< قائمة الدروس

الأستاذ السيد مجتبی الحسيني

بحث الفقه - کتاب الجهاد

37/08/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الطرف الثالث - الذمام

جاء المحقق في القسم الأخير من مبحث الذمام بفرع آخر فقال: (و لو أسلم الحربي و في ذمته مهر لم يكن لزوجته مطالبة و لا لوارثها و لو ماتت ثم أسلم أو أسلمت قبله ثم ماتت طالبه وارثها المسلم دون الحربي‌).[1]

في هذه المسألة التي يكون الكلام فيها في زوجين حربيين لم يُسَلِّم الزوج مهر زوجته حالات:

الأولى : أن أسلم الزوج دون الزوجة وهي في قيد الحياة فليس لها مطالبة المهر من زوجها لأنها حربية مهرها في ذمة زوجها فبمجرد اسلام الزوج يجوز له ان يمتلك مال الحربي والذمة بمنزلة المقبوض فيملكها الزوج المسلم.

الحالة الثانية : نفس الفرض وهي تموت فليس لوارثها طلب المهر من الزوج ولو كان مسلماً لأن الزوج تملكه بمجرد اسلامه وهي حربية في قيد الحياة فعند موتها لم يبق لها شيء حتى تورّثها لورثتها.

الحالة الثالثة : هي ما اذا سبق موت الزوجة على اسلام الزوج يجوز للوارث اذا لم يكن حربياً ، سواء كان مسلماً او مشركاً مهادنا او مستأمناً او كتابياً ذمياً، مطالبة المهر من الزوج لأنها حين ماتت كان لها المهر في ذمة زوجها و ورّثها ورثتها حينه، فاستقر هذا المهر على ذمة الزوج لورثة الزوجة والمفروض ان الورثة ليسوا من أهل الحرب فيجب دفع حقهم اليهم.

الحالة الرابعة : أن الزوجة اسلمت قبل اسلام الزوج ثم ماتت فهي ورّثت لورثتها المهر فلهم أن يطلبوه من الزوج سواء كان الزوج مسلماً أو لم يكن، نعم اذا كان الوارث مشركاً فللزوج المسلم ان يمتلك المهر.

وهناك قول آخر وهو التفصيل بين ما اذا كان ذمة المسلم اشتغلت للحربي بغير عقد كأتلاف للمال او غصب او ما شابه ذالك مما حصل بغير التراضي والاستئمان، فللمسلم أن لا يؤديه، و أمّا ما ثبت في ذمّته بالاستئمان، كالقرض و ثمن المعاوضات، فإنّه يبقى في ذمّته لشبهة الأمان، و إن لم يكن وقع صيغة أمان. وما نحن فيه من قبيل الثاني فإن عقد الزواج من قبيل البيع والشراء والمصالحة، فيجب عليه الدفع ولو كان الدائن حربياً. لأن عدم الأداء خيانة وغلول. قال تعالى: " وَ إِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَ آتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبيناً . وَ كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى‌ بَعْضُكُمْ إِلى‌ بَعْضٍ وَ أَخَذْنَ مِنْكُمْ ميثاقاً غَليظاً .[2]

قد ختم المصنف هذا الفصل بخاتمة فقال: (خاتمة فيها فصلان:

‌الأول : يجوز أن يعقد العهد على حكم الإمام أو غيره ممن نصبه للحكم ‌و يراعى في الحاكم كمال العقل و الإسلام و العدالة و هل يراعى الذكورة و الحرية قيل نعم و فيه تردد و يجوز المهادنة على حكم من يختاره الإمام دون أهل الحرب إلا أن يعيّنوا رجلا يجتمع فيه شروط الحاكم و لو مات الحاكم قبل الحكم بطل الأمان و يُردّون إلى مأمنهم و يجوز أن يسند الحكم إلى إثنين و أكثر و لو مات أحدهم بطل حكم الباقين و يتبع ما يحكم به الحاكم إلا أن يكون منافيا لوضع الشرع و لو حكم بالقتل و السبي و أخذ المال فأسلموا سقط الحكم في القتل خاصة لا في المال و لو جعل للمشرك فدية عن أسراء المسلمين لم يجب الوفاء لأنه لا عوض للحر‌)

أما جواز التحكيم فقد ورد من الفريقين روايات تدل عليه مضافا إلى انّ قوله تعالى: "فإن جنحوا للسلم فاجنح لها" وغيرها من النصوص التي تدل على جواز الدخول في المفاوضات ولم يقيد بشيء والتحكيم من الطرق الشائعة للوصول إلى الصلح او وقف الحرب، و ‌في ما ورد في التاريخ (أن النبي صلى اللّٰه عليه و آله لما‌ حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأجابهم صلى اللّٰه عليه و آله إلى ذلك، فحكم عليهم بقتل رجالهم و سبي ذراريهم، فقال له النبي صلى اللّٰه عليه و آله لقد حكمت بما حكم اللّٰه تعالى به فوق سبعة أرفعة أي سبع سماوات)

و في‌خبر مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللّٰه عليه السلام في وصية النبي صلى اللّٰه عليه و آله لمن يؤمره على سرية: "و إذا حصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللّٰه تعالى فلا تنزلهم، و لكن أنزلهم على حكمكم، ثم اقض فيهم بعد بما شئتم، فإنكم إن أنزلتموهم على حكم اللّٰه لم تدروا تصيبوا حكم اللّٰه فيهم أم لا و إذا حاصرتم أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على ذمة اللّٰه و ذمة رسوله فلا تنزلهم و لكن أنزلهم على ذممكم و ذمم آبائكم و إخوانكم فإنكم إن تخفروا ذممكم و ذمم أبنائكم و إخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمة اللّٰه و ذمة رسوله»[3] فهذه الرواية تدل على جواز التحكيم وانه بحكم الحاكم.

ثم بالنسبة إلى شرائط الحاكم فكونه عاقلاً مسلماً عادلاً فهي من الشروط العامة وانما الاختلاف في لزوم الذكورة والحرية، فاستدلوا على اشتراطهما اولاً بقصور المرأة والعبد عن مثل هذه المناصب ، و ثانياً على ظهور قوله صلوات الله عليه: "انزلوهم على حكمكم" في الرجل الحر دون المرأة والعبد. وقد أشكل على ذالك بأن المفروخ حكمية مرأة لها الكمال والحكمة و كم من نساء لهن من الذكاء و العقل ما قل مثله في الرجال وكذالك العبيد فيهم من كان أعقل من مولاه وقد خرج منهم علماء وحكماء، وأما قوله عليه السلام الزموهم على حكمكم سياقه كسياق أكثر الخطابات الشرعية التي تكون الضمير المخاطب مذكرا والمقصود منها المكلفون سواء الذكور والاناث ولذا يقولون ان ضمير المذكر للاعم منه الا اذا اقترن بقرينة خصته بالرجال.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo