< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع :وجوب قتال المحارب

بعد ما مررنا على المراحل الستة التي رسمها آية الآصفي لايجاب قتال المشركين والكفار في القرآن وأثبت في المرحلة الرابعة تشريع جهاد الكفارالابتدائي وناقشناه بما لا مزيد عليه وثبت عدم تمامية الأدلة التي إستند إليها في تخطيته السداسي بما ان ظاهر كلمات كثير من الاصحاب هو عدم الخلاف بل الاجماع على وجوب الجهاد المشركين و أهل الكتاب الابتدائي ولذالك نرى من الضروري أن نقف عند هذه المسئلة أكثر ولكن عند ما نراجع إلى كلمات الفقهاء نرى انهم قصروا في الدليل وأرسلوا المسئلة ارسال المسلمات وبعضهم أشاروا إلى أدلتهم من دون الغور، ونحن نذكر هنا أدلة التي ذكرها صاحب الجواهر في نص كلامه قال:

:(وكيف كان فإن بدءوا المسلمين بالقتال فالواجب محاربتهم مع المكنة بلا خلاف و لا إشكال، بل هو كالضروري، بل إن كفّوا وجب ابتداؤهم بها بحسب المكنة كذلك أيضاً بعد تعاضد الكتاب و السنة و المعلوم من سيرة النبي صلى اللّٰه عليه و آله و التابعين من شدة المواظبة و الحث عليه حتى تكرّر ذلك منه صلى اللّٰه عليه و آله و هو في النزع، و خصوصاً في تنفيذ جيش أسامة بن زيد)(جواهر الكلام ج21ص48) فاكتفى بالإشارة الى الكتاب والسنة وسيرة النبي صلوات الله عليه من دون إسهاب، و بما أن المرحوم الآصفي قد أسهب الكلام في هذه المسئلة ولعلّ غيره من المعاصرين كذالك ولكن لا يتوفر لديّ كتبهم، كي اُراجعها.

فأذكر الاستدلال لوجوب الجهاد الابتدائي بالقرآن من كلامه ره :

انه استدل بعموم التعليل الموجود في موردين، أحدهما: رفع الفتنة عن طريق الدعوة في قول الله تعالى: "وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمينَ" (البقرة193) وكذالك في قوله تعالى: " وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصيرٌ"(الانفال39). وثانيهما: كف بأس الذين ظلموا اي قوتهم كما في قوله تعالى: " فَقاتِلْ في‌ سَبيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذينَ كَفَرُوا وَ اللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكيلاً (النساء84). ولن تنتهي الفتنة كل الفتنة بما لها من مصاديق عديدة و متنوعة الا باستئصال كل الكفار المهاجمين منهم وغير المهاجمين، ولن تنتهي لو اقتصر المسلمون على القتال الدفاعي. ولن يُكفَّ البأس كل البأس الا بتطهير الأرض كل الأرض من فتنتهم ولوثهم وعبثهم ورجسهم ونجسهم بأجمعه كذالك. اذن عموم العلة – دفع البأس ورفع الفتنة - مشعر بعموم الحكم في قتالهم.

ولنا في هذا البيان ملاحظة اما عموم التعليل بالفتنة فان ضمير - هم – في قاتلوهم، يعود إلى الذين يقاتلونكم حيث انه مسبوق بقوله تعالى: " وَ قاتِلُوا في‌ سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ (البقرة190) ولا يمكن تعدي الحكم عن موضوعه، فاوجب الله هنا قتال من يقاتلنا كما انّ حتّى ليس للتعليل بل هو للغاية وظاهر قوله ولا تعتدوا النهي عن قتال من لا يقاتلنا، ثم قال تعالى: " وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَ لا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُم فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرينَ (191) وفي هذه الآية ايعاز بمقابلة اخراجكم اياهم باخراجهم اياكم ثم ثم النهي عن قتالهم عند مسجد الحرام الا بشرط قتالهم اياكم عنده تاكيد على المقابلة وقوله تعالى: "فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ (البقرة192) هو الانتهاء عن الحرب ولو بقوا على كفرهم. ثم قال: "وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمينَ" فالفتنة بمعنى حالة الحرب وعدم الأمان ولذالك قارنها تعالى بالقتل في الآية السابقة وليس بمعنى: (رفع الفتنة عن طريق الدعوة) ومما يشهد لذالك ايضاً قوله : " فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمينَ"

وكذالك ما في الانفال من قوله: " وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصيرٌ" (الانفال39) فضمير هم فيها يعود إلى هؤلاء الذين ارادوا الصد عن سبيل الله بالحرب لانها مسبوقة بقوله: "إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَ الَّذينَ كَفَرُوا إِلى‌ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَميزَ اللَّهُ الْخَبيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ يَجْعَلَ الْخَبيثَ بَعْضَهُ عَلى‌ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَميعاً فَيَجْعَلَهُ في‌ جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (37) قُلْ لِلَّذينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَ إِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلينَ (الانفال38). فالقتال مستمر حتى تتوقف الحرب كما بيننا هذا الامر قبل ايام ايضاً

اما ما قاله في قوله تعالى " فَقاتِلْ في‌ سَبيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَ حَرِّضِ الْمُؤْمِنينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذينَ كَفَرُوا وَ اللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَ أَشَدُّ تَنْكيلاً (النساء84). من عموم التعليل فهذه الآية مسبوقة بمؤامرات بعض المنافقين في كشف اسرار الحرب وتثاقل بعضهم عند الحرب فالله يسلي نبيه بالفاته إلى مسئولية نفسه و وظيفته في تحريض المؤمنين ثم يرجيه ربه بالانتصار ودفع خطر الاعداء وهزيمتهم في الحرب فلا تعليل فيها حتى يكون به التعميم وليس الهدف كفَّ البأس كل البأس حتى لا يحصل الا بتطهير الأرض كل الأرض من فتنتهم ولوثهم وعبثهم ورجسهم ونجسهم بأجمعه كذالك. والباس كذالك بمعنى الحرب لما فيها من الشدة والبطش. وخلاصة البحث ان المراد من الفتنة المذكورة في هذه الآيات ليس جميع مصاديق الفتنة بل كناية عن عدم الامان والخوف المنتشر منها وكذالك الباس كناية عن الحرب. وكذالك توجه الامر بالقتال لقتال المحاربين المعتدين لا قتال كل من لم يعتنق الاسلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo