< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الدية لقتل الترس المسلم

كان بحثنا في أن المقتول من المسلمين الذي جعله الاعداء ترساً في الحرب ولا محيص الا من قتله لدفع العدو هل ديته على بيت المال؟ او بعبارة أخرى هل على الامام؟ وقد ذكرنا بعض الشواهد والادلة على ذالك وبما أن هذه المسألة لم تؤتى سابقا حقه نتابع البحث اليوم ايضاً.

بل أن صاحب الجواهر بعد ما يستدل على عدم كون دية على القاتل قال: (اللّٰهمّ إلا أن يقال بأن الوجوب على تقديره فهو في بيت المال نحو ما تسمعه في الكفارة، نعم هو فرع الدليل الذي قد عرفت انتفاءه، بل ظاهر الأدلة خلافه، و به يخص‌قوله عليه السلام : "لا يبطل دم امرئ مسلم" ‌حتى بالنسبة إلى بيت المال كما هو مقتضى النفي في خبر حفص و الفتاوى، فما عن الشافعي من وجوبها لقوله تعالى "وَ مَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَ دِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلىٰ أَهْلِهِ"[1] واضح الضعف، لما عرفت، مع أنه ليس من الخطأ قطعا، بل هو عمد مأذون فيه، فلا يندرج فيها).

ولكن نحن نقول نعم هو ليس من القتل الخطأ ولكن الأمر الذي يستفاد من الادلة ان دم المؤمن لا يذهب هدراً والموارد المذكورة في الروايات يفيدنا إهتمام الشارع المقدس بدم المسلم، وليس فقط المسلم الذي قتل خطاً ولذا نحن نتابع الأدلة كي نؤكد على ما وصلنا اليه خلافاً للمشهور، فيما نحن فيه ولعل ما صدر من المشهور هنا ناشئ عن عدم عنايتهم بالمسألة لما لم يكن يرون لها موضع للتنفيذ في عصورهم واليك بعض النصوص الأخرى تفيد هذا المعنى:

منها: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَحَدِهِمَا ع أَنَّهُ قَالَ: فِي الرَّجُلِ إِذَا قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً- فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ مِنَ الدِّيَةِ- أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى وَرَثَتِهِ- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ فَعَلَى الْوَالِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.[2] سنده ضعيف بالارسال ولكن يدل على ان من لم يكن له ولي ولا عاقلة فديته إلى الامام ففيما نحن فيه أولى. لايقال: ان مورد الرواية هو وضع الامام موضع العاقلة بعد ما ثبت الدية، و محل الكلام هو أن الترس المسلم المقتول في الحرب هل له دية؟ لانا نقول أن هذه الروايات تفيدنا انه لايذهب دم المؤمن هدراً فمتى لم يكن له من يدفع فهي على الامام من بيت مال المسلمين.

ومنها.: ما عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرَّارٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: فِي مُكَاتَبٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً قَالَ عَلَيْهِ دِيَتُهُ بِقَدْرِ مَا أُعْتِقَ وَ عَلَى مَوْلَاهُ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ الْمَمْلُوكِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا عَاقِلَةَ لَهُ إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ.[3] اما السند فاسماعيل بن مرار لم يرد له توثيق واما الدلالة فتشبه الرواية السابقة.

ومنها: عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: "قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ مَا أَخْطَأَتِ الْقُضَاةُ فِي دَمٍ- أَوْ قَطْعٍ فَهُوَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ".[4] سنده ضعيف بالارسال ولكن الدلالة واضحة وتكفل بيت المال لمن جرى عليه الحد لخطأ القاضي يشبه ما نحن فيه فالقاضي أفتى على حسب ما تمت عنده من الأدلة بأمر الامام. والمقاتل قتل الترس المؤمن بأمر من الامام وقائد الجهاد وتحميلهما للدية اجحاف في حقهما فمفاد الروايات ينطبق على الانصاف.

ومنها: ما عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: ازْدَحَمَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي إِمْرَةِ عَلِيٍّ ع بِالْكُوفَةِ فَقَتَلُوا رَجُلًا فَوَدَى دِيَتَهُ إِلَى أَهْلِهِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.[5] السند صحيح والدلالة واضحة.

وقد خصص الكليني (بَابُ الْمَقْتُولِ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ) لبيان هذه المسألة‌ وذكرفيها روايتاً:

فلنذكر ما يفيدنا في الموضوع: 1- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: "قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي رَجُلٍ وُجِدَ مَقْتُولًا لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ قَالَ إِنْ كَانَ عُرِفَ وَ كَانَ لَهُ أَوْلِيَاءُ يَطْلُبُونَ دِيَتَهُ أُعْطُوا دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَ لَا يَبْطُلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لِلْإِمَامِ ع فَكَذَلِكَ تَكُونُ دِيَتُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَ يَدْفِنُونَهُ قَالَ وَ قَضَى فِي رَجُلٍ زَحَمَهُ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي زِحَامِ النَّاسِ فَمَاتَ أَنَّ دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ"[6] . السند صحيح والدلالة واضحة وفيها كبرى شاملة.

2- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَوَّارٍ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ عَلِيّاً ع لَمَّا هَزَمَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرَ أَقْبَلَ النَّاسُ مُنْهَزِمِينَ فَمَرُّوا بِامْرَأَةٍ حَامِلٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَفَزِعَتْ مِنْهُمْ فَطَرَحَتْ مَا فِي بَطْنِهَا حَيّاً فَاضْطَرَبَ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ مِنْ بَعْدِهِ فَمَرَّ بِهَا عَلِيٌّ ع وَ أَصْحَابُهُ وَ هِيَ مَطْرُوحَةٌ وَ وَلَدُهَا عَلَى الطَّرِيقِ فَسَأَلَهُمْ عَنْ أَمْرِهَا فَقَالُوا لَهُ إِنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا فَفَزِعَتْ حِينَ رَأَتِ الْقِتَالَ وَ الْهَزِيمَةَ قَالَ فَسَأَلَهُمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَقَالُوا إِنَّ ابْنَهَا مَاتَ قَبْلَهَا قَالَ فَدَعَا بِزَوْجِهَا أَبِي الْغُلَامِ الْمَيِّتِ فَوَرَّثَهُ مِنِ ابْنِهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ وَ وَرَّثَ أُمَّهُ ثُلُثَ الدِّيَةِ ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوْجَ مِنِ امْرَأَتِهِ الْمَيِّتَةِ نِصْفَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الَّذِي وَرِثَتْهُ مِنِ ابْنِهَا الْمَيِّتِ وَ وَرَّثَ قَرَابَةَ الْمَيِّتِ الْبَاقِيَ قَالَ ثُمَّ وَرَّثَ الزَّوْجَ أَيْضاً مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ الْمَيِّتَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَ هُوَ أَلْفَانِ وَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ غَيْرُ الَّذِي رَمَتْ بِهِ حِينَ فَزِعَتْ قَالَ وَ أَدَّى ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْبَصْرَةِ"[7] . في السند سوار وهو مشترك بين ابن مصعب الهمداني الكوفي و ابن منعم الحابس، ولم يرد لهما توثيق. اما الدلالة فهي قريبة عما نحن فيه لانها ماتت بسبب هجمة المسلمين على الاعداء حيث هزموا، وما نحن فيه يقتل الترس وهو غير مقصود بل انما يقتل من خلال قتال المسلمين الأعداء.

3- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّ مَا أَخْطَأَتِ الْقُضَاةُ فِي دَمٍ أَوْ قَطْعٍ فَعَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.[8]

(الكافي ج‌7 ص 355). السند فيه ابومريم هو ‌عبد الغفار بن القاسم، قال فيه النجاشي: (بن قيس بن قيس بن فهد ابو مريم الانصاري روى عن ابي جعفر وابي عبد الله ثقة). فالسند صحيح وخطاء القضاة في الحكم يشبه بما نحن فيه بل ما نحن فيه اولى بالدفع من بيت المال، لأن هناك حصل خطاء من القاتل او من امر بالقتل ولم يكن بامر الامام بل كان بزعم انه مامور به وما نحن فيه كان القاتل قائم بواجبه من دون خطاء والفعل الذي فعله كان مأموراً به.

6- عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّوْفَلِيِّ عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَيْسَ فِي الْهَائِشَاتِ عَقْلٌ وَ لَا قِصَاصٌ وَ الْهَائِشَاتُ الْفَزْعَةُ تَقَعُ بِاللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فَيُشَجُّ الرَّجُلُ فِيهَا أَوْ يَقَعُ قَتِيلٌ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ وَ شَجَّهُ وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ آخَرَ يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَوَدَاهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.[9] السند موثق والدلالة واضحة

2- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ قَالَ: فِي رَجُلٍ كَانَ جَالِساً مَعَ قَوْمٍ فَمَاتَ وَ هُوَ مَعَهُمْ أَوْ رَجُلٍ وُجِدَ فِي قَبِيلَةٍ أَوْ عَلَى بَابِ دَارِ قَوْمٍ فَادُّعِيَ عَلَيْهِمْ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْ‌ءٌ وَ لَا يَبْطُلُ دَمُهُ.

3- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ‌ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ بِأَرْضِ فَلَاةٍ أُدِّيَتْ دِيَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع كَانَ يَقُولُ لَا يَبْطُلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ.( الكافي (ط - الإسلامية)، ج‌7، ص: 356‌)

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo