< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/06/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الدية لقتل الترس المسلم

انتهينا من البحث حول الدية لقتل الترس المسلم، و ثبت انه ليس دية على القاتل لكنّها انما تكون على الامام و في بيت المال ولا يذهب دم المقتول هدراً، خلافاً لما هو مشهور عند فقهائنا و بقي علينا البحث في كفارة القتل هل هي على عهدة القاتل او على عهدة بيت المال او هي ساقطة في قتل الترس المسلم؟ قال المصنف: (و لا يلزم القاتل دية و يلزمه كفارة و في الأخبار و لا الكفارة)[1] .

إن مشهور الفقهاء اختاروا وجوب الكفارة حتى نُفي الخلاف في المسألة، واستدل على وجوب الكفارة بقوله تعالى: " فَإِنْ كٰانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ" [2] فان مفروض الآية كون المقتول مؤمناً من قوم عدو، و في ما نحن فيه الترس مؤمن في احضان العدو، وقد اُشكل على هذا الاستدلال بان الآية واردة في قتل الخطاء، وقتل الترس قتل عمدٍ. و أجيب عن ذالك

أولاً: بان القاتل فيما نحن فيه لم يكن قاصداً لقتل المؤمن وانما كان هدفه قتل الكافر فهو محكوم بحكم الخطاء

ثانياً: أن هذا القتل كان مأذونا فيه شرعاً فلم يعتبر عمداً.

و قد رجح الشهيد هذا القول في المسالك ولكنه يقول: (هي من بيت المال لانه من المصالح بل أهمها و لأنّ في إيجابها على المسلم تخاذل المسلمين عن حرب المشركين، حذراً من الغرم. واليك نص كلامه:

وقال في المسالك تعليقاً على كلام المصنف: (لا إشكال في وجوب الكفّارة، لأنها تجب مع الخطأ في نحو هذا الباب، كما دلّ عليه قوله تعالى: "فَإِنْ كٰانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ" . و إنّما الكلام في كونها كفّارة الخطأ عملاً بظاهر الآية، و نظراً إلى أنّه في الأصل غير قاصد للمسلم، و انّما مطلوبه قتل الكفّار فلم يجعل عامدا؟ و أنّ هذا القتل لمّا كان مأذونا فيه شرعا و مأمورا به، لم يكن عمداً، أو نجعله كفّارة العمد نظرا إلى صورة الواقع، فإنّه كان متعمّداً لقتله، و أنّ الآية إنّما وردت في من قتل المسلم خطأ. و لعلّه أوجه. و ينبغي أن يكون من بيت المال، لأنّه من المصالح، بل من أهمّها).

وقال صاحب الجواهر تعليقاً لكلام المصنف: (كما صرح به الفاضل و الشهيدان و غيرهم، بل نفى الإشكال فيه ثانيهما كما عن غيره نفي الخلاف، و لعله كذلك و إن قال المصنف في النافع: «و في الكفارة قولان» بل ظاهره التردد كالتحرير، إلا أنا لم نتحققه)[3] .

و قيل انه لا كفارة لعمل القاتل فيما نحن فيه لان الكفارة جعلت لتغطية الذنب و فيما نحن فيه كان القاتل مأذونا في القتل فلم يذنب حتى أوجب عليه الكفارة، فليست الكفارة لا عليه ولا على بيت المال. ولو شككنا في الحكم فالمرجع أصالة البرائة من الكفارة. مضافاً إلى خبر حفص حيث نفى الدية والكفارة معاً.

و قد أجيب عن ذالك بان وجوب الكفارة ليس ملازماً للذنب، فان قاتل الخطاء ايضاً لم يرتكب ذنباً ولا شك في وجوب الكفارة عليه، لتصريح الآية به و خبر حفص ليس حجة لضعف سنده ومخالفة المشهور لمضمونه.

وقد استدل صاحب الجواهر على وجوب الكفارة فيما نحن فيه (بفحوى قوله تعالى: "فَإِنْ كٰانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ" و عموم ما دل على وجوبها). والمراد من الفحوى اولوية ما نحن فيه بوجوب الكفارة لان الآية وردت في قتل الخطاء وما نحن في يكون قتل عمدٍ، فهو اولى بوجوب الكفارة، ثم اختار صاحب الجواهر وجوب الكفارة، ولكن على بيت المال، جمعاً بين ما يدل على وجوب الكفارة في القتل وفحوى الآية الكريمة من جانب، وبين لحاظ كونه مأذوناً وما ورد في خبر حفص ولحاظ عدم تخاذل المسلمين لخوف المقاتل عن الغرامة.

ولكن يمكن لنا أن نقول أن الآيات الكفارة وردت في القاتل عِداءً أو خطاً ومانحن فيه ليس شيئاً منهما، بل هو قتل عامد مأذون فيه، للحصول على الانتصار فلا تشمله الادلة. واما فحوى الآية كذالك غير مقبول. لان القاتل خطأً ارتكب شيئاً لم يكن فيه اذن من الشارع فالكفارة ان لم يكن لذنب ارتكبه ولكنه لغفلة صدر منه. بخلاف ما نحن فيه فان القاتل إمتثل أمر الشارع و أصاب، ولا يقاس الكفارة بالدية فان الدية حق الناس، والكفارة حق الله والدية مجعولة لجبر الخسارة الواردة على اولياء المقتول والكفارة اما مجازاة للذنب واما تنبيه للغافل واين هذا مما نحن فيه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo