< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: وجوب جهاد المحارب

كان بحثنا في الادلة التي أقامها المرحوم الآصفي لاثبات وجوب جهاد الابتدائي او فقل جهاد المسالمين من المشركين، وقد ذكرنا من أدلته القرآنية ما أراد أن يستفيد فيها من عموم العلة و قد نا قشناه بما لامزيد عليه و يكفي لتفنيد ادلته. و دليله الثاني من القرآن كما اشرنا اليه وهو التمسك باطلاق بعض آيات القتال

فقال رضوان الله عليه: (إنّ الآيات الكريمة الواردة في القتال مطلقة ومقدمات الحكمة فيها تامّة في متعلق المتعلق. ولو تمّ ذالك كان كافياً في دلالتها على شمول القتال الواجب للقتال الابتدائي والدفاعي فالنقرأ مجموعة منها ونَرَ ذالك:

أولاً: قوله تعالى في سورة البقرة: " وَ قاتِلُوا في‌ سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلُونَكُم‌ ..." (البقرة190) فمتعلق المتعلق في هذه الآية المباركة هو "اللذين يقاتلونكم" و بالتاكيد لا يخطر على بال أحد أن المقصود منه هو الذين يقاتلونكم قتالاً دفاعياً فحسب بل أن معنى الآية أوسع من ذالك. فهذه الآية من قبيل قول القائل قاتلوا أعدائكم، فالمعنى المستفاد منه يختلف عنه فيما لو قلنا "فان قاتلوكم فاقتلوهم" اذ على الاول يكون القتال شمولياً لان شأن الأعداء هو المقاتلة اما بالقوة واما بالفعل، مثلما جاء ذالك في قوله تعالى: "وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا"( البقرة217)، حيث يدفع مدلول قوله: "ولايزالون" الدال على الحاضر والمستقبل إشكال التقدير المخالف للأصل، إذ قد يقال: ما هو الدليل على جعل اللذين يقاتلونكم هو (قاتلوا من هم من شأنهم أن يقاتلوكم) فان هذا تقدير والتقدير خلاف الأصل ، ولا موجب لارتكاب مثل هذا التقدير، خصوصا بعد ملاحظة كون المشتق حقيقة في المتلبس، فيكون المعنى (قاتلوا من يقاتلكم بالفعل) . وعلى الثاني لا يكون شمولياً لانه يدل على وجوب القتال في فرض بدء العدوان خاصة.

مثله الفرق بين قوله تعالى: " وَ قاتِلُوا في‌ سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلُونَكُم‌"(البقرة190) وقوله تعالى: "ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم"(بقرة191). اذ القتال في الآية الثانية دفاعي فحسب وفي الأولى مطلق من جهة متعلقه، اي أقتلوهم حتى لو لم يبدأوكم بالقتال.

و لمّا كان المتعلق مذكوراً في الآية وهو ليس متعلق الحكم – مادة القتال – حتى يقال: لايجري فيه الإطلاق الشمولي ، بل هو متعلق المتعلق الذي يجري فيه الاطلاق الشمولي، ولا يحتاج إلى تقدير حتى يقال بعدم وضوح تقديره في المقام ، وبإجمال الحكم من جهة النتيجة، بل هو مذكور كما هو واضح، و مقدمات الحكمة هنا جارية وهي تنفي التقييد الاضافي.) (تم كلامه، الآثار الفقهية، ج4ص42).

ولنا في هذه البيانات ملاحظات عدة رغما لما اتعب نفسه لاثبات رأيه.

اَولاً: لم نفهم تناسباً بين قوله: (و بالتاكيد لا يخطر على بال أحد أن المقصود منه هو الذين يقاتلونكم قتالاً دفاعياً فحسب بل أن معنى الآية أوسع من ذالك). وبين قوله: (فهذه الآية من قبيل قول القائل قاتلوا اعدائكم) لان المعنى خاص بمن يقاتلنا ابتداء لا دفاعياً فالأعداء مهاجمون والمسلمون مدافعون، فلا وجه لحمل الكلام على معنى قاتلوا أعدائكم مطلقاً.

ثانياً: أن الفرق في التعبير بين الموردين أنّ في المورد الاول لم يفرض وقف القتال ولكن في الثاني فرض وقف القتال و تعود المعنى في الثانية ايضاً إلى -قاتلوا الذين يقاتلونكم عند المسجد الحرام-

ثالثاً: لا وجه للقياس بين ما نحن فيه و ما ورد في الآية 217 من سورة البقرة فان هناك ورد فعل الاستمرار وهو – لا يزالون، بخلاف ما نحن في حيث أنّ –يقاتلونكم- ظاهر في الفعلية وحملها إلى أعم من التقديري لا وجه له.

رابعاً: في المقيس عليه الكلام ناظرٌ إلى قضية خارجية وذالك يظهر بالقاء النظر إلى تمام الآية نظرة واحدة واليك نصها: " يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فيهِ قُلْ قِتالٌ فيهِ كَبيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ وَ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ" (البقرة217)

فالآية تقارن بين قبح القتال في شهر الحرام و إرتكاب الصدّ عن سبيل الله و الكفر بالله والكفر بالمسجد الحرام وإخراج اهل المكة عنها، فيرجح الثاني على الاول ليبين ان هنا يكون قتالكم لهؤلاء المعتدين، يكون من باب دفع الأفسد بالفاسد عند ما لا بديل له ثم يتصف هؤلاء المعتدين باستمرارهم لقتالكم إلى آخر الآية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo