< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الصلاة

37/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الجهاد في الحرم
بعد ما انتهينا من البحث عن حرمة الجهاد في الأشهر الحرم و مستثنياتها طرح المصنف حرمة الجهاد في الحرم فقال: (و يجوز القتال في الحرم و قد كان محرّماً فنُسخ).[1] وقال الشهيد في المسالك : (أمّا تحريم القتال في المسجد الحرام فإنّه منسوخ).والظاهر انهم مما يستدلون به على جواز القتال في مسجد الحرام هذه الآية: "فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم" [2] فانها مطلقة وناسخة لقوله : "ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام".
وكذالك قوله تعالى: "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ، وَ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ، وَ لٰا تُقٰاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ حَتّٰى يُقٰاتِلُوكُمْ فِيهِ، فَإِنْ قٰاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، كَذٰلِكَ جَزٰاءُ الْكٰافِرِينَ) [3] قالوا ان صدر الآية ناسخ لذيل الآية فان قوله: "حيث ثقفتموهم" يعني اينما وجدتموهم حتى في مسجد الحرام فقوله: "ولاتقاتلوهم عند المسجد الحرام" منسوخة. وقد توسع القول في الكنز فقال: (ان هذه الآية ناسخة لكل آية فيها أمر بالمرادعة أو الكف عن القتال كقوله " [4] ودع اذاهم وقوله: "لكم دينكم ولي دين" وأمثاله، لأن حيث للمكان أي في ايّ مكان أدركتموهم من حل أو حرم، وكان القتال في الحرم محرماً ثم نسخ بهذه الاية وأمثالها، فصدرها ناسخة لعجزها) [5] والعجب من صاحب الكنز رضوان الله عليه كانه أخذ قراره على القول بالنسخ فارتكب هذه المكابرة.
انّ الآيات الاولى آبية عن النسخ فهي مجمعة تصب في معنى متكامل قال تعالى: "اوَ قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَ لاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴿190﴾ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَ لاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴿191﴾فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿192﴾وَ قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿193﴾الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَ الْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿البقرة194﴾.[6]
ففي الآية الاولى يبين ان نوجه القتال إلى من يقاتلنا و يحذر عن الاعتداء، ثم في الية الثانية يأكد على لزوم قتال هؤلاء وعدم التواني فيه واخرجوهم من حيث اخرجوكم اي بما انهم اخرجوكم ثم يقارن بين من يقتل انسانا ومن يهدم الامن وينشر الرعب في المجتمع وهو الفتنة فيقول والفتنة اشد من القتل ثم ينهى عن قتالهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوننا فيه ثم في الاية الاخيره يعيد التاكيد على خطر الفتنة ويبين الهدف من القتال وهو رفع الفتنة والحصول على الامان وكون الدين لله بمعنى سيطرة الاسلام على الامور واخضاع هؤلاء المعتدين لحكومة رسول الله.
كما ان قوله: دع اذاهم ورد في اثناء لا يناسب نسخها قال تعالى: " يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذيراً . وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنيراً . وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبيراً . وَ لا تُطِعِ الْكافِرينَ وَ الْمُنافِقينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى‌ بِاللَّهِ وَكيلاً (الأحزاب45-48) ان الله تعالى يبين طبيعة الرسالة وهذا شيئ لا يتغيّر، وكان من سيرة رسول الله صلى الله عليه واله، عدم تعرض للكافرين والمنافقين ما داموا مسالمين وانما قاتلهم اذا اصبحوا محاربين، ولنا في هذا الموضوع بحث طويل نتعرض لها عند ما ندخل في الركن الثاني من البحث في من نقاتل؟ انشاء الله
وصاحب الجواهر لم يبدي رأيه في هذه المسئلة وسابقتها ولعله رأى عدم ترتب اثر عملي عليها فسكت عنها.
وهنا يذكر صاحب الجواهر عن بعض الأفاضل فرع آخر بقوله: (وهل يلحق بمحل البحث أي الحرمة في الأشهر المقاتلة لدفع الكفار الذين دهموا المسلمين في زمن الغيبة لتسخيرهم وأخذ بلادهم؟ فيه اشكال، ولكن احتمال الالحاق في غاية القوة، مع انه احوط في الجملة) ثم ينا قشه حق النقاش فيقول: ( وفيه اولاً: أن محل البحث في غزوهم لا في دفاعهم، وثانياً: أنهم ممن لا يرون حرمة لهذه الأشهر، فاحتمال الالحاق حينئذ في غاية الضعف، بل هو واضح الفساد.
حديث خاتمة الاسبوع : من كلام امير المؤمنين بعد وفات رسول الله حيث دعاه عبد اله ابن عباس وابو سفيان إلى البيعة فقال: "أَيُّهَا النَّاسُ شُقُّوا أَمْوَاجَ الْفِتَنِ بِسُفُنِ النَّجَاةِ وَ عَرِّجُوا عَنْ طَرِيقِ الْمُنَافَرَةِ وَ ضَعُوا تِيجَانَ الْمُفَاخَرَةِ أَفْلَحَ مَنْ نَهَضَ بِجَنَاحٍ أَوِ اسْتَسْلَمَ فَأَرَاحَ مَاءٌ «1» آجن وَ لُقْمَةٌ يغص بِهَا آكِلُهَا وَ مُجْتَنِي الثَّمَرَةِ لِغَيْرِ وَقْتِ إِينَاعِهَا كَالزَّارِعِ بِغَيْرِ أَرْضِهِ فَإِنْ أَقُلْ يَقُولُوا حَرَصَ عَلَى الْمُلْكِ وَ إِنْ أَسْكُتْ يَقُولُوا جَزِعَ مِنَ الْمَوْتِ هَيْهَاتَ بَعْدَ اللَّتَيَّا وَ الَّتِي وَ اللَّهِ لَابْنُ أَبِي طَالِبٍ آنَسُ بِالْمَوْتِ مِنَ الطِّفْلِ بِثَدْيِ أُمِّهِ بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مَكْنُونِ عِلْمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لَاضْطَرَبْتُمْ اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ الْبَعِيدَةِ‌"(نهج الخطبة 4)

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo