انه رضوان الله عليه قسم العذر إلى قسمين: الاول منهما هو العذر الذي ليس معجزاً لصاحبه عن الحرب وأفتى عند ذالك بعدم سقوط فرض الجهاد عنه ثم تردد في ذالك، اذا كان حدوث العذر بعد التحام الحرب. والقسم الثاني ما هو يوجب عدم تمكن صاحبه من ممارسة الحرب، فأفتى بسقوط الوجوب من دون ترديد؟
قال الشهيد في المسالك تعليقا على كلام المحقق: (إذا تجدّد العذر بعد التحام الحرب، فإن كان خارجيّاً، كرجوع الأبوين‌ و صاحب الدّين لم يعتبر رجوعه، لعموم الأوامر الدالّة على الثبات حينئذ.[2] و إن كان ذاتياً، كالمرض و العمى و الإقعاد ففي السقوط قولان، أقربهما ذلك، لعدم القدرة التي هي شرط الوجوب. قال ابن الجنيد يجب الثبات هنا أيضاً. و هو ضعيف. نعم لو لزم من رجوعه تخاذلاً في المسلمين و انكساراً، اتّجه عدم السقوط.و اعلم أنّ ظاهر العبارة كون الخلاف في القسم الأوّل خاصّة، و الموجود في كتب الخلاف كونه في الثاني).
ان الشهيد رضوان الله عليه جعل كمثالٍ لما كان خارجياً و ليس معجزاً للمعذور، رجوع الابوين عن اذنهم وكذالك رجوع صاحب الدين عن اذنه – طبعا كما اتضح سابقا انما يشترط اذن صاحب الدين اذا كان دينه حالا و ولم يكن المدين معسراً- وهذه الاعذار هي خارجة عن جسم المعذور،
ويمكن ان نُضيف إلى هذه الأمثلة: رجوع المولى عن اذنه لعبده، او حدوث دين حالٍّ مع عدم اذن الغريم، او اسلام أحد الأبوين او تحريره -على القول بان الرق لايجب على اولاده طاعته- ومنعه عن الجهاد،
و مثل للعذر الذاتي: المرض والعمى والإقعاد التي تتعلق بجسم المعذور، ولو بدل عنوان الخارج والداخل، بما هو معجز تكويناً وما ليس بمعجز لكان أحسن، لان الحكم ينوط مناط العجز وعدمه.
ثم انه ناقش المحقق في ان الترديد عند الفقهاء في الحكم انما هو في القسم الثاني -اي فيما يوجب العجز عن الجهاد- ولكن المحقق جعله في القسم الاول،-اي فيما هو خارجي ولا يستلزم منه العجز عن الجهاد-
ولكن هذا النقاش لاوجه له، اولاً: لان المحقق أراد أن يخبر عن رأيه، وهو كان مترددا في حكم القسم الاول دون الثاني كما يظهر عند مراجعة الادلة، وثانيا هناك من تردد في القسم الاول ايضاً.
قال العلامة في المنتهى: (لو خرج إلى الجهاد و لا عذر له،فتجدّد العذر، فإن كان قبل أن يلتقي الزحفان كان كوجوده قبل خروجه، إن كان العذر في نفسه، كالمرض و شبهه، تخيّر في الرجوع و المضيّ، و إن كان في غيره، مثل أن يرجع صاحب الدين الحالّ في إذنه، و الأبوان فيه، أو يسلم الأبوان ثمّ يمنعانه، فيجب عليه الرجوع، إلّا أن يخاف على نفسه ) [3] و إن حدث بعد التقاء الزحفين، فإن كان العذر في نفسه قال الشيخ- رحمه اللّه و هو أحد قولي الشافعيّ؛ لأنّه لا يمكنه القتال، فكان له الانصراف.و قال في الآخر: ليس له الانصراف؛ لأنّه كان مخيّرا قبل التقاء الزحفين، فوجب أن يتعيّن بعد التقاء الزحفين و لا جامع هنا( راجع الام ج4ص163) .و لو كان العذر في غيره، كرجوع الغريم و الأبوين قال الشيخ- رحمه اللّه-:ليس له الرجوع؛ لقوله تعالى: "يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذٰا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا" [4] و لأنّ رجوعه ربّما كان فيه كسر المسلمين، فلا يجوز له الرجوع، و هو أحد قولي الشافعيّ .و قال في الآخر: له الرجوع؛ لأنّ الثبات فرض و حقّ الغريم فرض و هو السابق، فكان أولى، و ليس بجيّد؛ لأنّ الغريم أسقط حقّه من المنع [5] فمن هذا البيان يظهر ان الخلاف مو جود في كلا شقي المسئلة فليس كلام المحقق خارجا عن الخلاف ايضاً.
إلى هنا توضَّح لنا موضع الخلاف فعلينا أن نراجع أدلّة كل فريق لنختار الأصح منهما إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo